ميرا.. ماذا بعد؟
اسجل احتجاجي واعتراضي على رواية «ميرا « ليس لاسباب دينية واجتماعية.
الادب ما كان يوما رهينا للنقد الديني والاجتماعي.
و ان رهن الادب في طوق سلطة الدين والاجتماع افلس، وتحول الى وعظ وارشاد، وخطاب منابر.
ولكن من نافل القول ان «ميرا « تصنف رواية، وتندرج ادبيا تحت عنوان رواية ادبية.
و قد بلغنا ذروة العقم والبلادة الذهنية وقلة الذوق، وصراحة الذوق العام بازمة، وازمة مستفحلة، ماذا نقرأ وماذا نسمع، وماذا نرى على شاشات التلفزيون والسوشل ميديا ؟!
قرأت صفحات من رواية «ميرا «، وسمعت الجدل العام حول الرواية، والمطالبة بسحبها، واعتذار وزارة الثقافة ومحاسبة المسؤولين المتورطين، وغيرها من خطب النواب ومؤثري الرأي العام الجاهزة والمعلبة، ومن يصنفون انفسهم حراسا للفضيلة والاخلاق العامة.
ورواية «ميرا «، وهنا اضع كلمة رواية بين قوسين، واسقاطها تحت الاتهام نقديا وادبيا.. فاكثر ما هو غريب ان يسمى كلام فارغ وبائس لغويا رواية ادبية.
و تجسيد وكتابة كاذبة وفارغة انه سرد روائي وحبكة وحوار، وهي عناصر البناء الروائي.. في الاردن اول واخر الروائين هما تيسير السبول وغالب هلسا، ومن بعدهما الرواية الاردنية اصيبت بعقم، وما ينجب من وروايات تصنف اعتباطا ودون مراجعيات قرائية نقدية باعمال ادبية روائية.
في «ميرا « فقر لغوي مدقع، وترميز غبي وسطحي لمفهوم الجنس.. واستعراض ارعن للغرائبية والشهوانية، واحتيال على الشهوة والرغبة والتابو الديني والاجتماعي.
هناك من يحاول ان يمتطي تابوهات الدين والجنس والسلطة، وليقفز عبرهم الى الجماهيرية ومن باب الاثارة العامة.. وتوظيف الجنس واثارته، وتسليع قضية المرأة وجسدها.
«ميرا « اعتداء على الذائقة والخيال العام.. وهي جريمة لا تغتفر بحق الثقافة الاردنية.. وجريمة بحق الكتابة، وجريمة بحق فكرة الحرية، وتدنيس للرغبة الجنسية.
ندافع عن الحرية باعلى السقوف الممكنة والمتاحة في مجتمعنا ابداعيا وسياسيا.. وفي اطار الممارسة والسلوك، وعلى مستوى حريات شخصية وتعبير وكتابة ونشر، وحقوق فردية.
تستحق «ميرا « تشريحا دقيقا في الشكل والمضمون وما وراء الكاتب والكتابة.. توظيف هزيل للجنس، ومهزلة ردئية في مفهوم الرغبة والاخر.. وطرح الرواية للتداول العام وطباعتها ونشرها على نفقة خزينة الدولة.
«ميرا « ظاهرة في الرداءة العامة التي تغزو بلادنا بالفن والثقافة والسياسة والاعلام.. هذا المكتوب البذيء لا يقل رداءة وابتذالا عن خطب يومية رنانة نسمعها، ولا يقل ايضا انحطاطا ومساخة عن خطاب سائد في المجال العام.
البؤس الحقيقي يتجلى في نشر» ميرا « وتوزيعها على المكتبات وترويجها انها عمل ادبي روائي. وذروة البؤس ان تعرف حرية الكتابة والتعبير بانها فعل مخالف للحياء والذوق العام، وكم هي مهزلة ومصيبة !
الحرية، ولا تعني شتم الوطن وشتم وازدراء الدين.. قبل اسبوع ناشط سوشل ميديا يشتم ويسب سيدنا محمد. وطبعا، الناشط يبحث عن شهرة وشعبوية وجماهيرية، وبعدما ثار الرأي العام، قدم اعتذارا وكرر تقديم الاعتذار، وحصد الناشط مئات الاف المتابعين الذين انجروا وراء متابعته مخدوعين.
تدخلت وزارة الثقافة، ورد الوزارة على اجازة نشر وطباعة الرواية جريمة اكبر.. وحاولت ان اقلب الموضوع الذي بات اليوم قضية رأي عام يمنيا وشمالا، ولا اقول انها مجرد غلطة وتمر، ولكن افتراض حسن النية جريمة العن واخطر.
كنت اتمنى لو ان ناقدا او باحثا ادبيا خرج ليقول للاردنيين عن حقيقة «ميرا « الادبية. «ميرا « لا يكفي سحبها من رفوف المكتبات، ولا يكفي محاسبة من اجاز الطباعة والنشر، وبلا شك هناك مؤامرة واستهداف للذائقة العامة، ومحاولة لافقار عقول الاردنيين كما افقروا جيوبهم وبطونهم وعيشتهم.
مرة اخرى نجح صناع الفضائح بانتاج بلاهة تلهي الاردنيين عن قضاياهم الوجودية والمصيرية الحقيقية.. وزيرة الثقافة باقية في موقعها ولن تستقيل، ومن سمحوا بنشر وطباعة « ميرا « لن يحاسبوا، و»ميرا» قد تكافأ وتنال اوسمة بالنضال السياسي الاستهلاكي الجديد في زمن قضايا المثليين جنسيا تتصدر اوسمة النضال الحقوقي، فماذا بعد ؟ّ