لهذه الأسباب الذهب مرجح للارتفاع نهاية العام المقبل

م. مهند عباس حدادين
مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/30 الساعة 00:38

يعتبر الذهب أحد أهم ثلاثة مرتكزات من الأصول الأكثر تأثيراً في الأسواق المالية وجذباً للمستثمرين في الوقت الحالي وهذه الأقطاب هي: الذهب والنفط والدولار.

يرتبط الذهب بشكل عام بعلاقة عكسية مع الدولار (إذا ارتفع سعر الدولار انخفض سعر الذهب) ويرتبط الذهب بعلاقة طردية مع النفط (إذا ارتفع سعر النفط ارتفع سعر الذهب), وهاتان القاعدتان لا تنطبقان أحياناً في ظل متغيرات سياسية واقتصادية عالمية تؤثر عليها.

تبلغ إحتياطات البنوك المركزية في العالم من الذهب 1.35571 طن, حيث جاءت الولايات المتحدة في المرتبة الأولى عالمياً باحتياطيات بلغت 8133.5 طن, تليها ألمانيا 3359.1 طن, ثم إيطاليا 2451.8 طن, والطلب يزداد على الذهب سنوياً للبنوك المركزية العالمية في ظل الظروف الحالية, حيث تحتفظ به هذه البنوك كمستودع للقيمة كتحوط من حرب عملات على خلفية حروب لأن كل الأطراف تتعامل به كمدفوعات محايدة, وضمان لتخليص الوعود للدفع للمودعين وحاملي الأوراق المالية أو أقرانهم التجاريين.

لقد استخدمت دول العالم في المعاملات التجارية بينها معيار العملات المعدنية من الذهب والفضة والبرونز بحيث تحمل هذه العملات قيمتها الحقيقية, أو الورقية بحيث يؤمن غطاء لها من الذهب حسب قيمتها كل ذلك كان قبل نظام "بريتون وودز" عام 1944, وعندما فرض نظام "بريتون وودز" هيمن الدولار الأميركي الذهبي على احتياطات البنوك المركزية العالمية, والذي فرض على كل دولة عضو فيه أن تحدد قيمة تبادل عملتها الوطنية بالنسبة للذهب أو بدولار الولايات المتحدة على أساس الوزن والعيار (1 دولار =0.88671 غرام من الذهب الصافي), أي أصبحت الأونصة تساوي 35 دولارا مع السماح بقيمة لهامش في الصرف, وأصبح الدولار العملة الرئيسية الاحتياطية للبنوك المركزية بنسبة وصلت إلى 59% من باقي العملات العالمية.

في عام 1971 وبالتحديد 15 آب أعلن الرئيس الأميركي نيكسون وقف تبديل الدولار إلى ذهب وتم تعديل نظام "بريتون وودز" مع ظهور اقتصادات أوروبا واليابان مما أدى إلى إلغاء آلية ثبات سعر صرف العملات عملياً وبدأت مرحلة التعويم, وتضمن ذلك تعامل دول أوبك النفطية بالدولار لغاية تاريخنا هذا.

من خلال سرد تاريخ الذهب وعلاقته بالاحتياطات للبنوك المركزية لغاية الآن, ومع دخول العالم بضبابية كثيفة تجاه مستقبل العالم الاقتصادي وخصوصاً بعد جائحة كورونا ودخول الحرب الروسية الأوكرانية شهرها العاشر والتضخم العالمي غير المسيطر عليه وشبح الركود في العام القادم وغير ذلك, سيجعل العالم يتجه إلى الذهب كملاذ آمن وخصوصاً لاحتياطيات البنوك المركزية وذلك إذا تغير المشهد الاقتصادي العالمي في العام القادم 2023 بالمعطيات التالية التي ستدفع بارتفاع الذهب بشكل ملموس وهي:

1) ظهور قطب آخر وهو قطب تحالف البريكس الاقتصادي ومنظمة شنغهاي للتعاون وزيادة عدد الدول التي ستنضم لهم مستقبلاً, وخصوصاً النفطية منها وقيامهم بصك عملة جديدة منافسة للدولار أو بيع النفط بعملات أخرى غير الدولار , سيجعل منه في هذه الحالة عملة أقل احتياطاً عالمياً, فمن الممكن أن ينخفض الاحتياطي العالمي للدولار ليصل إلى دون 40% وهذا يؤدي إلى انخفاض في سعره والتخلص منه تدريجياً ومزيد من شراء الذهب, لتتمكن دول القطب الجديد من شراء العملة الجديدة أو شراء العملات الأخرى البديلة في التعاملات النفطية والمبادلات التجارية بينها.

2) في حالة فشل الولايات المتحدة الأميركية في السيطرة على التضخم والزيادة في رفع أسعار الفائدة على الدولار أكثر من 4% في العام القادم, سيدخِل العالم إلى ركود تضخمي وكساد يؤدي إلى مزيد من التعقيدات الاقتصادية العالمية مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الذهب لزيادة الطلب عليه كملاذ آمن.

3) عدم قدرة دول العالم على سداد ديونها ومن ضمنها الولايات المتحدة, والذي بلغ دينها هذا العام 31.8 ترليون دولار, أو قيام دول مثل الصين ببيع أذونات وسندات الخزانة الأميركية لديها دفعة واحدة, مما يؤدي إلى الانخفاض المفاجئ بقيمة الدولار ويدفع العالم إلى حيازة الذهب.

4) دخول الحرب الروسية – الأوكرانية بتعقيدات جديدة يؤدي إلى توسع رقعة الحرب لتشمل دولاً أخرى مثل حلف الناتو ودول آسيوية أخرى, سيؤدي إلى الطلب على الذهب كملاذ آمن لعدم توقع نتائج الحرب.

مما سبق يجب على الدول أن تتوقع جميع الاحتمالات للفترة المقبلة لضمان عدم تأثر اقتصادها ونشاطاتها التجارية المحلية والخارجية ضمن توازن وسياسات نقدية وتحوطات مستقبلية آمنة.

mhaddadin@jobkins.com

مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/30 الساعة 00:38