مستقبل النفط يتحدد الشهر القادم

م. مهند عباس حدادين
مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/25 الساعة 14:23
تتجه الأنظار إلى إجتماع الغرب في الخامس من كانون الأول القادم ممثلين بـ G7 (الولايات المتحدة, المملكة المتحدة،ألمانيا،فرنسا،إيطاليا، كندا واليابان) وبعض من حلفائهم بقرار يعتقدون أنه سيكون الصفعة الكبرى للإقتصاد الروسي، وهذا القرار التاسع من قرارات العقوبات الإقتصادية على روسيا نتيجة الحرب التي تشنها على أوكرانيا، حيث أن جميع قرارات العقوبات السابقة لم تحدث الفارق بل أن بعضها جاء عكسياً على مجريات الحرب.
إن ما يُخطَط له من قبل G7 هو اللعب على ملف النفط الروسي الذي هو عصب الإقتصاد لديها, والذي تُنتج منه روسيا اليوم أكثر من 10 مليون برميلاً يومياً وتُعتَبر روسيا ثالث مُنتج للنفط في العالم بعد الولايات المتحدة والسعودية, وبإعتقاد G7 أنه الممول الوحيد للروس في حربها على أوكرانيا, حيث ستُقرر G7في إجتماعها وضع سقف أعلى لسعر النفط الروسي الذي تبيعه للعالم, ليصبح سعره بين 60 إلى 65 دولاراً للبرميل الواحد, وسنتناول في هذه المقالة نتائج هذا القرار على روسيا وعلى العالم.
قبل الخوض في هذا التحليل دعونا نستعرض بإختصار شديد الوضع العسكري والسياسي للحرب, من الناحية العسكرية تستمر الضربات الصاروخية الروسية للبُنية التحتية للمدن الأوكرانية, وخصوصاً محطات توليد الطاقة والتدفئة وخطوط الإمداد رداً على الهجمات الأوكرانية في العُمق الروسي, في حين تتمركز القوات الروسية وتحصن دفاعاتها في المقاطعات الأربع التي ضمتها لها وتُعيد إنتشار قواتها وتعزيزها من قبل قوات الجيش الذي إستدعته, أما الجانب الأوكراني فقد أصبح يُعاني من نقص في منظومات الدفاعات الجوية، حيث يُخطط للقيام بعمليات نوعية في العُمق الروسي لتُحدث الفارق.
بالنسبة للجانب السياسي, لا زال الضغط الكبير من الشارع الأوروبي على الحكومات الأوروبية نتيجة الإرتفاع في أسعار الطاقة وقلة مصادرها إضافة إلى أسعار السلع المتزايدة, أما بالنسبة إلى الولايات المتحدة التي قد توقف الدعم لأوكرانيا نتيجة ضغط الجمهوريين على بايدن بعد التغييرات المُقبلة في مجلس الشيوخ والنواب، إضافة إلى الدعوات الخجولة لفتح بعض قنوات الإتصال من قِبل الطرفين وحلفائهم للجلوس على طاولة المفاوضات.
لنعود إلى ما سيؤول إليه الإجتماع القادم, إن النتيجة الإيجابية الوحيدة التي ستتحقق من القرار وستكون سلبية على روسيا حسب وجهة نظر دول G7, هي الإنخفاض في الدخل المُتأتي من النفط بمقدار 25%-30% وهذا سينعكس على القدرة العسكرية الروسية في الحرب من خلال التمويل وإستمراريتها, مما يؤدي إلى تخفيض في الموازنة الدفاعية للعام القادم والذي تنوي روسيا رفعها.
أما تحليلي الخاص فإن الإقدام على وضع سقف أعلى لسعر النفط الروسي سيؤدي إلى :
أولاً: الإرتفاع غير المُبرر للنفط العالمي لإحجام روسيا عن تصدير نفطها لبعض الدول التي تتخذ قرارات ضدها في الحرب، وخصوصاً إذا أقدمت دول أوبيك بلس في إجتماعها القادم إلى إحداث مفاجأة ثانية, وذلك بتخفيض إنتاجها بمليوني برميل، مما يؤدي الإرتفاع بأسعار النفط لتصل بين 120-150 دولار للبرميل.
ثانياً: ستكون هناك ردة فعل روسية، قد تُغلق إمدادات الغاز عبر أوكرانيا كلياً إلى أوروبا الشرقية وهذا سيؤدي إلى نتائج كارثية على الدول المستفيدة من هذا الغاز وخصوصاً في فصل الشتاء القارص.
ثالثاً: إشتعال السوق السوداء حيث ستقوم الدول الحليفة لروسيا أو المحايدة لها في الحرب بشراء النفط الروسي بسعر رخيص وبيعه بالسوق السوداء بسعر مرتفع, ومن الممكن أن يكون ذلك بالإتفاق من روسيا نفسها.
رابعاً: الوضع الجديد لن يضُر بروسيا كما تتخيله G7, لأن روسيا تُنتج 10 مليون برميل يومياً وتبيع الصين والهند قرابة 4 مليون برميلاً يومياً بسعر تفضيلي يقارب 60 دولار، غير عن الكميات الإخرى المباعة بنفس السعر لدول أوروبية أخرى, فأسوأ الإحتمالات سيؤدي هذا القرار إلى تقليص الأرباح النفطية الروسية بحدود 10-15%
فهل هذا الإجراء من قبل G7 والذي سيؤدي إلى ضبابية بأسعار النفط العالمي سيكون ناجحاً؟
الخبير الإستراتيجي في المجال السياسي والإقتصادي والتكنولوجي
* رئيس مجلس إدارة شركة جوبكينز
mhaddadin@jobkins.com
مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/25 الساعة 14:23