حياء

عبدالهادي راجي المجالي
مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/24 الساعة 02:04

كنا في المقهى نتابع مباراة تونس..

معي على الطاولة: صبحي, أبو محمود, أبو زكي, وخليل..

في الطاولة المجاورة جلست: تالا, نانسي, تمارا ..الخ

لا افهم لماذا تكثر الانفعالات النسائية لدينا وبالتحديد في بطولات كأس العالم, هذه كرة قدم من الممكن أن تنفعل بحدود المعقول وتتفاعل مع الحدث دون أن تلفت انتباه الموجودين وبالتحديد (ابو زكي).. والذي تأثر بانفعالات تالا كثيرا, وصار بدلا من نفث رذاذ سيجارته في المنفضة, صار يلقيها في فنجان قهوتي..

على كل حال, تالا قفزت لفرصة تونسية وارتطم رأسها بشباك المقهى.. تالا (انفشخت), وبدلا من الاهتمام بالمباراة, تحول المقهى كله للاهتمام (بفشخة) تالا, بمن فيهم أبو زكي..

لماذا تنفعل النساء إلى هذا الحد؟ أنا لا أعرف هل هو تشجيع لكرة القدم.. أم أنه يأتي في اطار الاستعراض, أنا شاهدت انفعالات نسائية.. اتذكر يوم توفي (أبوعلي) جارنا, تجمعت النسوة من كل حدب وصوب, وكانت نوبة البكاء والعويل ممتدة دون انقطاع, وفي النهاية انفض العزاء وعادت جميع النسوة إلى مرابضهن.. الدبابات في الحرب وحين تنتهي المعارك يقولون إنها عادت لمرابضها, اتذكر (ام يعقوب).. لم تستطع النهوض وتجمعنا نحن الصبية لمساعدتها على الأمر.. كانت مثل دبابة أنهت معركة شرسة, وبانتظار العودة للصيانة وتحميل الذخيرة.

التلفاز عرض القطريات, كلهن لوحن بعلم الدولة القطرية.. لم تعرض الجزيرة قطرية منفعلة.. لم تعرض (نطنطة).. والسعوديات لم أشاهد ملمح واحدة منهن في المباراة التي هزمت بها الأرجنتين.. تنفعل بالشكل الذي تنفعل به الصبايا هنا في المقاهي..

المهم أن تالا (انفشخت), وأبو زكي عرض المساعدة, قال للقرصون: (جيبوا قهوة).. يريد أن يضع في الجرح قهوة, وأنا قلت لأبي زكي من قبيل الوقار الذي يجب أن يتحلى به الرجال في اللحظات الصعبة: (عيب عليك أبو زكي استحي ع دمك)..

تعلمنا في طفولتنا من ورق الجرائد, ومن الكتب.. من تراب الكرك ورمانها, تعلمنا في صبانا من النسمات السكرى التي تهب على الجنوب.. أن الحياء على وجه أنثى أجمل من الذهب وأجمل من الألماس.. وأجمل من وطن تمنعت عنك خيراته, وأجمل من غيمة ظللت بدويا في ترحاله..

تعلمنا أن أثمن رصيد للأنثى هو الحياء..

abdelhadi18@yahoo.com

مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/24 الساعة 02:04