وزارة الاستثمار.. الدعم المطلوب
لا يوجد شعار اقتصادي حظي بما حظي به من اهتمام إعلاميّ وكان على الدوام على رأس أولويّات الخطاب الرسميّ للدولة بمختلف مستوياتها مثلما هو الحال مع الاستثمار الّذي لم يخل أبداً من سياسة أو خطّة حكوميّة، ورغم كلّ ذلك لا تسير الأمور أبداً بالشكل المطلوب وبالسرعة المستهدفة، ممّا يؤكّد وجود خلل في المنظومة الرسميّة للاستثمار، وآليّات التعامل معها، بدليل التعدّد السريع في تغيير من استلموا ملفّ الاستثمار سواء أكانوا من وزراء أو مسؤولين في وقت ما كانت تحت مسمّى هيئة أو مؤسّسة للاستثمار.
لا أعتقد شخصيّاً أنّ من تولّى مسؤوليّة هذه الحقيبة هم من الأشخاص غير المؤهّلين لها علميّاً، فغالبيّة من كان بالمشهد هم أشخاص من أصحاب الكفاءات وحملة شهادات عليا، والكلّ كان متحمّساً للعمل، إلّا أنّه يخرج بعد أشهر قليلة بخيبة أمل، فما الّذي حوّل هؤلاء من متحمّسين إلى عاجزين عن تحقيق ما خطّطوا وتحمّسوا له؟
وزارة الاستثمار وقبلها هيئة الاستثمار ومؤسّسة تشجيع الاستثمار كلّها عناوين واحدة لمؤسّسة واحدة، تمّ تصنيفها بالقانون أنّها هي مرجعيّة العمليّة الاستثماريّة في الدولة، وهي المسؤولة عن ذلك وعن الترويج أيضاً، حتّى بالقانون الجديد وإن كان انتزع منها صلاحيّات الإعفاءات لصالح لجنة وزاريّة إلّا أنّه أبقاها بوصفها المرجعيّة الوحيدة للاستثمار في المملكة، ومع كلّ التأكيدات القانونيّة وغير الرسميّة من مكتب رئيس الوزراء لكافّة الوزارات والمؤسّسات العاملة في الدولة للتعاون مع وزارة الاستثمار وتوحيد كلّ الجهود الاستثماريّة لتصبّ فيها، إلّا أنّ التشابك الوزاريّ بين المؤسّسات والوزارات مازال قائماً ومسيطراً على المشهد العامّ للاستثمار في كلّ الوزارات بلا استثناء.
كلّ وزارة ما زالت تمارس عملها الاستثماريّ وتروّج ما لديها من فرص استثماريّة وحدها بمعزل ليس فقط عن وزارة الاستثمار بل عن منظومة الاستثمار برمّتها، وكأنّ الوزارات تعيش أو تعمل كلّ واحدة منها في جزيرة منعزلة عن الأخرى.
الأمر لم ينته عند هذا المشهد المؤسف، بل باتت وزارة الاستثمار مركّزاً لصراع الصلاحيّات بين السادة الوزراء، خاصّة وأنّها وزارة وليدة وأنظمتها الإداريّة وصلاحيّاتها القانونيّة لم تحدّد بشكل واضح .
هذه الوزارة محاربة من قبل الحكومة ذاتها وتحديداً من الوزراء الّذين يرفضون التنازل عن أيّ صلاحيّات استثماريّة تمتلكها وزاراتهم، ويحاصرون وزارة الاستثمار بكلّ ما أوتوا من قوّة، لدرجة أنّها تتحوّل فعليّاً من وزارة معنيّة بالعمليّة الاستثماريّة إلى مكتب لتلقّي الشكاوى لا أكثر دون صلاحيّات منها أو متابعة حتّى، فهي لا تمتلك أيّ أدوات لتغيير المشهد.
تغيير المشهد ليس بتلك الصعوبة، فالأمر بسيط للغاية، فمجلس الوزراء مطالب بتفعيل دور هذه الوزارة ومنح صلاحيّاتها بالكامل وتوجيه كلّ الوزارات لتحويل ملفّاتهم الاستثماريّة لوزارة الاستثمار فقط دون غيرها، ليتسنّى لها وضعها في خريطة استثماريّة تكون عنواناً استثماريّاً رئيسيّاً للمملكة في حملاتها الترويجيّة بدلاً من عمليّات القطعة الّتي يجري التعامل معها في الوقت الراهن.
مسؤوليّة رئيس الوزراء هذه المرّة ستكون أساسيّة في ضبط المشهد وإعادة التوازن في العمليّة لاستمراريّة لنصابها حتّى ينجح العمل في تنفيذ القانون الجديد للاستثمار بالشكل الصحيح والمطلوب، فمتابعته لكيفيّة تعاون الوزارات مع الاستثمار وتوجيهه لهم بالشكل الصحيح والرشيد، كفيل بدفع عجلة الاستثمار للإمام، وغير ذلك ستبقى الوزارة “محلّك سرّ “.