هل تُنفِّذ 'تُركيا' تهديداتها بـِ'عملية برّيّة'.. لـِ'الشمال السورِيّ'؟
مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/23 الساعة 10:44
مناخات وأجواء ميدانية وخصوصا سياسية جديدة, أفرزتها عملية "المخلب السيف", التي نفّذها سلاح الجوي التركي (50 طائرة حربية و20 طائرة مُسيّرة) في الشماليْن السوري والعراقي. كانت على درجة عالية من العنف والتدمير والشمولية. بمعنى طالت مساحات واسعة من القرى والبلدات ذات الكثافة السكانية الكردية/ والعربية أياً، زُعمَ انها ردٌ على عملية شارع الاستقلال في اسطنبول, بعدما حمّلت أنقرة المسؤوليته لحزب العمال الكردستاني التركي PKK وقوات سورية الديمقراطية (قسد), حيث تعتبرها أنقرة فصيلاً من "صناعة" الأخير.
وإذ اقتصرت عملية "المخلب السيف" على قصف جوّي مُركّز ليومين كانت بلدة عين العرب/كوباني أحد أهدافه, بكل ما ترمز إليه تلك البلدة الكبيرة من رمزية سورية/وكردية، فإنّ تلويح الرئيس أردوغان أكثر من مرّة, بأنّ الأمر لن يقف عند حدود الضربات الجوية. ما زاد المَخاوف بإصدار أوامره لاجتياح برِّي يطال الشمال السوري/طولاً وعُمقاً، خاصة بعد تراجعه أكثر من مرة أيضاً, عن تلويحه القيام بها, إثر ضغوط بل مُعارضة روسية/وأميركية مُعلَنة, فإن المعارضة الروسية كما الأميركية قائمة الآن, (لكل من البلدين أسبابه/ ومصالحه التي "لا" تعكس بالضرورة التقاء تلك المصالح). وإن كانت أقل حدة نظراً لتحسّن علاقات أنقرة بكل منهما.. حيث ارتفع منسوب "الدفء" في العلاقات الروسية/التركية خاصة بعد 24 شباط الماضي (يوم بدء العملية الروسية العسكرية الخاصة), وتبنّي أردوغان موقفاً أقرب إلى الحياد النسبي جدا). خاصة عدم التزامه العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة, الاتحاد الأوروبي والناتو على روسيا.. بل وقيام أنقرة بلعب دور "الوسيط" في ملف المفاوضات بعد جولتي مينسك/بيلاروس، ناهيك عن دور الضامن/مع الأمم المتحدة, لاتفاقية البحر الأسود بشأن صادرات الحبوب/والأسمدة الأوكرانية والروسية (رغم أنّ الأخيرة لم تُنفّذ بتواطؤ من الأمم المتحدة, خضوعا لضغوط واشنطن والاتحاد الأوروبي).
زد على ذلك ما طرأ من تحسّن نِسبي على علاقات أنقرة/بواشنطن بعد اجتماع بايدن/أرودغان على هامش قمة العشرين التي انتهت مؤخراً في إندونيسيا, وتأييد بايدن تنفيذ صفقة بيع طائرات F16 لتركيا.
لم يستثنِ أرودغان واشنطن كما موسكو من انتقاداته, عبر اتهام روسيا بعدم تنفيذ اتفاقية سوتشي بينه والرئيس بوتين آذار/ 2019 بشأن تطهير/إبعاد المقاتلين الأكراد من المناطق المحاذية لتواجد قواته على الأراضي السورية, عبر اجتياحات "درع الفرات، غصن الزيتون ونبع السلام"، مُتجاهِلاً/أردوغان التزاماته في هذه الاتفاقية او عهده بإبعاد التنظيمات الإرهابية من إدلب, وخصوصاً فتح طريق حلب-اللاذقية المعروف بـ"M4". في الوقت ذاته الذي إتّهم فيه واشنطن بتسليم آلاف الشاحنات المُحملة بالذخيرة في السنوات الأخيرة إلى الميليشيات الكردية في سوريا كما قال, لافتاً إلى أنّه "أبلغَ الولايات المتحدة قلقَ بلاده من الدعم الذي يقدمه الأميركيون لـ"الإرهابيين" في سوريا, وهذا ما يُشكّل تهديداً لحدودنا الجنوبية, ثم أضاف مُتوعداً... أننا "سنواصِل العمل كما يقتضيه الأمن القومي لتركيا، ولن نُقدِم تنازلات في هذا الشأن".
من المُفيد التذكير مُجدداً بأن تصريحات مُتشددة كهذه, كان كرّرها أردوغان في أوقات سابقة ثم تراجعَ عنها, خاصة التلويح بـ"إقامة منطقة أمنية" في الشمال السوري بعمق 30 كم داخل الأراضي السورية. بعدما أعلنت موسكو مُعارضتها الحازمة لعملية كهذه. ليس فقط عبر تذكيره أنه لم يلتزم تعهداته في اتفاق سوتشي آذار/2019، وإنما أيضاً قيامها بنقل وحدات عسكرية/روسية إلى المناطق المُهدّدة بالاجتياح, فضلاً عن تعزيز سِربها الجوي في مطار القامشلي.
صحيح أنّ الظروف الإقليمية والدولية باتت مختلفة الآن, رغم المُعارضة الروسية كما الأميركية للعملية البرية التي يُلوّح بها أردوغان. إذ يبدو وكأنه يراهن على أن موسكو خصوصاً لن "تُضحي" بالعلاقة الجيدة نسبياً التي باتت تربطها به في هذه المرحلة، ناهيك عن أن لواشنطن مصلحة ماثلة في خلق شرخ بين موسكو/وأنقرة. علّها (واشنطن) تزيد من حجم الحصار والعزلة التي تسعى لخنق روسيا بهما, مع اقتراب موعد بدء تطبيق قانون يفرض "سقفاً سِعرياً" للنفط الروسي. كانت موسكو أعلنتْ بوضوح أنها "لن تُزوّد أي دولة مُستورِدة لنفطها تلتزم التسعير الغربي".
في الخلاصة.. التوتّر المُتدحرِج في الشماليين العراقي وخصوصاً السوري, يأتي –وليس صدفة بالتأكيد- عشية بدء جلسات الجولة "19" من مسار أستانا (22-23/الجاري), والذي تُشارك فيه الدول الثلاث الضامنة.. روسيا، إيران وتركيا, إضافة إلى ثلاث دول عربية من الجوار السوري, هي الأردن, العراق ولبنان. كذلك وفد عن الحكومة السورية وآخر عن المعارضة السورية. ما يعكس من بين أمور أخرى, رغبة أنقرة في انتزاع "تنازلات" من شريكتيّْها الضامِنتيْن روسيا وإيران. وهو أمر نحسب أنه لن يتحقق. ما يترك المشهد مفتوحاً على احتمالات عِدّة, أكثرها خطورة مضي أردوغان قُدماً في تنفيذ تهديداته، بعملية برِّية واسعة في الشمال السوري خصوصاً.
وإذ اقتصرت عملية "المخلب السيف" على قصف جوّي مُركّز ليومين كانت بلدة عين العرب/كوباني أحد أهدافه, بكل ما ترمز إليه تلك البلدة الكبيرة من رمزية سورية/وكردية، فإنّ تلويح الرئيس أردوغان أكثر من مرّة, بأنّ الأمر لن يقف عند حدود الضربات الجوية. ما زاد المَخاوف بإصدار أوامره لاجتياح برِّي يطال الشمال السوري/طولاً وعُمقاً، خاصة بعد تراجعه أكثر من مرة أيضاً, عن تلويحه القيام بها, إثر ضغوط بل مُعارضة روسية/وأميركية مُعلَنة, فإن المعارضة الروسية كما الأميركية قائمة الآن, (لكل من البلدين أسبابه/ ومصالحه التي "لا" تعكس بالضرورة التقاء تلك المصالح). وإن كانت أقل حدة نظراً لتحسّن علاقات أنقرة بكل منهما.. حيث ارتفع منسوب "الدفء" في العلاقات الروسية/التركية خاصة بعد 24 شباط الماضي (يوم بدء العملية الروسية العسكرية الخاصة), وتبنّي أردوغان موقفاً أقرب إلى الحياد النسبي جدا). خاصة عدم التزامه العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة, الاتحاد الأوروبي والناتو على روسيا.. بل وقيام أنقرة بلعب دور "الوسيط" في ملف المفاوضات بعد جولتي مينسك/بيلاروس، ناهيك عن دور الضامن/مع الأمم المتحدة, لاتفاقية البحر الأسود بشأن صادرات الحبوب/والأسمدة الأوكرانية والروسية (رغم أنّ الأخيرة لم تُنفّذ بتواطؤ من الأمم المتحدة, خضوعا لضغوط واشنطن والاتحاد الأوروبي).
زد على ذلك ما طرأ من تحسّن نِسبي على علاقات أنقرة/بواشنطن بعد اجتماع بايدن/أرودغان على هامش قمة العشرين التي انتهت مؤخراً في إندونيسيا, وتأييد بايدن تنفيذ صفقة بيع طائرات F16 لتركيا.
لم يستثنِ أرودغان واشنطن كما موسكو من انتقاداته, عبر اتهام روسيا بعدم تنفيذ اتفاقية سوتشي بينه والرئيس بوتين آذار/ 2019 بشأن تطهير/إبعاد المقاتلين الأكراد من المناطق المحاذية لتواجد قواته على الأراضي السورية, عبر اجتياحات "درع الفرات، غصن الزيتون ونبع السلام"، مُتجاهِلاً/أردوغان التزاماته في هذه الاتفاقية او عهده بإبعاد التنظيمات الإرهابية من إدلب, وخصوصاً فتح طريق حلب-اللاذقية المعروف بـ"M4". في الوقت ذاته الذي إتّهم فيه واشنطن بتسليم آلاف الشاحنات المُحملة بالذخيرة في السنوات الأخيرة إلى الميليشيات الكردية في سوريا كما قال, لافتاً إلى أنّه "أبلغَ الولايات المتحدة قلقَ بلاده من الدعم الذي يقدمه الأميركيون لـ"الإرهابيين" في سوريا, وهذا ما يُشكّل تهديداً لحدودنا الجنوبية, ثم أضاف مُتوعداً... أننا "سنواصِل العمل كما يقتضيه الأمن القومي لتركيا، ولن نُقدِم تنازلات في هذا الشأن".
من المُفيد التذكير مُجدداً بأن تصريحات مُتشددة كهذه, كان كرّرها أردوغان في أوقات سابقة ثم تراجعَ عنها, خاصة التلويح بـ"إقامة منطقة أمنية" في الشمال السوري بعمق 30 كم داخل الأراضي السورية. بعدما أعلنت موسكو مُعارضتها الحازمة لعملية كهذه. ليس فقط عبر تذكيره أنه لم يلتزم تعهداته في اتفاق سوتشي آذار/2019، وإنما أيضاً قيامها بنقل وحدات عسكرية/روسية إلى المناطق المُهدّدة بالاجتياح, فضلاً عن تعزيز سِربها الجوي في مطار القامشلي.
صحيح أنّ الظروف الإقليمية والدولية باتت مختلفة الآن, رغم المُعارضة الروسية كما الأميركية للعملية البرية التي يُلوّح بها أردوغان. إذ يبدو وكأنه يراهن على أن موسكو خصوصاً لن "تُضحي" بالعلاقة الجيدة نسبياً التي باتت تربطها به في هذه المرحلة، ناهيك عن أن لواشنطن مصلحة ماثلة في خلق شرخ بين موسكو/وأنقرة. علّها (واشنطن) تزيد من حجم الحصار والعزلة التي تسعى لخنق روسيا بهما, مع اقتراب موعد بدء تطبيق قانون يفرض "سقفاً سِعرياً" للنفط الروسي. كانت موسكو أعلنتْ بوضوح أنها "لن تُزوّد أي دولة مُستورِدة لنفطها تلتزم التسعير الغربي".
في الخلاصة.. التوتّر المُتدحرِج في الشماليين العراقي وخصوصاً السوري, يأتي –وليس صدفة بالتأكيد- عشية بدء جلسات الجولة "19" من مسار أستانا (22-23/الجاري), والذي تُشارك فيه الدول الثلاث الضامنة.. روسيا، إيران وتركيا, إضافة إلى ثلاث دول عربية من الجوار السوري, هي الأردن, العراق ولبنان. كذلك وفد عن الحكومة السورية وآخر عن المعارضة السورية. ما يعكس من بين أمور أخرى, رغبة أنقرة في انتزاع "تنازلات" من شريكتيّْها الضامِنتيْن روسيا وإيران. وهو أمر نحسب أنه لن يتحقق. ما يترك المشهد مفتوحاً على احتمالات عِدّة, أكثرها خطورة مضي أردوغان قُدماً في تنفيذ تهديداته، بعملية برِّية واسعة في الشمال السوري خصوصاً.
مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/23 الساعة 10:44