تقييم النفس هو تقييم الوطن

د. خلف ياسين الزيود
مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/22 الساعة 00:43

وحيث أننا في هذا الوطن نتغنى بعروبتنا وديننا الحنيف وعلى اختلاف كل مواقعنا ووظائفنا وأعمالنا ودستورنا الذي ينادي ويقر ذلك، وعليه فكيف لنا إذن ونحن نمتلك كل هذا الإرث من وازع ديني وأخلاقي وقيم حضارية وتقدمية مدنية لا يدفعنا إلى المحاسبة والمراقبة الذاتية، وأن نعيش ونتعايش مع الوطن وابنائه ومؤسساته على ميزان المنطق واللامنطق تحت مظلة الحلال والحرام والصحيح والخطأ، والمعرفة بالشيء واللامعرفة، وهذا ينفع وهذا لا ينفع وإن الله سبحانه وتعالى هو المقسم والمعطي وهو العالم بأسرار عباده، وان الله لا يُمكن أحداً بملك أو حكم إلا بإذنه فهل يجوز أن نخالف الله وننازعه على أمره وقضائه، ولكن يحق لنا أيضاً أن نقيم ونطالب بالتعديل والتقويم والتصحيح وفق الدراية والمعرفة بالواقع والوقائع من أجل المصلحة العامة فقط وليس المصالح الخاصة ومنافعها.

إن محاسبة الذات الوطنية التي تتمثل في المسؤول والمواطن هي الاستقامة والمراقبة الدائمة للأفعال والمواقف لكي نحيي ونحترم ونعظم الضمير الوطني والذي يقودنا إلى الأمن الوطني الاجتماعي، والاستقرار الدائم بالثقة المتبادلة بين أطراف التكوين الوطني الذي يجمعنا فخراً واعتزازاً.

محاسبة الذات هي الخطوة الأولى والأخيرة لتحقيق النجاح الوظيفي أو المهني الوطني لتحقيق التقدم والازدهار والثقة بالأمن والسعادة والرضا والتخلص من مجاراة النفس التي عادة ما تفقد الموضوعية والاعتدال في كل شيء إذا ما تم مطاوعتها.

اذن محاسبة الذات عندما تكون من أهم أولويات الناس هذا يعني اننا ندرك مراقبة الله والوطن لنا، وان التاريخ سيحصي كل سلوكياتنا واعمالنا يوماً وكلها ستوزن بميزان الوطن اولاً وميزان الله اخراً، فانه علينا الالتزام بالمحاسبة الذاتية وصدق المراقبة من أجل السلامة الوطنية الجامعة والحماية لمواردنا واجيالنا، وعليه ننبه هنا أن الإرث التاريخي للأجيال هو ما تتركه في سلوك الأجيال الشابة من بعد ليتمسكوا به ويبنوا عليه لأنهم الطاقة الفعّالة التي بصلاحها يصلح المجتمع، وبفسادها يفسد وتزداد فيه السوداوية في السلوك الوطني العام وتنعدم الثقة بكل شيء فلا ترى الإنجاز بحقيقته ولا تركز على الإيجابيات، وإذ نتمعن الحال اليوم، نرى العجب والذهول بأن هنالك تسارعا في التركيز على "توافه" الأمور التي لا تبني لا أجيالا ولا أوطانا، وهنا فإن المسؤولية على الجميع للإجابة على السؤال التالي: "ما الذي أوصلنا إلى هنا".

إن السعادة الوطنية الاجتماعية التي نتوق إليها الآن لم تكن بوفرة الإيرادات ولا بكثرة المؤسسات، بل كانت بسمو الاخلاق ومحبة الناس لبعضهم والإخلاص بالقول والعمل لوطنهم، ولنتذكر الآية الكريمة: (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين).

مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/22 الساعة 00:43