شطناوي يكتب: أزمة سياسية، اقتصادية، بطالة، مياه....... إلخ؟ أم أزمة ثقة؟

مدار الساعة ـ نشر في 2017/07/31 الساعة 10:50
لقد تعودنا على سماع كلمة أزمة في حياتنا اليومية، وأصبحت شغلنا الشاغل الذي يصرفنا عن أمور الحياة، نطلقها على كل ما نعانيه من أوضاعنا الحياتية، فنردد نحن في أزمة. أوضاعنا السياسية متذبذبة كتذبذب العالم من حولنا، فنقول لدينا أزمة سياسية، وقبل أن نستوعبها، تتولد لدينا أزمة جديدة كأزمة المياه، فتستحوذ على تفكيرنا، خاصة وأنها تهدد كياننا ووجودنا واستمرارية بقائنا. فنبدأ البحث عن حل لها، وقبل أن يتحقق ذلك تنبعث لنا أزمة جديدة كأزمة الفساد والترهل الإداري فننشغل بها بدل البحث عن حلول للأزمات الأولى. ولكن قبل أن يتحقق حل لها، تظهر لنا أزمة جديدة، وهكذا ندخل دوامة الأزمات، أزمة فأزمة فأزمة، وكأننا صرنا والأزمات صنوان لا افتراق بينهما ولا يستغني أحدهما عن الآخر. لم نعد نستوعب معنى الأزمة، فقد اختلط الأمر، حيث أنها أصبحت جزءا أساسيا من حياتنا وكياننا لا نستغني عنها، بماذا نشتغل ونعمل خاصة وأنه لا شغل وعمل لنا سوى التلهي بالأزمات ومصارعتها كمصارعة الدون كشوت مع طواحين الهواء بلا فائدة فقد أصبحنا مدمني أزمات وتولد عشق أبدي متبادل بيننا وبينها. ولكن دعونا ندقق النظر ونمعن كثيرا في ما يدور حولنا، ونتساءل: هل صحيح أننا نعيش كل هذه الأزمات؟ وما مصدر هذه الأزمات؟ ومن هو المخطط لها لكي نبقى مشغولين بها؟ هل لها وجود مستقل عن وجودنا؟ هل نحن الأزمة أم حياتنا في أزمة؟ وهل نستطيع القول بأنها تتولد من أزمة عدم الثقة ؟ وعندها نستطيع القول بصراحة أننا نعيش أزمة ثقة. فنبدأ البحث جديا في كيفية نشوئها في نفوسنا. نعم إنها أزمة ثقة تؤرقنا صغاراً وكباراً مواطنين ومسؤولين، تراكمت عبر سنين طويلة، تولدت من عدم زرع بذور الصراحة والمكاشفة ما بين المواطنين والمسؤولين، فصار كلام المسؤولين لا يحمل محمل الجد، فإختلط الجد بالهزل، والصح بالخطأ، والنعم باللا، وهكذا صرنا نعيش هذه الأجواء من عدم الثقة بالمسؤول وممارساته غير الواضحة، وأصبحت تنغص علينا حياتنا حيث تقوم فئة مستفيدة متحكمة بإفتعالها ليخلو لها الجو، وتعيش على هواها وما يحقق لها من مصالح خاصة، بينما يبقى غالبية الناس يعيشون دوامة الأزمات المفتعلة. أين هي الثقة الموجودة ما بين المواطنين والمسؤولين؟ إننا نراها مهزوزة إن لم تكن معدومة، يتغنى بها المسؤولون المتعاقبون في بلدنا الحبيب، وذلك بطرح الشعارات التي تعد المواطنين، بنقلة نوعية تخلصهم من كل ضيق يشعرون به، ومن كل الأزمات التي يعيشونها، والتي تعيق الحياة الحرة الكريمة، وتحول دون تقدم بلدنا وإزدهاره، فيستبشر المواطنون بها خيرا على أمل الخلاص من أزماته، وما أن يوضع المسؤولون على المحك ويبدأ المواطن بمراقبة ومتابعة ممارساتهم، يصحو من حلمه على ممارساتهم العملية، فيصعق مما يلمسه ويحس به، مما يهز تلك الثقة ما بينه وبين المسؤولين على مختلف مستوياتهم الوظيفية. وقد برزت ظاهرة عدم الثقة منذ ثلاثة عقود تقريبا أي منذ ممارسات مجلس النواب السلبية بعد طول إنقطاع، فقد حاد عن مسيره الحقيقي من حيث أنه سلطة تشريعية رقابية، على ممارسات الحكومات، فأصبح كما حلت له التسمية بأن يكون مجلس خدمات، وهذه تجعله يقف على أعتاب الحكومة إستجداءاً لوظيفة يرضي بها أحد أقاربه أو من المحسوبين عليه، كما أنه أصبح مراكز قوى لتحقيق مكتسبات ومصالح خاصة ذاتية. وفِي هذه الحالة فقد أطلق العنان للمسؤولين بحرية التصرف دون حساب للمواطنين، كما أدى هذا إلى تفشي ظاهرة الفساد وإنعكست سلبا على نشاط وعمل مؤسساتنا الصحية والاجتماعية والتعليمية والثقافية...إلخ وأدى ذلك إلى تغيير مسارها من الأحسن إلى الأسوأ. نعم إنه بالثقة وحدها، نستطيع حل المشاكل والأزمات، فعندما تقوى الثقة بين المواطنين والمسؤولين فإنهم سيكونون عونا وسندا لبعضهم على حلها. فبالثقة يتقبل المواطنون من المسؤولين ما يطرح من آراء وأفكار خاصة تمس حياتهم. وما علينا إلا أن نتقي الله في أنفسنا وأبنائنا والأجيال القادمة من بعدنا، فتبادر الحكومات اليوم قبل الغد بزرع بذور الثقة ما بينها وبين المواطنين حتى يتبوأ وطننا المكانة المناسبة لوجودنا وكياننا فيتحقق لمواطننا الحياة الحرة الكريمة في ظل قيادتنا العربية الهاشمية أملاً بأن تنتهي (أزمة الثقة).
مدار الساعة ـ نشر في 2017/07/31 الساعة 10:50