قطر نجحت في نسف مقولة: (العالم قرية صغيرة)
مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/20 الساعة 01:48
لماذا كل هذه الهجمة على قطر؟
السبب بسيط جدا وهو: أن المشجع الأوروبي حين يأتي لقطر, سيعيش حتما تحت ايقاع الثقافة القطرية والقانون القطري, ولن يجرؤ أن يأتي بثقافته, ونوفر له كل مستلزمات انتهاك المعايير ومستلزمات انتهاك القيم وامتهان الثقافة والهوية.
القطريون لا يريدون أن يستضيفوا بطولة, بقدر ما يسعون لتقديم هويتهم وثقافتهم للعالم, وهذه الهوية خرجت من اطار الاستهلاك إلى الاستقلال وانتاج الدور بعد العام (96).
الغريب في هذه الدولة, أنها لم تركز على بناء الناطحات.. وعرض مشروع اللؤلؤة العمراني كتحفة هندسية عالمية, والتفنن في انتاج شبكة نقل صديقة للبيئة.. وانتاج الترف بكل أشكاله, وعرض الثراء بكل تجلياته.. هي انتجت مع كل ذلك هوية وطنية حقيقية... فالملاعب بنيت على شكل الخيمة العربية, واسماء الملاعب هي اسماء قطرية خالصة وليست مستوردة.. وبدلا من جداريات التعري والمثلية, صنعوا جداريات تحتوي على أحاديث نبوية مترجمة.. حتى تبرز دين الدولة المشكل الحقيقي للثقافة ودعامة الهوية..
حين تقرأ في كتاب أمين معلوف (الهويات القاتلة), تكتشف أن الجغرافيا عامل مهم في تشكيل الهوية.. وتكتشف أن الدين يلعب دورا, واللغة تلعب دورا, والعرق أيضا يلعب دورا مهما في تشكيل الهوية... ربما نسي أمين معلوف أمرا مهما في الحالة القطرية وهو الإرادة..
والإرادة هي ذاتها التي تدفع وزير خارجية دولة صغيرة جدا مثل قطر, ليرد على وزيرة داخلية ألمانيا ويصفعها بكلامه حين أخبرها عن ازدواجية المعايير وعن عورات المجتمع الألماني.. هل يجرؤ وزير خارجية عربي على مخاطبة وزيرة خارجية ألمانيا بنفس اللغة؟.. حتما لاً..
الإرادة أيضا هي ذاتها التي تدفع القطري سواء كان مسؤولا في الدولة أو مواطنا عاديا, أن يغير الصورة النمطية لبلدان النفط والمرتبطة بالثراء الفاحش, والسيارات.. وفنادق لندن, أن يغيرها باتجاه الدور باتجاه التأثير في المشهد العالمي, وباتجاه تصدير الهوية والثقافة..
العالم كله يسير باتجاه ترسيخ الهويات, والعودة نحو الخصوصية الوطنية.. العالم كله صار يوظف الثراء والمال في سبيل الدفاع عن المشروع والقيم والإرث... وربما قطر نجحت في نسف مقولة: (العالم قرية صغيرة)... نعم نجحت في ذلك لأنها دولة صغيرة وها هي تختصر العالم كله في سوق (واقف)... وتجمعه هناك, ونجحت في نسف نظرية (العولمة) ومساراتها... فالبرغم من أنها دولة صغيرة جدا في أقصى الخليج, إلا أن الإسباني والألماني والأميركي.. وجميع الجنسيات المشاركة سيلعبون كرة القدم, تحت السماء القطرية وبالإيقاع القطري.. وحين يخرجون من الملعب سيقفون أمام القيم القطرية والهوية والثقافة والقانون القطري.. أين (العولمة) في ذلك؟ حتما ستندحر أمام هذا المشهد.
وقطر نسفت مفهوم سطوة الكبار على الصغار, وأسست مفهوم سطوة العقل والدور... قطر سحقت نظرية الصغير ونظرية العملاق في العالم, وانتجت الجزيرة.. بحيث صارت هذه المحطة دولة بحد ذاتها, وتحتضنها وتديرها دولة.
في المناهج الجديدة علينا أن ننسى تاريخ العثمانيين قليلا, والذي حشوا به ادمغتنا.. وتاريخ محمد علي باشا.. وتاريخ السلاجقة.. الخ, لنركز على الأمثلة الحية... الإمبراطورية القطرية نموذج في الهوية والقيم والتأثير.. نحتاج لتدريس هذا النموذج لأولادنا, فالقصة ليست قصة شلالات من المال بل هي قصة بحور من الإرادة.
abdelhadi18@yahoo.com
السبب بسيط جدا وهو: أن المشجع الأوروبي حين يأتي لقطر, سيعيش حتما تحت ايقاع الثقافة القطرية والقانون القطري, ولن يجرؤ أن يأتي بثقافته, ونوفر له كل مستلزمات انتهاك المعايير ومستلزمات انتهاك القيم وامتهان الثقافة والهوية.
القطريون لا يريدون أن يستضيفوا بطولة, بقدر ما يسعون لتقديم هويتهم وثقافتهم للعالم, وهذه الهوية خرجت من اطار الاستهلاك إلى الاستقلال وانتاج الدور بعد العام (96).
الغريب في هذه الدولة, أنها لم تركز على بناء الناطحات.. وعرض مشروع اللؤلؤة العمراني كتحفة هندسية عالمية, والتفنن في انتاج شبكة نقل صديقة للبيئة.. وانتاج الترف بكل أشكاله, وعرض الثراء بكل تجلياته.. هي انتجت مع كل ذلك هوية وطنية حقيقية... فالملاعب بنيت على شكل الخيمة العربية, واسماء الملاعب هي اسماء قطرية خالصة وليست مستوردة.. وبدلا من جداريات التعري والمثلية, صنعوا جداريات تحتوي على أحاديث نبوية مترجمة.. حتى تبرز دين الدولة المشكل الحقيقي للثقافة ودعامة الهوية..
حين تقرأ في كتاب أمين معلوف (الهويات القاتلة), تكتشف أن الجغرافيا عامل مهم في تشكيل الهوية.. وتكتشف أن الدين يلعب دورا, واللغة تلعب دورا, والعرق أيضا يلعب دورا مهما في تشكيل الهوية... ربما نسي أمين معلوف أمرا مهما في الحالة القطرية وهو الإرادة..
والإرادة هي ذاتها التي تدفع وزير خارجية دولة صغيرة جدا مثل قطر, ليرد على وزيرة داخلية ألمانيا ويصفعها بكلامه حين أخبرها عن ازدواجية المعايير وعن عورات المجتمع الألماني.. هل يجرؤ وزير خارجية عربي على مخاطبة وزيرة خارجية ألمانيا بنفس اللغة؟.. حتما لاً..
الإرادة أيضا هي ذاتها التي تدفع القطري سواء كان مسؤولا في الدولة أو مواطنا عاديا, أن يغير الصورة النمطية لبلدان النفط والمرتبطة بالثراء الفاحش, والسيارات.. وفنادق لندن, أن يغيرها باتجاه الدور باتجاه التأثير في المشهد العالمي, وباتجاه تصدير الهوية والثقافة..
العالم كله يسير باتجاه ترسيخ الهويات, والعودة نحو الخصوصية الوطنية.. العالم كله صار يوظف الثراء والمال في سبيل الدفاع عن المشروع والقيم والإرث... وربما قطر نجحت في نسف مقولة: (العالم قرية صغيرة)... نعم نجحت في ذلك لأنها دولة صغيرة وها هي تختصر العالم كله في سوق (واقف)... وتجمعه هناك, ونجحت في نسف نظرية (العولمة) ومساراتها... فالبرغم من أنها دولة صغيرة جدا في أقصى الخليج, إلا أن الإسباني والألماني والأميركي.. وجميع الجنسيات المشاركة سيلعبون كرة القدم, تحت السماء القطرية وبالإيقاع القطري.. وحين يخرجون من الملعب سيقفون أمام القيم القطرية والهوية والثقافة والقانون القطري.. أين (العولمة) في ذلك؟ حتما ستندحر أمام هذا المشهد.
وقطر نسفت مفهوم سطوة الكبار على الصغار, وأسست مفهوم سطوة العقل والدور... قطر سحقت نظرية الصغير ونظرية العملاق في العالم, وانتجت الجزيرة.. بحيث صارت هذه المحطة دولة بحد ذاتها, وتحتضنها وتديرها دولة.
في المناهج الجديدة علينا أن ننسى تاريخ العثمانيين قليلا, والذي حشوا به ادمغتنا.. وتاريخ محمد علي باشا.. وتاريخ السلاجقة.. الخ, لنركز على الأمثلة الحية... الإمبراطورية القطرية نموذج في الهوية والقيم والتأثير.. نحتاج لتدريس هذا النموذج لأولادنا, فالقصة ليست قصة شلالات من المال بل هي قصة بحور من الإرادة.
abdelhadi18@yahoo.com
مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/20 الساعة 01:48