التجنح المؤسساتي ومقتل الاعلام الوطني

مدار الساعة ـ نشر في 2017/07/31 الساعة 01:51
في الوقت الذي نحتاج فيه الى مراجعة التقدير الذاتي والوطني للاعلام المحلي وتحسين قانون يضمن مصادر معلوماته لتجويد مخرجاته، تخرج دعوات نيابية مطالبة بتحويل نائب رئيس الوزراء الاسبق مروان المعشر الى محكمة امن الدولة بتهمة التنسيق بين دولة الاحتلال وجبهة النصرة استنادا الى منشور صهيوني كتبته صحفية من الدرجة العاشرة في دولة الاحتلال ونشرته صحيفة منحازة الى اليمين الصهيوني، ولست هنا في معرض الدفاع عن المعشر رغم انه يستحق ذلك لمواقفه السياسية والمدنية المقدرة، بل في مناقشة المنطق العقلي الذي بات يصدق كل رواية صهيونية رغم معارضته لدولة الاحتلال جهارا، فتصديق الرواية الصهيونية يحمل مخاطر كثيرة ويكشف عن ضعف في قراءة مفهوم الاعلام ودوره ووظيفته في العقل الصهيوني.
لا اريد العودة الى ضرب امثلة تكشف خبث الاعلام الصهيوني ومدى الوعي الذي يدير التسريبات الاعلامية في المجتمع العنصري في دولة الاحتلال فهي كثيرة وليس آخرها مجون استقبال قاتل السفارة وتسريب تسجيل المكالمة مع نتنياهو ولا اختلاق القصص لتشويه الواقع وتزييف الوعي، فتلك مهمة يقوم بها سلاح الاعلام الاسرائيلي المدعوم لوجستيا وعسكريا من دولة الاحتلال بكل مهارة والخطر تصديق الرواية الصهيونية حدّ مقاضاة شخصية بحجم وتاثير مروان المعشر الذي حمل مخاطر جمة حينما قبل بأن يكون السفير الاول في دولة الاحتلال .
الرواية العابرة للجغرافيا او القادمة من الاعلام العربي والغربي على اختلاف تلاوينه دوما اقرب الى الصدقية عند المتلقي الاردني واذا اردنا محاكمة الظاهرة فان آخر المتهمين سيكون الاعلام المحلي والاعلاميين الاردنيين، وهذا ليس انحيازا الى زملاء المهنة وليس غضبة مُضرية كما يقول العرب قائمة على العشائرية المهنية، ونبدا من حيث المُتاح للاعلام العربي والاجنبي في ذهن المسؤول الاردني الرسمي العامل والسابق، حيث يجد الاعلام العربي والغربي كل الاجابات المتاحة قبل الابواب والصدور المفتوحة، حيث يتمكن صحفي محدود الكفاءة تابع لوسيلة اعلام خارجية من الالتقاء بأي مسؤول عامل او سابق وذلك لعقدة “الفرنجي برنجي” عند المسؤول .
الامر الآخر احتكام الاعلام المحلي لقوانين صارمة وضاغطة للحرية عكس الصحافة العربية والاجنبية التي تنشط في الخبر الخارجي وتعاني من تضييق اكثر من التضييق الواقع على الاعلام المحلي في بلدان المنشأ والتمويل فتقوم بتعويض سقفها المحدود داخل بلدان التمويل بسقف مرتفع في خارجها وهذا يغري ويغوي المسؤول للحديث بطلاقة اكثر لا سيما وان انتشار تلك الوسائل الاعلامية اكثر من انتشار وسائلنا المحلية ناهيك عن جدوى المقابلة في ايصال الرسالة الى المسؤول المحلي وصاحب القرار المحلي الذي يتفاعل مع ما هو منشور او مبثوث في الخارج بأضعاف تفاعله واستجابته مع المنشور المحلي وتحديدا في الجانب السياسي وهذا مصدر قبول المسؤولين السابقين للاعلام الخارجي .
ايضا لا يمكن اغفال عقلية المسؤول الاعلامي في مؤسساتنا الوطنية المجاملة للضيف الخارجي على حساب المحلي وانحياز المسؤول الاعلامي الى وسائل الاعلام الخارجية وكانها دليل نجاح افتراضي رغم ان المضمون في صلب اهتمام المجتمع المحلي، فرسالة الدولة موجهة الى مواطنيها وليس الى رعاياها او مواطني دولة اخرى وان حدث هذا فهو في اضيق الحدود .
ازمتنا الوطنية البارزة اننا لا نملك استراتيجية وطنية لمعظم ملفاتنا الوطنية وانسحب هذا الامرعلى الاعلام الوطني الذي فقد حضوره بسبب تصادم المصالح داخل الدولة التي تحولت مؤسساتها الى اجنحة تحتاج الى منابر ذاتية تابعة، لا الى اعلام وطني شامل،فغياب الرسالة او الامال الكبرى التي تحتاج الى اعلام وطني فقد مبررات وجوده، لذلك استسهل المسؤول السابق اوالجالس على مقعده اعتماد وسيلة واحدة لتمرير رسائله ومشاكساته حتى باتت كل وسيلة محسوبة على مسؤول او على كارتيل اقتصادي او سياسي . الدستور
مدار الساعة ـ نشر في 2017/07/31 الساعة 01:51