الاستراتيجية العالمية الجديدة (2-2)

م. مهند عباس حدادين
مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/17 الساعة 01:02
من خلال استعراض نتائج ما سيؤول إليه الوضع العالمي في العقد القادم الذي سيضع التحديات الجمة والصعبة أمام الدول, والتي يفرض عليها اتباع ما يلي:
1) الاعتماد على نفسها ومراجعة سياساتها الاقتصادية والسياسية والتعليمية والأمنية لبناء قدراتها الذاتية.
2) التسليح العسكري: ستخصص معظم دول العالم جزءاً من موازناتها لإعادة بناء قدراتها العسكرية المستقلة بعيداً عن التحالفات , على سبيل المثال رفعت ألمانيا نسبة موازنة الدفاع والتسليح إلى2.5% من ناتجها المحلي الإجمالي.
3) الإسراع بالتحول الرقمي وتطبيقاته من ذكاء اصطناعي واستخدام الروبوتات والطائرات المسيرة والواقع الافتراضي والواقع المعزز وانترنت الأشياء وسلاسل الكتل والسحابة الحاسوبية والدخول إلى العالم الافتراضي الميتافيرس واستخدام الجيل الخامس5G والجيل السادس6G في الاتصالات والأمن السيبيراني .
4) التأهيل الفني والإداري لما يناسب المرحلة المقبلة من تحول رقمي والدخول إلى العالم الافتراضي وتطبيقاته لجميع العاملين في القطاع العام والخاص ومن ضمنهم القياديون.
5) البحث عن التخصصات الجديدة التي تواكب التقدم العلمي الجديد, وتالياً أهم 10 مهن ستُطلب حتى عام 2030 مثل تحليل البيانات, مهندس الروبوتات, مبرمج التطبيقات, كتابة محتوى الويب, الأمن السيبيراني, حماية البيانات, عالم الاوبئة, تحسين محركات البحث, مدرب الرياضة الإلكتروني وأخيراً تصميم واجهة المستخدم.
6) الإسراع في بناء المدن الذكية الموفرة للطاقة والأقل ازدحاماً والأقل تلوثاً للبيئة من خلال تدوير المخلفات والأكثر أمناً وأماناً للمراقبات المتقدمة دون التدخل البشري .
7) إعادة النظر في جميع المناهج المدرسية والجامعية ودعم البحث العلمي لـتأهيل جيل يتعامل مع التكنولوجيا ويحل المشاكل التي يواجهها ويفكر ويبدع ويكتشف حلولا مُثلى Optimized Solutions وقادرا على العمل والقيادة في ظل هذه التغيرات الجديدة , وإغراء الطلبة المتميّزين عند تخرجهم من الجامعات بعقود عمل محلية بدل من سفرهم وفي نهاية المطاف هجرتهم للخارج وفقدان مساهماتهم وابداعاتهم في بلدهم. فقد سجلت أبرز 5 شركات أميركية مجتمعة وهي أبل ومايكروسوفت وألفابيت المالكة لشركة غوغل وأمازون وميتا بلاتفورم المالكة لفيسبوك أرباحاً لعام 2021 تقدر 2450 مليار دولار كانت إضافة على قيمتها السوقية.
8) إلزام تخصيص جزء من موازنة الوزارات والمؤسسات الحكومية والشركات الخاصة والبنوك والمصانع والجامعات والمعاهد للبحث العلمي والإبداع والتطوير والريادة, وتُصرَف بالفعل كما خُطط لها, وأن يكون في كل منها قسم أو دائرة تحت مُسمى قسم الريادة والإبداع والتطوير وسينعكس ذلك على الأداء وزيادة الإنتاجية النوعية .
9) حل مشكلة الاختناقات المرورية والتلوث بالتكنولوجيا الذكية, وخدمة التوصيل الآلية باستخدام الطائرات المسيرة والمركبات ذاتية القيادة, والتحول لوسائل النقل الكهربائية.
10) تعزيز استخدام الأمن السيبيراني لحماية الدول من الهجمات السيبيرانية وتحصين مؤسساتها ومراكزها الحساسة العسكرية والمالية والصحية والتعليمية والخدماتية من الاختراق وحماية فضاءاتها, وكذلك التأكد من استخدام برامج الحماية لمنع الاختراقات بشتى أنواعها وتجنب التجسس من الحصول على البيانات والمعلومات المهمة .
11) غزو الفضاء وكيفية الاستفادة منه في المجالات العسكرية والعلمية والأبحاث الجديدة وإمكانات تطوير الصناعات، وتقديم اختراعات يمكن توظيفها مباشرة في خدمة الإنسان، ومنها استخدام مدار الأرض لاستقبال المئات من الأقمار الاصطناعية، التي كان تأثيرها كبيراً في الإنسانية، إذ اختصرت المسافات بين البشر عبر شبكة الاتصالات والإنترنت المتطورة، وأضافت الكثير إلى معرفتهم بالأرض كتحسين توقعات الطقس ومراقبة واستكشاف الثروات الأرضية من مياه وبترول ومعادن والمساعدة في الملاحة والإنقاذ والصيد,وكذلك تطوير الأبحاث الفضائية عبر نشر التلسكوبات الفضائية التي تسبر أعماق الفضاء التي أدّت بدورها إلى اكتشافات جديدة لم يكن الإنسان يتوّقع الوصول إليها في هذه الفترة القصيرة.
12) البحث عن مصادر للطاقة: نتيجة الارتفاع الحاد بأسعار النفط وحرمان بعض الدول منه نتيجة الحصار, دفع بدول العالم إلى إيجاد البدائل السريعة عنه مثل استخدام الطاقة الشمسية والرياح والكهرومائية والنووية والعضوية والهيدروجين الأخضر والاستخدام الفعّال للبطاريات التي تُشغّل وسائل النقل الكهربائية وغيرها.
13) تعزيز الأقلمة Regionalization بدلاً من العولمة بحيث تعتمد كل دولة على نفسها أو على دول الجوار الملاصقة والمشتركة معها بالحدود البرية والبحرية, وذلك لضمان حصولها على التكامل المالي والتجاري والصناعي والخدماتي والتكنولوجي, ومثال على ذلك ما تشكل مؤخراً من تحالف عربي مكون من مصر والأردن والعراق والإمارات العربية المتحدة والسعودية والبحرين , والذي ابتدأ بمصر والأردن والعراق بالتعاون في مجال "الربط الكهربائي" ,وكذلك التكامل الغذائي الأخير بين الأردن والعراق وسوريا ولبنان, وأخيراً خط أنابيب نقل الغاز الروسي "قوة سيبيريا" لتأمين الغاز للصين .
14) خطوط النقل العالمية: نتيجة للتجاذبات السياسية والحروب سيتم البحث عن بدائل لطرق النقل البرية والبحرية والجوية, كاستخدام لممرات القطب الشمالي , أو إنشاء طريق الحرير الجديد أو بما يُعرف باسم "الحزام والطريق" من قبل الصين, وفي الأردن نظراً لموقعه الجغرافي يجب التفكير بإنشاء سكك حديد برية تربط دول الجوار وإنشاء مطار لوجستي للشحن.
15) تفعيل التجارة الإلكترونية وتطويرها باستخدام وتفعيل التسوق الذكي وتمكين الزبائن من استخدام برامج تمكنهم من شراء ملابسهم وطعامهم ومقتنياتهم ,بدون تحمل تكاليف السفر من جهد ومال ووقت , وتسيير الأعمال والاجتماعات عن بُعد وغير ذلك من الأعمال التجارية والصناعية وتوفير جهد السفر والنفقات المرتفعة نتيجة الإغلاقات التي تفرضها الحروب والجوائح باستخدام العالم الافتراضي, وأتمتة الصناعات وحوسبتها لتقليل كُلف الإنتاج وزيادة الإنتاجية كماً ونوعاً.
16) تطوير وسائل الزراعة بشتى أنواعها لتأمين المحاصيل الغذائية وخصوصاً الإستراتيجية من خلال التكنولوجيا المتبعة في الزراعة واستخدام للطائرات المسيرة Drones والروبوتات ,والأمن المائي من كشف لمصادر مياه جديدة والطرق الفنية المتقدمة لتحلية المياه والتحكم بتوزيعها بطريقة مقننة.
17) الارتقاء بالخدمة الطبية والوقائية, باستخدام التطبيقات التكنولوجية الثلاثية الأبعاد في علاج وتشخيص المرضى وخاصة عند إجراء العمليات الجراحية وتفعيل دور الروبوتات بذلك, والاستطباب عن بُعد TELEMEDICINE, وكذلك وضع خطط طوارئ لمكافحة الأوبئة والأمراض التي تنتج عن التغير المناخي, وزيادة الإنفاق على هذا القطاع لزيادة نوعية الخدمات الطبية وخصوصاً للكبار في السن.
18) سن القوانين والتشريعات الجديدة لما يتلاءم مع التقدم التكنولوجي وتطبيقاته ضمن حوكمة رصينة.
19) التركيز على التخطيط الإستراتيجي العميق لكل دولة لما يتضمن تحقيق الأمن الشامل بأبعاده الأربعة العسكرية والاقتصادية والسياسية والأيديولوجية ضمن المتغيرات العالمية الجديدة , وذلك بتشكيل لجنة متخصصة بذلك.
في الختام إن الدولة التي تتفوق بالتقدم التكنولوجي وتملك مصادر الطاقة كالنفط والغاز هي التي ستمتلك اقتصاداً قوياً وناتجاً إجمالياً عالياً, وبالتالي يكون لديها نسب نمو مرتفعة وليس عندها بطالة وستحقق الرفاه لشعوبها وتتسيد العالم.
مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/17 الساعة 01:02