خبر عاجل: اغلاق مكتبة تاريخ الاردن

فائق هاني حدادين
مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/16 الساعة 20:14
إسهاماً منا في الحملات الترويجية للأماكن المهمة في البلاد و تحت شعار "خفف وزنك"، اتجهت العائلة الى حدائق الحسين في دابوق سعياً لهواءٍ نقي ومساحات خضراء لم تصل اليها بعد ايادي الغدر و الخصخصة ومشاريع تطوير القطاع العام.
بعد الانتهاء من الفطور السريع توجه الأطفال لممارسة رياضة كرة القدم فكاس العالم على الأبواب رغم عودة المتقاعدين العسكريين من قطر لكن سنة الحياة كانت اقوى من إرادة الشعوب.
طارت الكرة باتجاه مجموعة من المخازن الخاوية على عروشها صممت لتكون بقالات لبيع السلش والمرطبات لكن ظروف الكورونا على ما يبدو قد حالت دون نجاح ذلك المشروع الاستثماري الذي نشف ومات.
قاد الفضول رب الاسرة لمعرفة ما بداخل تلك الأكشاك ليرى بعض الكتب والوثائق ملقاةً على الأرض في مكان مبعثر مترامٍ ومتكدس بالغبار والاوساخ. انها مكتبة تاريخ الأردن وهذه مقتنيات أهم مؤرخ اردني وثّق تاريخ الأردن لمائة عام انه يدعى سليمان الموسى.
لا اعرف ما الذي جعله يتذكر مشهد غرق سفينة تايتنك والتحف الفنية الجميلة والمذعورين والموسيقى وعازفي اللحن الأخير، قد تكون قصص اعلام من الأردن وايام لا تنسى وتوثيق التاريخ من خلال ثمانون عاماً و ياقدس ولورنس العرب كفيلة بان تشكّل مكونات الهوية الوطنية المفقودة والتي يضعها الحزبيون اساساً لاي مشروع سياسي وطني فتفشل محاولاتهم وهم يفصلون تلك الهوية على مقاساتهم لكن بدون نتيجة.
اكثر من الفي كتاب ووثائق تزيد عمر الواحدة منها عن عمر الدولة الأردنية ملقاة او ضاعت خلال موسم الرحيل الى عمان الغرببة، فقبل عامين تحولت مكتبة سليمان الموسى في امانة عمان راس العين الى احد قاعات الاجتماعات فتغيير جو امين عمان ورؤساء الأقسام ضروري لرفع طاقتهم الانتاجية واهم من كل شيء حتى من تاريخ المدينة. فبماذا يهم التاريخ اذا كانت المناصب تتغير كل اربع سنين وكانت الخطط تبدا كل اربع سنين وتنتهي كل اربع سنين. ففي كل اربع سنين يأتي مسؤول نرجسي يعتقد بأنه الحاكم بامر الله والعارف باسراره ونوايا رؤساء الأقسام في الوزارة والهيئات التابعة والصحف الالكترونية فرضاها اهم من تاريخ هزاع المجالي ووصفي التل وسليمان النابلسي و شهداء معركة اللطرون وباب الواد والكرامة.
تلك الخواطر قطعها صوت ارتطام الكرة في الزجاج ومرة أخرى وقعت عيناه على الة الطباعة القديمة فتلك الالة التي طبعت احرف الكتب ولم تقصّر يوماً في عملها فقد حرص صاحبنا على ابعاد احفاده المشاكسين عنها وصيانتها والبحث عن قطعها النادرة وحبرها الذي لم يبق منه في العالم، اليوم تخلت الدولة عن رعايتها وأصبحت في مهب الريح وشعرت والصدأ يأكلها بانها تريد ان تصرخ في وجه هذا المكان الغريب الذي جاءت اليه دون حتى استئذانها.
وقف رب الاسرة وجمع من كان حوله وخطب بهم قائلاً:
حين جاعت البلاد وانتفض من حولها أبناؤها المخلصون يبحثون عن لقمة الخبز تسلل الى بعض مناصبها من لا يعرف تاريخها ومن لم يقرا كتب سليمان الموسى وغالب هلسا وتيسير السبول ولا ديوان عشيات وادي اليابس فاغلقوا مكتباتها وحولوها الى اسطبلات كما فعل الصليبيون في الأقصى، لينشروا الجهل تماماً كما ينشرون فسادهم المتراكم والعابر للمؤسسات.
سكت الجميع في مشهد مهيب ترحموا خلاله على البلاد وتاريخها وحاضرها ومستقبلها.
مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/16 الساعة 20:14