لم يفشلوا.. نحن أفشلناهم
مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/16 الساعة 09:59
من يتحمل مسؤولية الفشل: نحن، أقصد مؤسسات الادارة العامة، وموظفوها، وأولياء الامور، أم أبناؤنا وشبابنا وأجيالنا الطالعة؟
هذا السؤال تستدعيه قضايا شبه يومية، يقع فيها أبناؤنا ضحايا لتقصيرنا أو عجزنا أو إهمالنا، عنوانها غالبا «مستنقع» الفشل « أو الخطأ، الذي قد يتحول إلى جريمة أو كارثة، يدفع ضريبتها أبناؤنا، ونقف جميعا تجاهها صامتين، او مندهشين، أو حكماء أو محاسبين، دون أن يخطر ببالنا أننا نحن السبب.
جردة حسابات الفشل طويلة جدا، بدءا من شبكات المخدرات إلى جرائم القتل والسرقة، والانحرافات السلوكية، إلى حوادث السيارات والشارع، إلى تداعيات البطالة والفقر وانعكاساتها، إلى قضايا الفساد باختلاف أنواعها، وصولا إلى حالة انعدام الثقة والقطيعة، والرغبة بالهجرة إلى الخارج، والعصيان الأسري، وصرخات الانتحار..كل هذا وغيره من «المطبات» التي يقع فيها أبناؤنا تسجل غالبا في حساباتهم الخاصة، ويدفعون ثمنها من حياتهم ومستقبلهم، فيما نهرب نحن إلى ممرات الاستنكار، وكأننا لا نتحمل مسؤولية ما فعلنا بهم، أو ما فعلوه جرّاءنا بأنفسهم .
سأتجاوز عن كل هذه القضايا (على اهميتها) لأشير لقضيتين تصبان في مربع الفشل الذي يقع فيه أبناؤنا، بسببنا نحن، وهما من أروقة وزارة التربية والتعليم، ويتعلقان تحديدا بملف واحد، هو امتحان التوجيهي، لنكتشف ببساطه أن معظم ما نصدره من أحكام ضد أبنائنا، تحت عنوان الرسوب أو الفشل، ليس صحيحا، وليسوا مسؤولين عنه وحدهم، وأن ما نضعه من سياسات ومقررات قد يكون أحيانا أحد الأسباب لإفشال أبنائنا ومعاقبتهم، دون أن يكون لهم أي ذنب .
ذكر لي وزير التربية الأسبق (د.عمر الرزاز) أن طالبا رسب بالتوجيهي أربع مرات، بمادة اللغة الإنجليزية، راجعه في مكتبه، وطلب منه أن يسمح له بتقديم الامتحان للمرة الخامسة، الوزير تفاجأ بأن معدل الطالب في المواد الأخرى مرتفع، وأن مشكلته باللغة الإنجليزية فقط، لكن القانون لا يسمح بإعطائه فرصة جديدة ، ومع ذلك طلب الوزير من مساعديه إعداد دراسة عن أوضاع المدرسة التي تخرج فيها الطالب، فاكتشف أنه لا يوجد فيها معلم للغة الإنجليزية منذ سنوات، وأن معلم التربية المهنية كان البديل، اكتشف أيضا أن طلبة التوجيهي لثلاث سنوات متتالية رسبوا بامتحان اللغة الإنجليزية.
ذكر لي وزير آخر (دكتور عبد الناصر أبو البصل) أن أحد رؤساء جامعة مؤتة (الدكتور عبد الرحمن عطيات رحمه الله) تفاجأ بنتائج إحدى المدارس في الطفيلة حيث رسب جميع طلبة التوجيهي آنذاك، فتوجه الرئيس لطلب دراسة حالة المدرسة، ليكتشف انه لا يوجد بها معلمون اكفاء، فقرر أن يبتعث أساتذة من الجامعة لتدريس الطلاب في مدرستهم، وبعد نهاية العام خرجت نتائج التوجيهي، فإذا بجميع الطلبة ناجحين وبمعدلات مرتفعة أيضا.
لم يفشل أبناؤنا في المدارس او الجامعات، أو سوق العمل أو أسواق السياسة والاحزاب ، أو في الحياة، لأنهم فاشلون بالفطرة، ولا لأنهم يحبون الفشل، وإنما لأننا لم نحسن التعامل معهم، ولم نقدم لهم ما يحتاجونه من رعاية، ولأننا تصورنا أن قراراتنا دائما صحيحة، وعليهم أن ينفذوها دون اعتراض.
فشل بعض أبنائنا لأننا تجاهلنا أصواتهم واستهزأنا بعقولهم، و لأننا فشلنا في إدارة حياتنا، وهم جزء منها، وفشلنا في معرفتهم والإنصات لهم، لقد كتبنا عليهم الفشل حينما كانوا بيننا، لكنهم بعد أن هاجروا عنا لبلدان أخرى نجحوا، وأبدعوا، ثم تركوا لنا مهمة صناعة الفشل من جديد يا خسارة.
هذا السؤال تستدعيه قضايا شبه يومية، يقع فيها أبناؤنا ضحايا لتقصيرنا أو عجزنا أو إهمالنا، عنوانها غالبا «مستنقع» الفشل « أو الخطأ، الذي قد يتحول إلى جريمة أو كارثة، يدفع ضريبتها أبناؤنا، ونقف جميعا تجاهها صامتين، او مندهشين، أو حكماء أو محاسبين، دون أن يخطر ببالنا أننا نحن السبب.
جردة حسابات الفشل طويلة جدا، بدءا من شبكات المخدرات إلى جرائم القتل والسرقة، والانحرافات السلوكية، إلى حوادث السيارات والشارع، إلى تداعيات البطالة والفقر وانعكاساتها، إلى قضايا الفساد باختلاف أنواعها، وصولا إلى حالة انعدام الثقة والقطيعة، والرغبة بالهجرة إلى الخارج، والعصيان الأسري، وصرخات الانتحار..كل هذا وغيره من «المطبات» التي يقع فيها أبناؤنا تسجل غالبا في حساباتهم الخاصة، ويدفعون ثمنها من حياتهم ومستقبلهم، فيما نهرب نحن إلى ممرات الاستنكار، وكأننا لا نتحمل مسؤولية ما فعلنا بهم، أو ما فعلوه جرّاءنا بأنفسهم .
سأتجاوز عن كل هذه القضايا (على اهميتها) لأشير لقضيتين تصبان في مربع الفشل الذي يقع فيه أبناؤنا، بسببنا نحن، وهما من أروقة وزارة التربية والتعليم، ويتعلقان تحديدا بملف واحد، هو امتحان التوجيهي، لنكتشف ببساطه أن معظم ما نصدره من أحكام ضد أبنائنا، تحت عنوان الرسوب أو الفشل، ليس صحيحا، وليسوا مسؤولين عنه وحدهم، وأن ما نضعه من سياسات ومقررات قد يكون أحيانا أحد الأسباب لإفشال أبنائنا ومعاقبتهم، دون أن يكون لهم أي ذنب .
ذكر لي وزير التربية الأسبق (د.عمر الرزاز) أن طالبا رسب بالتوجيهي أربع مرات، بمادة اللغة الإنجليزية، راجعه في مكتبه، وطلب منه أن يسمح له بتقديم الامتحان للمرة الخامسة، الوزير تفاجأ بأن معدل الطالب في المواد الأخرى مرتفع، وأن مشكلته باللغة الإنجليزية فقط، لكن القانون لا يسمح بإعطائه فرصة جديدة ، ومع ذلك طلب الوزير من مساعديه إعداد دراسة عن أوضاع المدرسة التي تخرج فيها الطالب، فاكتشف أنه لا يوجد فيها معلم للغة الإنجليزية منذ سنوات، وأن معلم التربية المهنية كان البديل، اكتشف أيضا أن طلبة التوجيهي لثلاث سنوات متتالية رسبوا بامتحان اللغة الإنجليزية.
ذكر لي وزير آخر (دكتور عبد الناصر أبو البصل) أن أحد رؤساء جامعة مؤتة (الدكتور عبد الرحمن عطيات رحمه الله) تفاجأ بنتائج إحدى المدارس في الطفيلة حيث رسب جميع طلبة التوجيهي آنذاك، فتوجه الرئيس لطلب دراسة حالة المدرسة، ليكتشف انه لا يوجد بها معلمون اكفاء، فقرر أن يبتعث أساتذة من الجامعة لتدريس الطلاب في مدرستهم، وبعد نهاية العام خرجت نتائج التوجيهي، فإذا بجميع الطلبة ناجحين وبمعدلات مرتفعة أيضا.
لم يفشل أبناؤنا في المدارس او الجامعات، أو سوق العمل أو أسواق السياسة والاحزاب ، أو في الحياة، لأنهم فاشلون بالفطرة، ولا لأنهم يحبون الفشل، وإنما لأننا لم نحسن التعامل معهم، ولم نقدم لهم ما يحتاجونه من رعاية، ولأننا تصورنا أن قراراتنا دائما صحيحة، وعليهم أن ينفذوها دون اعتراض.
فشل بعض أبنائنا لأننا تجاهلنا أصواتهم واستهزأنا بعقولهم، و لأننا فشلنا في إدارة حياتنا، وهم جزء منها، وفشلنا في معرفتهم والإنصات لهم، لقد كتبنا عليهم الفشل حينما كانوا بيننا، لكنهم بعد أن هاجروا عنا لبلدان أخرى نجحوا، وأبدعوا، ثم تركوا لنا مهمة صناعة الفشل من جديد يا خسارة.
مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/16 الساعة 09:59