أين المشروع المسيحي الأردني؟
مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/15 الساعة 01:27
قد لا يعجب البعض التحدث عن الأديان كتصنيف لا يستوي في كفة الميزان وفي ظل المجموع الأكبر من سكان بلاد الشام على الأغلب، فما نراه اليوم هو تزايد النقص في تعداد المسيحيين في بلادنا والأردن منها، ومترادفة "تزايد النقص" هي إشارة لعدم توقف عداد طلبات الهجرة من بلادنا الى بلاد الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، وليس المسيحيون فقط بل والعديد من المسلمين الذين أوجعتهم الأوضاع الاقتصادية وحالة عدم اليقين في مستقبل واعد، وإذا صدقت الإحصائيات في ازدياد معدلات الهجرة لإخوتنا المسيحيين، فحق لنا أن نُصدم بقوة، بل قد لا نُصدق العدد المتبقي.
يوم الخميس الماضي زار جلالة الملك الفاتيكان، واستقبله قداسة البابا فرنسيس، وحسب البيان الصحفي للكرسي الرسولي، فقد استقبل قداسة البابا الملك في القصر الرسولي بالفاتيكان، والتقى جلالته لاحقا أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين، وأمين سرّ الدولة للعلاقات مع الدول والمنظمات الدولية المطران بول ريتشارد غالاغر، وخلال المحادثات الودية في أمانة الدولة، وفي التعبير عن التقدير للعلاقات الثنائية الطيبة القائمة، وتمت الإشارة إلى ضرورة الاستمرار في تطوير الحوار بين الأديان والحوار المسكوني، مع الضمانة بأن تتمكن الكنيسة الكاثوليكية في الأردن على الدوام من ممارسة رسالتها بحرية.
كما أكد بيان الكرسي أهمية تعزيز الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط، مع الإشارة بشكل خاص إلى القضية الفلسطينية وقضية اللاجئين، وتم التأكيد على ضرورة حماية وتشجيع الحضور المسيحي في المنطقة، كما تم التأكيد على ضرورة الاستمرار في الحفاظ على الوضع الراهن في الأماكن المقدسة في القدس، ووصفه البيان بمكان اللقاء ورمز التعايش السلمي، حيث يُعزز الاحترام المتبادل والحوار.
في خطابه على منصة الأمم المتحدة، ركز الملك على أهمية حماية المقدسات المسيحية، والحفاظ على الوضع التاريخي لها، وطالب المجتمع الدولي بدعم ثبات المسيحيين في أرضهم ومنع أي ضغوط إسرائيلية على المسيحيين الفلسطينيين وتسهيل هجرتهم خارج أرضهم الفلسطينية، في المقابل شنت صحيفة "جيروساليم" الصهيونية هجوما على الخطاب، ووصفته بالمحرض وأن تناقص أعداد المسيحيين يُعزا للأوضاع المضطربة في البلاد العربية، وكالت التهم من كل جانب، فيما ادعت أن علاقة الحكومات الإسرائيلية متميزة جداً مع الطوائف المسيحية على أرض فلسطين، ولكن ما نراه عكس ذلك تماما، بل إن جزءاً من اللاجئين والنازحين عقب مذابح اليهود ضد العرب عام 1948 وعقب تهجيرهم 1967 كانوا من المسيحيين، غالبيتهم جاءوا الى الأردن كمواطنين تاميّن.
اليوم ونحن نرى الفِرق والأحزاب والجماعات الإسلامية التي يتم تصعيد بعضها على بعض، أو إدخالها للتعويض في النقص الممنهج على ساحة الدعوة الأصلية، وفي ظل استخدام مصطلحات الهوية الدينية من مختلف طرائق الإسلام، وخلق الحركات المتقاتلة والمقاتلة ضد الأنظمة أو ضد بعضهم البعض كما نرى في سوريا الأقرب لنا، دون وعيّ لما ينتظر أمتهم من تقهقر وتخلف، نجد أن الظهور المسيحي الأصيل في بلدنا الطيب، يشكل ميزة لا يمكن الاستغناء عنها، بل إن الدولة الأردنية احتضنت العديد منهم في مراكز القرار وفي المناصب العامة وهم أهل لذلك، وتقوم الجمعيات والمراكز بتقديم الدعم وترسيخ المواطنة الحقة في وطن لا يلفظ أحداً من بنيه، ولكن أغلب ما تقوم به لا يظهر، وإن ظهر يكون خجولاً.
وتعقيبا على ما ذكر، فإن بلادنا كجزء من بلاد الشام والعراق كانت مسيحية، بل إن في السيّر يُذكر أن زعيم قريش عبدالمطلب بن هاشم كان على دين ابراهيم حنيفا، ولا أثبت من ذلك أن ورقة بن نوفل خال السيدة خديجة كان نصرانياً مسيحياً، وبعد بعثة النبي ووصول الجيش الإسلامي الى الكرك وما بعدها من معارك ضد الروم الأوروبيين فإن المسيحيين ناصروا المسلمين واشتركوا في القتال ضد الاحتلال الروماني، وفي زمن الدولة الأردنية كانت المسيحية إحدى الركائز الوطنية بشخصياتها وكنائسها، وهم من يدحضون ادعاءات يهودية بأن الأردن كان أرضهم منذ العصر الهلنستي، وأن عمّان كانت تحت حكم قبيلة يهودية.
من هنا يجب على الكنيسة الأرثوذكسية الأكبر، والكنيسة اللاتينية والكاثوليكية مع الاحترام، أن تقدم مشروعها الوطني الذي التزمت به منذ بداية قيام الدولة، فما تقوم به الكنيسة الأرثوذكسية من جهود كبيرة لترسيخ القيم الوطنية والتعاون والتضامن مع كافة شرائح المجتمع وإنشاء المدارس ذات القيمّ العلمية عالية الكفاءة، والحفاظ على الشواهد والكنائس التاريخية، وتقديم المساعدات للأسر، فضلا عن دفاعها ضد تهويد المقدسات المسيحية والاسلامية في القدس وبقية من كنائس فلسطين، وعلاقاتها مع المجتمع الأوروبي والفاتيكان، كل ذلك وأكثر مما لا نعرفه، يجعلها أمام مسؤولية وطنية عظيمة، ومهما هاجر أو سافر من مسيحيين فلن ينسلخ أي منهم عن وطنه العربي.
Royal430@hotmail.com
يوم الخميس الماضي زار جلالة الملك الفاتيكان، واستقبله قداسة البابا فرنسيس، وحسب البيان الصحفي للكرسي الرسولي، فقد استقبل قداسة البابا الملك في القصر الرسولي بالفاتيكان، والتقى جلالته لاحقا أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين، وأمين سرّ الدولة للعلاقات مع الدول والمنظمات الدولية المطران بول ريتشارد غالاغر، وخلال المحادثات الودية في أمانة الدولة، وفي التعبير عن التقدير للعلاقات الثنائية الطيبة القائمة، وتمت الإشارة إلى ضرورة الاستمرار في تطوير الحوار بين الأديان والحوار المسكوني، مع الضمانة بأن تتمكن الكنيسة الكاثوليكية في الأردن على الدوام من ممارسة رسالتها بحرية.
كما أكد بيان الكرسي أهمية تعزيز الاستقرار والسلام في الشرق الأوسط، مع الإشارة بشكل خاص إلى القضية الفلسطينية وقضية اللاجئين، وتم التأكيد على ضرورة حماية وتشجيع الحضور المسيحي في المنطقة، كما تم التأكيد على ضرورة الاستمرار في الحفاظ على الوضع الراهن في الأماكن المقدسة في القدس، ووصفه البيان بمكان اللقاء ورمز التعايش السلمي، حيث يُعزز الاحترام المتبادل والحوار.
في خطابه على منصة الأمم المتحدة، ركز الملك على أهمية حماية المقدسات المسيحية، والحفاظ على الوضع التاريخي لها، وطالب المجتمع الدولي بدعم ثبات المسيحيين في أرضهم ومنع أي ضغوط إسرائيلية على المسيحيين الفلسطينيين وتسهيل هجرتهم خارج أرضهم الفلسطينية، في المقابل شنت صحيفة "جيروساليم" الصهيونية هجوما على الخطاب، ووصفته بالمحرض وأن تناقص أعداد المسيحيين يُعزا للأوضاع المضطربة في البلاد العربية، وكالت التهم من كل جانب، فيما ادعت أن علاقة الحكومات الإسرائيلية متميزة جداً مع الطوائف المسيحية على أرض فلسطين، ولكن ما نراه عكس ذلك تماما، بل إن جزءاً من اللاجئين والنازحين عقب مذابح اليهود ضد العرب عام 1948 وعقب تهجيرهم 1967 كانوا من المسيحيين، غالبيتهم جاءوا الى الأردن كمواطنين تاميّن.
اليوم ونحن نرى الفِرق والأحزاب والجماعات الإسلامية التي يتم تصعيد بعضها على بعض، أو إدخالها للتعويض في النقص الممنهج على ساحة الدعوة الأصلية، وفي ظل استخدام مصطلحات الهوية الدينية من مختلف طرائق الإسلام، وخلق الحركات المتقاتلة والمقاتلة ضد الأنظمة أو ضد بعضهم البعض كما نرى في سوريا الأقرب لنا، دون وعيّ لما ينتظر أمتهم من تقهقر وتخلف، نجد أن الظهور المسيحي الأصيل في بلدنا الطيب، يشكل ميزة لا يمكن الاستغناء عنها، بل إن الدولة الأردنية احتضنت العديد منهم في مراكز القرار وفي المناصب العامة وهم أهل لذلك، وتقوم الجمعيات والمراكز بتقديم الدعم وترسيخ المواطنة الحقة في وطن لا يلفظ أحداً من بنيه، ولكن أغلب ما تقوم به لا يظهر، وإن ظهر يكون خجولاً.
وتعقيبا على ما ذكر، فإن بلادنا كجزء من بلاد الشام والعراق كانت مسيحية، بل إن في السيّر يُذكر أن زعيم قريش عبدالمطلب بن هاشم كان على دين ابراهيم حنيفا، ولا أثبت من ذلك أن ورقة بن نوفل خال السيدة خديجة كان نصرانياً مسيحياً، وبعد بعثة النبي ووصول الجيش الإسلامي الى الكرك وما بعدها من معارك ضد الروم الأوروبيين فإن المسيحيين ناصروا المسلمين واشتركوا في القتال ضد الاحتلال الروماني، وفي زمن الدولة الأردنية كانت المسيحية إحدى الركائز الوطنية بشخصياتها وكنائسها، وهم من يدحضون ادعاءات يهودية بأن الأردن كان أرضهم منذ العصر الهلنستي، وأن عمّان كانت تحت حكم قبيلة يهودية.
من هنا يجب على الكنيسة الأرثوذكسية الأكبر، والكنيسة اللاتينية والكاثوليكية مع الاحترام، أن تقدم مشروعها الوطني الذي التزمت به منذ بداية قيام الدولة، فما تقوم به الكنيسة الأرثوذكسية من جهود كبيرة لترسيخ القيم الوطنية والتعاون والتضامن مع كافة شرائح المجتمع وإنشاء المدارس ذات القيمّ العلمية عالية الكفاءة، والحفاظ على الشواهد والكنائس التاريخية، وتقديم المساعدات للأسر، فضلا عن دفاعها ضد تهويد المقدسات المسيحية والاسلامية في القدس وبقية من كنائس فلسطين، وعلاقاتها مع المجتمع الأوروبي والفاتيكان، كل ذلك وأكثر مما لا نعرفه، يجعلها أمام مسؤولية وطنية عظيمة، ومهما هاجر أو سافر من مسيحيين فلن ينسلخ أي منهم عن وطنه العربي.
Royal430@hotmail.com
مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/15 الساعة 01:27