من يقصد عبدالهادي راجي
مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/14 الساعة 02:29
كنت طالباً في الجامعة الأردنية عام 1993.. وكنا قبل المحاضرة, نذهب للمكتبة من أجل قراءة الصحف اليومية, في تلك الفترة كانت المقالات تجتاح كل الصحف.. وانقسم الناس بين مؤيد للسلام ويراه ضرورة تاريخية, وبين معارضين هربوا للصحف الأسبوعية كي تمنحهم بعض الزوايا للتعبير عن رفضهم للاتفاقية..
كنت يوميا أقرأ عشرات المقالات التي تهلل وترحب.. وأقرأ في الصحف الأسبوعية عن وفود وزيارات... المشكلة ليست في انقسام المجتمع, المشكلة في أن الذين هللوا للاتفاقية.. عادوا الآن لاستعمال مصطلحات: دولة الكيان, جيش الاحتلال, عصابة نتنياهو.. إلخ.
كنت يافعا وقتها, ومن دون زاوية صحفية.. ومن دون تأثير, لكني كنت اجمع قصاصات المقالات.. وأولاها مقالات طارق مصاروة, الذي اتخذ موقفا حاسما.. ورفض أن ينخرط في مشروع زيارة الكيان الصهيوني, وكنت اتابع المجد التي يرأسها فهد الريماوي.. والتي اتخذت موقفا صارما أيضا وصلبا وعارضت المشهد... فخري قعوار, راكان المجالي, جورج حداد.. وغيرهم من الكتاب.
هؤلاء بعضهم ما زال على قيد الحياة وبعضهم غادر, لكنهم رفضوا زيارة الكيان.. ولم يكتبوا حرفا واحدا عن المشهد, وراحوا يلثمون الجرح العراقي تارة, ويستعيدون ذكريات عبدالناصر تارة.. ويهربون من المشهد الداخلي في كل مقال..
استغرب من الذين سنوا حرابهم الآن وبدأوا يعلموننا أبجديات الصبر الفلسطيني, وابجديات النضال.. وأسس مقاومة الاحتلال, وما زلت اذكر أحدهم في منتدى الفكر العربي.. كيف ألقى بنا محاضرة يومها, واتهم من المعارضين للمعاهدة بأنهم ضد المصلحة الوطنية.. لا بل خونهم في مفاصل كثيرة, واتذكر آخر كيف جاء إلى الجامعة الأردنية يوما... ووصف المشهد بالقرار الاستراتيجي وبأن الأردن سيضيع بأقلام هذه الطغمة التي تخلت عن البلد وعن المعاهدة.. وللأسف تبدلت مواقفه بعد فترة وصار يشبعنا وطنية ورفضا للاحتلال, لدرجة صرت أشعر بأنه سيمسك البند?ية ويذهب للجسر..
الذاكرة الشعبية قد تتعب ولكنها لا تذوب ولا تهترئ, والذاكرة ذاتها تسأل كيف تحول هؤلاء بين ليلة وضحاها إلى معارضين شرسين, وحماة للوطن والقضية.. وكيف صاروا يلومون الدولة على تراخيها, لا بل يطالبونها بقطع الاتصال وتجميد المعاهدة..
على كل حال.. الشيب في لحظة يجب أن يحترم, والعمر يجب أن يحترم, والشعوب ليست مطية ولا مزحة.. سنبقى نتذكر طارق مصاروة الذي شببنا على مقالاته, نتذكر فهد الريماي الذي لم يتغير للآن.. نتذكر جورج حداد... وغيرهم الكثير, بعضهم غادر وبعضهم ما زال على قيد الحياة ولكن في صفحات التاريخ سيكتب عنهم.. أنهم لم يبدلوا المواقف, ولم يتعاملوا مع القضية كصفقة.. ولم يحاولوا التوبة في آخر العمر, ظلوا أوفياء للبلد وللمهنة.. وظل ضميرهم حيا.
Abdelhadi18@yahoo.com
كنت يوميا أقرأ عشرات المقالات التي تهلل وترحب.. وأقرأ في الصحف الأسبوعية عن وفود وزيارات... المشكلة ليست في انقسام المجتمع, المشكلة في أن الذين هللوا للاتفاقية.. عادوا الآن لاستعمال مصطلحات: دولة الكيان, جيش الاحتلال, عصابة نتنياهو.. إلخ.
كنت يافعا وقتها, ومن دون زاوية صحفية.. ومن دون تأثير, لكني كنت اجمع قصاصات المقالات.. وأولاها مقالات طارق مصاروة, الذي اتخذ موقفا حاسما.. ورفض أن ينخرط في مشروع زيارة الكيان الصهيوني, وكنت اتابع المجد التي يرأسها فهد الريماوي.. والتي اتخذت موقفا صارما أيضا وصلبا وعارضت المشهد... فخري قعوار, راكان المجالي, جورج حداد.. وغيرهم من الكتاب.
هؤلاء بعضهم ما زال على قيد الحياة وبعضهم غادر, لكنهم رفضوا زيارة الكيان.. ولم يكتبوا حرفا واحدا عن المشهد, وراحوا يلثمون الجرح العراقي تارة, ويستعيدون ذكريات عبدالناصر تارة.. ويهربون من المشهد الداخلي في كل مقال..
استغرب من الذين سنوا حرابهم الآن وبدأوا يعلموننا أبجديات الصبر الفلسطيني, وابجديات النضال.. وأسس مقاومة الاحتلال, وما زلت اذكر أحدهم في منتدى الفكر العربي.. كيف ألقى بنا محاضرة يومها, واتهم من المعارضين للمعاهدة بأنهم ضد المصلحة الوطنية.. لا بل خونهم في مفاصل كثيرة, واتذكر آخر كيف جاء إلى الجامعة الأردنية يوما... ووصف المشهد بالقرار الاستراتيجي وبأن الأردن سيضيع بأقلام هذه الطغمة التي تخلت عن البلد وعن المعاهدة.. وللأسف تبدلت مواقفه بعد فترة وصار يشبعنا وطنية ورفضا للاحتلال, لدرجة صرت أشعر بأنه سيمسك البند?ية ويذهب للجسر..
الذاكرة الشعبية قد تتعب ولكنها لا تذوب ولا تهترئ, والذاكرة ذاتها تسأل كيف تحول هؤلاء بين ليلة وضحاها إلى معارضين شرسين, وحماة للوطن والقضية.. وكيف صاروا يلومون الدولة على تراخيها, لا بل يطالبونها بقطع الاتصال وتجميد المعاهدة..
على كل حال.. الشيب في لحظة يجب أن يحترم, والعمر يجب أن يحترم, والشعوب ليست مطية ولا مزحة.. سنبقى نتذكر طارق مصاروة الذي شببنا على مقالاته, نتذكر فهد الريماي الذي لم يتغير للآن.. نتذكر جورج حداد... وغيرهم الكثير, بعضهم غادر وبعضهم ما زال على قيد الحياة ولكن في صفحات التاريخ سيكتب عنهم.. أنهم لم يبدلوا المواقف, ولم يتعاملوا مع القضية كصفقة.. ولم يحاولوا التوبة في آخر العمر, ظلوا أوفياء للبلد وللمهنة.. وظل ضميرهم حيا.
Abdelhadi18@yahoo.com
مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/14 الساعة 02:29