الملك والقضية الفلسطينية
مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/13 الساعة 01:15
لا يمكن فهم أي علاقة مع أي حكومة جاءت سابقا أو تأتي مستقبلا في تل أبيب، إلا إذا قرأنا تاريخ الحكومات الصهيونية من منطلق «الرعب»..
فمنذ نشوء دولة الكيان الإسرائيلي كان الخوف متلبساً عقول الكبار قبل الصغار من اللاجئين اليهود الذين فروا من ويلات الحروب في أوروبا الشرقية على الأغلب، لذلك كان الفهم المحدود لكل الأجيال أن تلك الأرض من العالم هي مُلك موعود من الله، وأنهم جاءوا لتحريرها من الشرّ والاستقرار فيها، ولكن الحقيقة المجردة اليوم هي أنهم يعيشون في جميع أرض فلسطين ولكنهم لا يملكون الأرض المزعومة، كما القدس والخليل، ومن هنا نفهم كيف يتعاملون بمنطق اللصوص.
الملك عبدالله الثاني ما زال محور الاهتمام والترقب في الدوائر الإسرائيلية، أكان لدى الجمهور العبري، أو على مستوى القيادات في الحكومة أو المؤسسات الأخرى كالجيش أو مجتمع الاستخبارات أو رؤساء الأحزاب يسارية كانت أم يمينية متطرفة، فضلا عن جمهور عريض من العبريين الذين ما زال غالبيتهم يحتكمون الى الحكومات المتطرفة لحمايتهم من سكين بيد صبي فلسطيني، ولهذا تخرج أصوات عبرية متطرفة لتبشر بما لا يمكن تحقيقه، من أن ترحيل جميع الفلسطينيين الى الأردن هو كحل أمثل، لتتلقفه أبواق من أصلابنا لتشيع الخوف بمستقبل غير محمود، وين?ى البعض أن الأردنيين بمختلف شيعهم صمدوا طويلاً ولن يقبلوا تفريطاً بأرض فلسطين وشعبها.
حينما أتجول بين الصحف العبرية والغربية والصحافة العربية اللاجئة في الغرب والمحللين الذين يخلطون الزيت بالماء العكر، قلما نجد تحليلات واقعية عن العلاقة الرسمية للدولة الأردنية مع الكيان العبري، فالأردن نشأ كدولة مستقلة تزامنا مع انتهاء الحرب العالمية الأولى وسيطرة الأنجلوفرنسي على هذه البقعة من الأرض، بالتزامن مع خضوع سوريا ولبنان المجزوءة لفرنسا حتى بداية الثلاثينات السابقة، وقد سبق نشوء الدولة الأردنية كثيرا من الدول العربية التي نراها اليوم وصلت الى علاقات تامة مع الكيان العبري، ولم يخض أي منها حرباً مع ?لعبريين ولم تقاتل بثلاث حروب منذ نشوء الكيان العبري بتوقيع بلفور.
ومع هذا لا أحد يتحدث عن جريمة سياسية ارتكبتها أي دولة عربية في علاقتها مع تل أبيب، باستثناء عمّان التي دخلت في علاقتها بعدما وقعت منظمة التحرير بالأحرف الأولى على الاعتراف بالكيان العبري طلباً لدولة منشودة، وعلى الرغم من ملاحظاتنا على مجمل العلاقة مع الكيان الإسرائيلي، فإن الحقيقة المجردة هي واقع مؤكد لبقاء دولة شتات أصبحت جزءاً مفروضاً على العالم العربي وعلى المجتمع الدولي برعاية الولايات المتحدة على أنها الولاية الحادية والخمسون، وهي تحت الحماية المفرطة، وتمتلك قوة ردع عسكرية متطورة جدا، وقوات دروع تنافس?فيها غالبية الدول العربية تقدما وتكنولوجيا وصناعات فائقة التطور، وتتربع على ثروات الغاز في أعماق البحر وعلاقات مع جميع دول العالم.
لهذا يدرك مجتمع الغرب أن ما يجري في إسرائيل من انتخابات أدت لعودة نتنياهو على ظهر أحزاب اليمين المتطرف سيكون مشكلة بالنسبة لهم، وهو استمرار لإرث الكيان العبري منذ أن انقلب «الفيلق اليهودي» الذي كان ضمن القوات البريطانية سابقا، ليلتحق بقوات الهاغانا وقتلوا مئات الجنود الإنجليز قبل رحيلهم، وارتكبوا جرائم قتل جماعي للفلسطينيين وتدمير قرى بأكملها بعد حفل «الشمعدان» وسفك الدماء، وأن تلك العقلية لا تزال متأصلة في عقول الأحزاب اليهودية المتطرفة، وسيقبل العالم مرة أخرى بنتنياهو مهما تكون صورته وتوجهاته، ومع هذا فإ? عودة الدب الأعمى قد لا تحقق ما تصبو له القيادة الأردنية لإنقاذ ما تبقى من مكتسبات زمن حكومة بينيت وشركائه، ولكنه ينظر لأفعال الحكومة القادمة وقيادتها بعين الحذر.
الملك عبدالله الثاني يدرك كيف يتعاطى مع المعضلات السياسية والأمنية في إسرائيل ويحاول تلافي الضرر في العلاقة التي ورثها مع كيان متغير، ويدرك أن أي تصعيد من قبل الحكومة الإسرائيلية لإخضاع القدس بمقدساتها وحملات التطهير العسكري للأرض الفلسطينية والشعب الفلسطيني وإبقاء الحصار المزدوج على الضفة الغربية وقطاع غزة، وإطلاق يد عبدة الشمعدان «المينوراه» في وزارات سيادية يحكمها بن غفير ذو الأصل الكردي وسيموتريتش المتطرفان، سيفجر الوضع الفلسطيني الذي لم يعد شعبه يطيق كل إجراءات دولة الأبرتهاريد.
في المقابل وفي ظل برود العلاقات العربية العربية، وتخلي غالبية الدول المانحة عن التزاماتها بدعم الأردن، فلم يعد بالإمكان سوى التعاطي مع الأمر الواقع، حتى ما حصل من اتفاقية الماء والكهرباء مع الكيان الصهيوني مجددا برعاية أميركية إماراتية، رفض الأردن التوقيع على أي التزامات مستقبلية، حتى أن مسؤولاً إسرائيليا أكد ذلك، ولا نزكيها، ولكن مع كل ما حدث أو قد يحدث في مستقبل العلاقة الأردنية مع تل أبيب بحكم نتنياهو والمتطرفين في الحكومة هناك، فإن الملك يصرّ على أن تبقى شعرة معاوية باقية، ليس لمصلحة الأردن فحسب بل لاس?قرار الوضع الفلسطيني عموما، وتغيير السياسة التي تتعاطى بها حكومات تل أبيب مع الفلسطينيين وكأنهم غزاة.
Royal430@hotmail.com
فمنذ نشوء دولة الكيان الإسرائيلي كان الخوف متلبساً عقول الكبار قبل الصغار من اللاجئين اليهود الذين فروا من ويلات الحروب في أوروبا الشرقية على الأغلب، لذلك كان الفهم المحدود لكل الأجيال أن تلك الأرض من العالم هي مُلك موعود من الله، وأنهم جاءوا لتحريرها من الشرّ والاستقرار فيها، ولكن الحقيقة المجردة اليوم هي أنهم يعيشون في جميع أرض فلسطين ولكنهم لا يملكون الأرض المزعومة، كما القدس والخليل، ومن هنا نفهم كيف يتعاملون بمنطق اللصوص.
الملك عبدالله الثاني ما زال محور الاهتمام والترقب في الدوائر الإسرائيلية، أكان لدى الجمهور العبري، أو على مستوى القيادات في الحكومة أو المؤسسات الأخرى كالجيش أو مجتمع الاستخبارات أو رؤساء الأحزاب يسارية كانت أم يمينية متطرفة، فضلا عن جمهور عريض من العبريين الذين ما زال غالبيتهم يحتكمون الى الحكومات المتطرفة لحمايتهم من سكين بيد صبي فلسطيني، ولهذا تخرج أصوات عبرية متطرفة لتبشر بما لا يمكن تحقيقه، من أن ترحيل جميع الفلسطينيين الى الأردن هو كحل أمثل، لتتلقفه أبواق من أصلابنا لتشيع الخوف بمستقبل غير محمود، وين?ى البعض أن الأردنيين بمختلف شيعهم صمدوا طويلاً ولن يقبلوا تفريطاً بأرض فلسطين وشعبها.
حينما أتجول بين الصحف العبرية والغربية والصحافة العربية اللاجئة في الغرب والمحللين الذين يخلطون الزيت بالماء العكر، قلما نجد تحليلات واقعية عن العلاقة الرسمية للدولة الأردنية مع الكيان العبري، فالأردن نشأ كدولة مستقلة تزامنا مع انتهاء الحرب العالمية الأولى وسيطرة الأنجلوفرنسي على هذه البقعة من الأرض، بالتزامن مع خضوع سوريا ولبنان المجزوءة لفرنسا حتى بداية الثلاثينات السابقة، وقد سبق نشوء الدولة الأردنية كثيرا من الدول العربية التي نراها اليوم وصلت الى علاقات تامة مع الكيان العبري، ولم يخض أي منها حرباً مع ?لعبريين ولم تقاتل بثلاث حروب منذ نشوء الكيان العبري بتوقيع بلفور.
ومع هذا لا أحد يتحدث عن جريمة سياسية ارتكبتها أي دولة عربية في علاقتها مع تل أبيب، باستثناء عمّان التي دخلت في علاقتها بعدما وقعت منظمة التحرير بالأحرف الأولى على الاعتراف بالكيان العبري طلباً لدولة منشودة، وعلى الرغم من ملاحظاتنا على مجمل العلاقة مع الكيان الإسرائيلي، فإن الحقيقة المجردة هي واقع مؤكد لبقاء دولة شتات أصبحت جزءاً مفروضاً على العالم العربي وعلى المجتمع الدولي برعاية الولايات المتحدة على أنها الولاية الحادية والخمسون، وهي تحت الحماية المفرطة، وتمتلك قوة ردع عسكرية متطورة جدا، وقوات دروع تنافس?فيها غالبية الدول العربية تقدما وتكنولوجيا وصناعات فائقة التطور، وتتربع على ثروات الغاز في أعماق البحر وعلاقات مع جميع دول العالم.
لهذا يدرك مجتمع الغرب أن ما يجري في إسرائيل من انتخابات أدت لعودة نتنياهو على ظهر أحزاب اليمين المتطرف سيكون مشكلة بالنسبة لهم، وهو استمرار لإرث الكيان العبري منذ أن انقلب «الفيلق اليهودي» الذي كان ضمن القوات البريطانية سابقا، ليلتحق بقوات الهاغانا وقتلوا مئات الجنود الإنجليز قبل رحيلهم، وارتكبوا جرائم قتل جماعي للفلسطينيين وتدمير قرى بأكملها بعد حفل «الشمعدان» وسفك الدماء، وأن تلك العقلية لا تزال متأصلة في عقول الأحزاب اليهودية المتطرفة، وسيقبل العالم مرة أخرى بنتنياهو مهما تكون صورته وتوجهاته، ومع هذا فإ? عودة الدب الأعمى قد لا تحقق ما تصبو له القيادة الأردنية لإنقاذ ما تبقى من مكتسبات زمن حكومة بينيت وشركائه، ولكنه ينظر لأفعال الحكومة القادمة وقيادتها بعين الحذر.
الملك عبدالله الثاني يدرك كيف يتعاطى مع المعضلات السياسية والأمنية في إسرائيل ويحاول تلافي الضرر في العلاقة التي ورثها مع كيان متغير، ويدرك أن أي تصعيد من قبل الحكومة الإسرائيلية لإخضاع القدس بمقدساتها وحملات التطهير العسكري للأرض الفلسطينية والشعب الفلسطيني وإبقاء الحصار المزدوج على الضفة الغربية وقطاع غزة، وإطلاق يد عبدة الشمعدان «المينوراه» في وزارات سيادية يحكمها بن غفير ذو الأصل الكردي وسيموتريتش المتطرفان، سيفجر الوضع الفلسطيني الذي لم يعد شعبه يطيق كل إجراءات دولة الأبرتهاريد.
في المقابل وفي ظل برود العلاقات العربية العربية، وتخلي غالبية الدول المانحة عن التزاماتها بدعم الأردن، فلم يعد بالإمكان سوى التعاطي مع الأمر الواقع، حتى ما حصل من اتفاقية الماء والكهرباء مع الكيان الصهيوني مجددا برعاية أميركية إماراتية، رفض الأردن التوقيع على أي التزامات مستقبلية، حتى أن مسؤولاً إسرائيليا أكد ذلك، ولا نزكيها، ولكن مع كل ما حدث أو قد يحدث في مستقبل العلاقة الأردنية مع تل أبيب بحكم نتنياهو والمتطرفين في الحكومة هناك، فإن الملك يصرّ على أن تبقى شعرة معاوية باقية، ليس لمصلحة الأردن فحسب بل لاس?قرار الوضع الفلسطيني عموما، وتغيير السياسة التي تتعاطى بها حكومات تل أبيب مع الفلسطينيين وكأنهم غزاة.
Royal430@hotmail.com
مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/13 الساعة 01:15