انتخابات رئاسة مجلس النواب
مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/13 الساعة 01:13
يشهد مجلس النواب اليوم استحقاقا دستوريا مهما يتمثل بانتخاب أعضاء مكتبه الدائم، الذي يتألف من رئيس ونائبيْن ومساعديْن له، حيث سيتولى رئاسة المجلس نائب جديد بعد أن قرر الرئيس السابق عبد الكريم الدغمي عدم الترشح وخوض الانتخابات.
وبعيدا عن أية اعتبارات سياسية مرتبطة بشخص الرئيس القادم والطريقة التي سيحصل فيها على ثقة أعضاء المجلس، فإن هناك مستجدات دستورية ترتبط بانتخابات رئاسة المجلس، تتمثل بأنها ستُجرى لأول مرة بموجب المادة (69/1) من الدستور بحلتها المعدلة في عام 2022، والتي خفضت مدة الرئاسة من سنتين شمسيتين إلى سنة واحدة فقط.
ويبقى اللافت في مجريات الأحداث حالة التوافق التي شهدها المجلس النيابي ممثلة بشخص رئيسه السابق ومناصريه من النواب الذين صوتوا له في السابق على المضي قدما في إجراء الانتخابات، ذلك على الرغم من مشروعية التساؤل الذي يمكن طرحه بأن الرئيس السابق قد جرى انتخابه في عام 2021، وفي ظل النص الدستوري قبل التعديل الذي كان يحدد مدة رئاسة مجلس النواب بسنتين شمسيتين.
فالكثير من الاستفسارات الدستورية ربما قد يكون جرى طرحها حول مدى الحاجة لإجراء انتخابات في هذا العام، وبأن النص الدستوري المعدل الذي خفّض مدة رئاسة المجلس لا يُفترض أن يتم تطبيقه في مواجهة الرئيس السابق الذي فاز في الانتخابات بالاستناد إلى نص دستوري كان يعطي الفائز فترة رئاسية مدتها سنتان شمسيتان.
وبصرف النظر عن مستوى النقاش حول هذا التساؤل الدستوري، إلا أنه لم يظهر إلى العلن ولم تثر حوله العديد من الآراء والتحليلات الدستورية التي كان يمكن لها أن تتسارع نحو الطلب من المحكمة الدستورية تفسير نطاق تطبيق المادة (69/1) من الدستور كما جرى تعديلها في عام 2022 بخصوص مدة رئاسة مجلس النواب.
إن الاتفاق على وجوب إجراء انتخابات لرئاسة مجلس النواب ينم عن حالة من الفهم الدستوري السليم داخل المجلس. فالنص الدستوري الذي منح الرئيس السابق مدة رئاسة لسنتين قد جرى إلغاؤه لصالح تخفيض الفترة لسنة واحدة فقط، وأن المادة (69/1) من الدستور بحلتها المعدّلة التي تلزم مجلس النواب في بدء دورته العادية بانتخاب رئيس له لمدة سنة شمسية واحدة، يعد واجب التطبيق في هذا اليوم.
وما يعزز من هذا الرأي أن رئيس مجلس النواب ليس في مركز تعاقدي مع المجلس المنتخب لغايات الاحتجاج بفكرة الحقوق المكتسبة، وبأنه يجب أن يُكمل مدة رئاسته التي منحها إياه النص الدستوري الذي كان نافذا وقت انتخابه. فالرئيس يشغل مركزا دستوريا تنظيميا رسمه المشرع الدستوري وفرض له جملة من الأحكام التي تحدد شروط انتخابه ومدة رئاسته، وأن هذه النصوص الدستورية قابلة للتغيير والتبديل بما يتوافق مع مقتضى الحال، وتكون واجبة النفاذ بشكل فوري ومباشر.
ومن السوابق والأحداث الماضية التي تدعم هذا التحليل الدستوري ما جرى في عام 2011 عندما تم تعديل الدستور وتقرير قاعدة حظر ازدواج الجنسية الأجنبية على أعضاء مجلسي الأعيان والنواب. فقد أصدر المجلس العالي لتفسير الدستور قراره رقم (4) لسنة 2011، الذي أكد فيه على أن شرط عدم حمل جنسية دولة أخرى يسري على أعضاء مجلسي الأعيان والنواب الموجودين عند تعديل الدستور، وأنه لا يحق لأي منهم أن يتمسك بأن عضويته في مجلس الأمة يجب أن تحكمها الشروط الدستورية والقانونية النافذة عند انتخابه أو تعيينه في مجلس الأعيان.
فالأصل في التعديلات الدستورية أن لها صفة النفاذ المباشر بعد مرور ثلاثين يوما من نشرها في الجريدة الرسمية، ما لم يورد المشرع الدستوري نصا خاصا على سريان مفعول أحكامها من تاريخ آخر. وعليه، فإن التعديلات الدستورية لعام 2022 تعتبر واجبة التطبيق على رئيس وأعضاء مجلس النواب الحاليين بمجرد صيرورتها نافذة ودخولها حيز التنفيذ.
وما يعزز من الأثر الفوري المباشر للتعديلات الدستورية لعام 2022 المتعلقة بتخفيض مدة رئاسة مجلس النواب إلى سنة واحدة، أن المشرع الدستوري لو أراد تأخير تطبيق هذا النص المعدل إلى حين إنهاء الرئيس السابق مدته الرئاسية لذكر ذلك صراحة في متنه، وذلك أسوة بنصوص أخرى في التعديلات الدستورية الأخيرة التي ستدخل حيز النفاذ بأثر مستقبلي.
فالمادة (76/2) من الدستور بحلتها المعدلة في عام 2022 قد علقت نفاذ أي تعديل يتعلق بزيادة مخصصات أعضاء مجلسي الأعيان والنواب لتبدأ من المجلس التالي الذي أقر التعديل. كما أن المادة (84/3) من الدستور قد أرجأت تطبيق الأحكام المتعلقة باشتراط موافقة أغلبية ثلثي أعضاء مجلسي الأعيان والنواب لتعديل مجموعة من القوانين الأساسية، إلى حين اجتماع مجلس الأمة التالي للمجلس الذي يقر إضافتها.
أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com
وبعيدا عن أية اعتبارات سياسية مرتبطة بشخص الرئيس القادم والطريقة التي سيحصل فيها على ثقة أعضاء المجلس، فإن هناك مستجدات دستورية ترتبط بانتخابات رئاسة المجلس، تتمثل بأنها ستُجرى لأول مرة بموجب المادة (69/1) من الدستور بحلتها المعدلة في عام 2022، والتي خفضت مدة الرئاسة من سنتين شمسيتين إلى سنة واحدة فقط.
ويبقى اللافت في مجريات الأحداث حالة التوافق التي شهدها المجلس النيابي ممثلة بشخص رئيسه السابق ومناصريه من النواب الذين صوتوا له في السابق على المضي قدما في إجراء الانتخابات، ذلك على الرغم من مشروعية التساؤل الذي يمكن طرحه بأن الرئيس السابق قد جرى انتخابه في عام 2021، وفي ظل النص الدستوري قبل التعديل الذي كان يحدد مدة رئاسة مجلس النواب بسنتين شمسيتين.
فالكثير من الاستفسارات الدستورية ربما قد يكون جرى طرحها حول مدى الحاجة لإجراء انتخابات في هذا العام، وبأن النص الدستوري المعدل الذي خفّض مدة رئاسة المجلس لا يُفترض أن يتم تطبيقه في مواجهة الرئيس السابق الذي فاز في الانتخابات بالاستناد إلى نص دستوري كان يعطي الفائز فترة رئاسية مدتها سنتان شمسيتان.
وبصرف النظر عن مستوى النقاش حول هذا التساؤل الدستوري، إلا أنه لم يظهر إلى العلن ولم تثر حوله العديد من الآراء والتحليلات الدستورية التي كان يمكن لها أن تتسارع نحو الطلب من المحكمة الدستورية تفسير نطاق تطبيق المادة (69/1) من الدستور كما جرى تعديلها في عام 2022 بخصوص مدة رئاسة مجلس النواب.
إن الاتفاق على وجوب إجراء انتخابات لرئاسة مجلس النواب ينم عن حالة من الفهم الدستوري السليم داخل المجلس. فالنص الدستوري الذي منح الرئيس السابق مدة رئاسة لسنتين قد جرى إلغاؤه لصالح تخفيض الفترة لسنة واحدة فقط، وأن المادة (69/1) من الدستور بحلتها المعدّلة التي تلزم مجلس النواب في بدء دورته العادية بانتخاب رئيس له لمدة سنة شمسية واحدة، يعد واجب التطبيق في هذا اليوم.
وما يعزز من هذا الرأي أن رئيس مجلس النواب ليس في مركز تعاقدي مع المجلس المنتخب لغايات الاحتجاج بفكرة الحقوق المكتسبة، وبأنه يجب أن يُكمل مدة رئاسته التي منحها إياه النص الدستوري الذي كان نافذا وقت انتخابه. فالرئيس يشغل مركزا دستوريا تنظيميا رسمه المشرع الدستوري وفرض له جملة من الأحكام التي تحدد شروط انتخابه ومدة رئاسته، وأن هذه النصوص الدستورية قابلة للتغيير والتبديل بما يتوافق مع مقتضى الحال، وتكون واجبة النفاذ بشكل فوري ومباشر.
ومن السوابق والأحداث الماضية التي تدعم هذا التحليل الدستوري ما جرى في عام 2011 عندما تم تعديل الدستور وتقرير قاعدة حظر ازدواج الجنسية الأجنبية على أعضاء مجلسي الأعيان والنواب. فقد أصدر المجلس العالي لتفسير الدستور قراره رقم (4) لسنة 2011، الذي أكد فيه على أن شرط عدم حمل جنسية دولة أخرى يسري على أعضاء مجلسي الأعيان والنواب الموجودين عند تعديل الدستور، وأنه لا يحق لأي منهم أن يتمسك بأن عضويته في مجلس الأمة يجب أن تحكمها الشروط الدستورية والقانونية النافذة عند انتخابه أو تعيينه في مجلس الأعيان.
فالأصل في التعديلات الدستورية أن لها صفة النفاذ المباشر بعد مرور ثلاثين يوما من نشرها في الجريدة الرسمية، ما لم يورد المشرع الدستوري نصا خاصا على سريان مفعول أحكامها من تاريخ آخر. وعليه، فإن التعديلات الدستورية لعام 2022 تعتبر واجبة التطبيق على رئيس وأعضاء مجلس النواب الحاليين بمجرد صيرورتها نافذة ودخولها حيز التنفيذ.
وما يعزز من الأثر الفوري المباشر للتعديلات الدستورية لعام 2022 المتعلقة بتخفيض مدة رئاسة مجلس النواب إلى سنة واحدة، أن المشرع الدستوري لو أراد تأخير تطبيق هذا النص المعدل إلى حين إنهاء الرئيس السابق مدته الرئاسية لذكر ذلك صراحة في متنه، وذلك أسوة بنصوص أخرى في التعديلات الدستورية الأخيرة التي ستدخل حيز النفاذ بأثر مستقبلي.
فالمادة (76/2) من الدستور بحلتها المعدلة في عام 2022 قد علقت نفاذ أي تعديل يتعلق بزيادة مخصصات أعضاء مجلسي الأعيان والنواب لتبدأ من المجلس التالي الذي أقر التعديل. كما أن المادة (84/3) من الدستور قد أرجأت تطبيق الأحكام المتعلقة باشتراط موافقة أغلبية ثلثي أعضاء مجلسي الأعيان والنواب لتعديل مجموعة من القوانين الأساسية، إلى حين اجتماع مجلس الأمة التالي للمجلس الذي يقر إضافتها.
أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com
مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/13 الساعة 01:13