أ.د. بلال ابوالهدى خماش
الصلاة في أي رسالة سماوية وفي الديانة الإسلامية هي صلة العبد مع ربه وكلامه مع ربه في أوقات الصلوات المفروضة أو أي وقت آخر يخلو العبد مع ربه.
ولقد ذكر وجمع الله الصبر في أكثر من آية في كتابه العزيز مع الصلاة، وذكر الصبر قبل الصلاة (صلاة وخلوة العبد مع ربه) لأهمية الصبر. قال الله في كتابه العزيز (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ (البقرة: 45)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (البقرة: 153) ... إلخ).
لو اعتبرنا الصلاة المكتوبة (رغم ان الصلاة المكتوبة عمود الدين) أو الخلوة مع الخالق في اي وقت، فكيف للعبد أن يقوم بأعمال الصلاة المكتوبة بشكل صحيح وبخشوع إذا لم يكن عند العبد الصبر في التحدث مع ربه (ملك الملوك) والاستغفار والحمد والشكر له والركوع والسجود، وسؤاله الخير كله بهدوء ووقار. الله هو خالق كل شيء في هذا الكون ليهيئه للإنسان خليفته في الأرض وبعد ذلك أنزل كتبه السماوية على أنبيائه ورسله وكان القرآن الكريم خاتمتها وهو كتالوج الكون (إذا جاز لنا هذا التعبير) لأن فيه كل شيء يحتاجه بنو آدم في دينهم ودنياهم وآخرتهم. فالصبر مهم جدا في التعامل مع الناس من مختلف أنواعهم وأجناسهم ومعتقداتهم في مختلف قضايا الحياة بين الناس العاديين، وبين قادة الدول بين شعوبهم. فالصبر ممارسة وتطبيق عملي وليس شعارات. فسيدنا آدم وزوجه صبرا على ابنهما قابيل عندما قتل اخوه هابيل، وكذلك صبر سيدنا موسى وشعبه (بني إسرائيل) وأخيه هارون على أفعال فرعون وجنوده البشعة معهم (إِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَٰلِكُم بَلَاءٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (البقرة 49)). وكذلك صبر هارون على أخيه نبي الله مو سى وعلى بني اسرائيل (قَالَ یَـٰهَـٰرُونُ مَا مَنَعَكَ إِذۡ رَأَیۡتَهُمۡ ضَلُّوۤا۟، أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَیۡتَ أَمۡرِی، قَالَ یَبۡنَؤُمَّ لَا تَأۡخُذۡ بِلِحۡیَتِی وَلَا بِرَأۡسِیۤ إِنِّی خَشِیتُ أَن تَقُولَ فَرَّقۡتَ بَیۡنَ بَنِیۤ إِسۡرَائیلَ وَلَمۡ تَرۡقُبۡ قَوۡلِی (طه: 92-94)). وكذلك صبر كثيرا من قادة الأمم وشعوبهم السابقة على ظلم غيرهم من قادة الأمم الآخرين وشعوبهم خلال السنوات الماضية من قبل الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية.
فأفرزت الحرب العالمية الثانية امماً (دولاً) ظلمت وخسرت الحرب واجبرت على الخضوع والاستعمار وبوضع قواعد عسكرية على اراضيها من الدول العظمى المنتصرة وعلى توقيع معاهدات قاهرة وظالمة لعقود من السنوات. مثل تركيا أجبرت على توقيع معاهدة لوزان لمائة عام، وكذلك ألمانيا واليابان وغيرها من دول المحور. وبعض الدول ظلمت فيما بعد عن طريق توقيع معاهدات ظالمة عن طريق تطبيق قوانين الأمم المتحده بطريقة أو اخرى عليها، رغم أنها أعطيت حق الفيتو في مجلس الأمن. فالصين مثلا تم سلخ تايوان عنها بمعاهدات ظالمة، وروسيا عن طريق تفكيك إتحادها السابق (الإتحاد السوفياتي) وسلخ بعض أجزائها عنها مثل أوكرانيا بمعاهدات ظالمه أيضا. ولكن للظلم والقهر والإضطهاد حدود. فتجاوز حدود الظلم القصوى دفع روسيا الإتحادية لاسترجاع جزيرة القرم من أوكرانيا عام 2014 بالقوة وغزو روسيا لأوكرانيا عن طريق حرب طويلة المدى بدأت في 24/2/2022 وحتى تاريخ هذه المقالة. ومن المتوقع أن تغزو الصين تايوان وتعيدها إلى الوطن الأم قبل نهاية هذا العام ولو تطلب ذلك إستخدام القوة. وكذلك تركيا سوف تعيد سيطرتها بكامل حقوقها على قناة البسفور والبحر الأسود وفي البحر الأبيض المتوسط من بداية العام 2023. وكما ذكرنا آنفا أنه للصبر حدود فقد صبر الله وسيدنا نوح على قوم نوح إلى أن نفد صبر سيدنا نوح ودعا نوح ربه (وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا، إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (نوح: 26 و 27)، (وَٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَٰاطِبْنِى فِى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ (هود: 37)) فأغرق الله كل من على الأرض إلا من حمل معه سيدنا نوح في السفينة. والسؤال المهم: هل سينفذ صبر كل من قادة روسيا والصين وكوريا الشمالية والهند والباكستان وقادة من معهم من الدول وقادة دول حلف الناتو وقادة من معهم من الدول وتنشب حرب عالمية ثالثة نووية هيدروجينية هيدرومغناطيسية وتدمر الأرض وما عليها بأمر الله وتكون حرب يوم القيامة؟، او ما تسميها أمريكا والدول الغربية حرب هرمجدون؟