إسرائيل تُهدّد 'السُلطة' الفلسطينية.. وتُهاجِم 'معهد غوتة' الألماني؟
مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/10 الساعة 09:38
ذات يوم قال شمعون بيرس أحد أسوأ قادة العدو الصهيوني، وأكثرهم كذباً وتلوّناً سياسيا: «يا ويل إسرائيل إذا تركتْ أُمورها للصُدفة». لهذا ترى الصهاينة على مختلف مستوياتهم ومسؤولياتهم, السياسية, الدبلوماسية, العسكرية, الاستخبارية وخصوصاً «الإعلامية», لا يُفوّتون أي فرصة. ليس فقط شعوراً منهم بتفوّق العنصر «اليهودي» واستعلائه, وإنما خصوصاً في يقينهم ان كيانهم الاستعماري العنصري الاستيطاني إنما يقوم على عُنصُرَيّ القوة العسكرية والابتزاز, المرتكز هو الآخر على «سلاحين» باطشين أقله في دول الغرب الاستعماري, وهما: الاس?ثمار الدائم في «الهولوكوست», والثاني في إشهار سلاح «العِداء للسامِيّة» في وجه كل مَن ينتقد عنصرية الصهيونية العالمية وبطش اسرائيل وقمعها الشعب الفلسطيني وسفك دمه، وخصوصاً في التصويب على الأٌمم المتحدة واتهامها بأنها مجرد «ماكينة» جاهزة لإصدار القرارات المُعادية لإسرائيل. كون أعدائها يتِّكئون على أغلبية عددية توفرها دول العالم الثالث في الجمعية العامة. فيما لا تخشى تل أبيب اي تصويت في «مجلس الأمن» كون الفيتو الأميركي جاهزاً على الدوام, يسانده في ذلك فيتو بريطاني وآخر فرنسي.
ثمّة مثالان جديدان ساطعان على «جاهزية» إسرائيل للتصويب على وإرهاب أي تحرّك سياسي أو دبلوماسي أو حتى ثقافي أكاديمي وقانوني. الأول: هو التهديد الذي وجّهته حكومة العدو (تساندها في ذلك الولايات المتحدة) الى السلطة الفلسطينية, مُحذرة اياها من مغبة المضي قدماً في مسعاها «إلزام» محكمة العدل الدولية في لاهاي، بإبداء رأيها القانوني في «شرعية» الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية. وهو أمر(إذا لم تتراجع السلطة) سيتم خلال مناقشة تُعقد في الأمم المتحدة نهاية الأسبوع الجاري.
هذا ما كشفته القناة 13 الإسرائيلية, التي أضافت أن إدارة بايدن ضالعة في المحاولة الإسرائيلية لعرقلة الخطة الفلسطينية المٌتمثلة بتقديم «مُقترَح» للأمم المتحدة يطلب من أعلى هيئة قضائية دولية (محكمة العدل الدولية) إصدار رأي «استشاري» يُقدّم للجمعية العامة حول «قانونية» الاحتلال الإسرائيلي.
ورغم أن رأياً استشارياً كهذا تُصدره محكمة دولية لن يكون مُلزماً، بل يُنظر إليه كـ«فتوى قضائية», إلاّ أنه يكتسِب أهمية رمزية وربما يتم اتخاذه كمرجعية قانونية. وهو أمر لن تسمح به إسرائيل والولايات المتحدة (إذا استطاعتا عرقلته), على النحو الذي رأيناه في قرار محكمة العدل الدولية في ما خصّ جدار الفصل العنصري الذي أقامه جيش الاحتلال على أراضي الضفة الغربية في 9/7/2004, ورغم أن اسرائيل لم تُنفذه أو تلتزم به (مثل «كل» قرارات الأمم المتحدة.. جمعية عامّة ومجلس أمن), إلاّ انه بقي كـ «فتوى» ومرجعية قانونية.
ماذا عن معهد «غوته» الألماني؟
هنا تكسب المسألة أهمية إضافية, خاصّة ان معهد غوتة الثقافي هو مؤسسة رسمية ألمانية, إذ حدث أن فرع المعهد في تل أبيب قرّر إقامة «ندوة» ثقافية بالشراكة مع معهد روزا لوكسمبرغ في اسرائيل (أمس الأربعاء) تحت عنوان: «استيعاب ألم الآخرين... المَحرقة، النكبة وثقافة الذاكرة الألمانية». أما مناسبة الندوة فهو حلول الذكرى السنوية لما يُعرَف بـ«ليلة البلّور» التي تعرّض فيها يهود ألمانيا، لاعتداءات النازيين نهاية ثلاثينيات القرن الماضي.
عنوان الندوة أصاب وزارة خارجية العدو بحال من الجنون بل الهستيريا, دفعتها الى شن هجوم حاد ولاذع - بل مُهين - على المعهد وعنوان الندوة, معتبرة انه يُقارِن بين «المحرقة» «اليهودية» و«النكبة» الفلسطينية، مُعبّرة عن صدمتها واشمئزازها من الازدراء الفاضح للمحرقة ونِيّة التحريض التي تدعو للسخرية, لإنشاء روابط هدفها تشويه سُمعة إسرائيل، داعية جميع الأطراف الى «إلغاء هذا الحدث المُشين». فيما طالبتْ منظمة «حقوقية» يهودية رئيس الحكومة/لبيد, بالعمل على «إلغاء» الندوة, كونها تُشكّل «إهانة فظيعة لذكرى المحرقة».
أما المركز اليهودي المُؤثِّر الذي يحظى بدعم النُخب السياسية والحزبية في الولايات المتحدة وأوروبا, والذي يحمل اسم «سيمون فزنتال», ويُقدّم نفسه زوراً وبهتاناً على انه «منظمة يهودية لحقوق الإنسان», فقد شنّ هجوماً لاذعاً على الندوة الثقافية/الألمانية, مطالباً حكومة العدو بإلغائها. معتبراً انه «من المخزي ان يتحدّث (أي ألماني) عن الهولوكوست والنكبة في الوقت نفسه».
ماذا عن «ندوة» معهد غوته في تل أبيب؟
جاء في الدعوة التي نشرها معهد «غوته» للمشاركة في الندوة: أنه «بعد مرور 75 سنة على إعلان إقامة دولة إسرائيل، ما يزال موضوع الذاكرة يُشكل حيزاً للصراعات السياسية فيها. ففي حين يُركز الناجون من المحرقة وسُلالتهم على إبادة يهود أوروبا على يد النازيين، يُركز الفلسطينيون على سنة 1948ــ السنة المصيرية المعروفة بسنة النكبة ــ عندما كان الاقتلاع والفرار من المقاتلين اليهود... مصير مئات الآلاف من الفلسطينيين».
** استدراك: في أعقاب الهجوم الإسرائيلي الضاري على الندوة، قرّر معهد «غوته» تأجيلها إلى يوم الأحد المُقبل/ 13 الجاري. فهل يلتزم المعهد قراره؟,أم يخضع لإرهاب العدو ويقوم بـ«إلغائها»؟.
دعونا ننتظِر.
kharroub@jpf.com.jo
ثمّة مثالان جديدان ساطعان على «جاهزية» إسرائيل للتصويب على وإرهاب أي تحرّك سياسي أو دبلوماسي أو حتى ثقافي أكاديمي وقانوني. الأول: هو التهديد الذي وجّهته حكومة العدو (تساندها في ذلك الولايات المتحدة) الى السلطة الفلسطينية, مُحذرة اياها من مغبة المضي قدماً في مسعاها «إلزام» محكمة العدل الدولية في لاهاي، بإبداء رأيها القانوني في «شرعية» الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية. وهو أمر(إذا لم تتراجع السلطة) سيتم خلال مناقشة تُعقد في الأمم المتحدة نهاية الأسبوع الجاري.
هذا ما كشفته القناة 13 الإسرائيلية, التي أضافت أن إدارة بايدن ضالعة في المحاولة الإسرائيلية لعرقلة الخطة الفلسطينية المٌتمثلة بتقديم «مُقترَح» للأمم المتحدة يطلب من أعلى هيئة قضائية دولية (محكمة العدل الدولية) إصدار رأي «استشاري» يُقدّم للجمعية العامة حول «قانونية» الاحتلال الإسرائيلي.
ورغم أن رأياً استشارياً كهذا تُصدره محكمة دولية لن يكون مُلزماً، بل يُنظر إليه كـ«فتوى قضائية», إلاّ أنه يكتسِب أهمية رمزية وربما يتم اتخاذه كمرجعية قانونية. وهو أمر لن تسمح به إسرائيل والولايات المتحدة (إذا استطاعتا عرقلته), على النحو الذي رأيناه في قرار محكمة العدل الدولية في ما خصّ جدار الفصل العنصري الذي أقامه جيش الاحتلال على أراضي الضفة الغربية في 9/7/2004, ورغم أن اسرائيل لم تُنفذه أو تلتزم به (مثل «كل» قرارات الأمم المتحدة.. جمعية عامّة ومجلس أمن), إلاّ انه بقي كـ «فتوى» ومرجعية قانونية.
ماذا عن معهد «غوته» الألماني؟
هنا تكسب المسألة أهمية إضافية, خاصّة ان معهد غوتة الثقافي هو مؤسسة رسمية ألمانية, إذ حدث أن فرع المعهد في تل أبيب قرّر إقامة «ندوة» ثقافية بالشراكة مع معهد روزا لوكسمبرغ في اسرائيل (أمس الأربعاء) تحت عنوان: «استيعاب ألم الآخرين... المَحرقة، النكبة وثقافة الذاكرة الألمانية». أما مناسبة الندوة فهو حلول الذكرى السنوية لما يُعرَف بـ«ليلة البلّور» التي تعرّض فيها يهود ألمانيا، لاعتداءات النازيين نهاية ثلاثينيات القرن الماضي.
عنوان الندوة أصاب وزارة خارجية العدو بحال من الجنون بل الهستيريا, دفعتها الى شن هجوم حاد ولاذع - بل مُهين - على المعهد وعنوان الندوة, معتبرة انه يُقارِن بين «المحرقة» «اليهودية» و«النكبة» الفلسطينية، مُعبّرة عن صدمتها واشمئزازها من الازدراء الفاضح للمحرقة ونِيّة التحريض التي تدعو للسخرية, لإنشاء روابط هدفها تشويه سُمعة إسرائيل، داعية جميع الأطراف الى «إلغاء هذا الحدث المُشين». فيما طالبتْ منظمة «حقوقية» يهودية رئيس الحكومة/لبيد, بالعمل على «إلغاء» الندوة, كونها تُشكّل «إهانة فظيعة لذكرى المحرقة».
أما المركز اليهودي المُؤثِّر الذي يحظى بدعم النُخب السياسية والحزبية في الولايات المتحدة وأوروبا, والذي يحمل اسم «سيمون فزنتال», ويُقدّم نفسه زوراً وبهتاناً على انه «منظمة يهودية لحقوق الإنسان», فقد شنّ هجوماً لاذعاً على الندوة الثقافية/الألمانية, مطالباً حكومة العدو بإلغائها. معتبراً انه «من المخزي ان يتحدّث (أي ألماني) عن الهولوكوست والنكبة في الوقت نفسه».
ماذا عن «ندوة» معهد غوته في تل أبيب؟
جاء في الدعوة التي نشرها معهد «غوته» للمشاركة في الندوة: أنه «بعد مرور 75 سنة على إعلان إقامة دولة إسرائيل، ما يزال موضوع الذاكرة يُشكل حيزاً للصراعات السياسية فيها. ففي حين يُركز الناجون من المحرقة وسُلالتهم على إبادة يهود أوروبا على يد النازيين، يُركز الفلسطينيون على سنة 1948ــ السنة المصيرية المعروفة بسنة النكبة ــ عندما كان الاقتلاع والفرار من المقاتلين اليهود... مصير مئات الآلاف من الفلسطينيين».
** استدراك: في أعقاب الهجوم الإسرائيلي الضاري على الندوة، قرّر معهد «غوته» تأجيلها إلى يوم الأحد المُقبل/ 13 الجاري. فهل يلتزم المعهد قراره؟,أم يخضع لإرهاب العدو ويقوم بـ«إلغائها»؟.
دعونا ننتظِر.
kharroub@jpf.com.jo
مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/10 الساعة 09:38