البطاينة يكتب: خطر الفساد على الشعوب والدول
بعد شهر وفي مثل هذا اليوم في التاسع من شهر ديسمبر القادم يصادف اليوم الدولي لمكافحة الفساد ، حيث يحتفل العالم بهذا اليوم بالقيام بحملات توعوية لحث الشعوب على التضامن لمكافحة هذه الآفة الإجتماعية والاقتصادية الخطيرة والتي لها انعكاس سلبي وخطير على حياة الشعوب ورفاهيتهم ، وكذلك على بنية الدول الأساسية ، إن الفساد ظاهرة اجتماعية وسياسية واقتصادية معقدة تؤثر على جميع البلدان. فالفساد يقوض المؤسسات الديمقراطية ويبطئ التنمية الاقتصادية ويساهم في عدم الاستقرار الحكومي. كما أن الفساد يهاجم أسس المؤسسات الديمقراطية من خلال تشويه العمليات الانتخابية، وتحريف سيادة القانون وخلق مستنقعات البيروقراطية.
فالحكومات والقطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية ووسائط الإعلام والمواطنون في جميع أنحاء العالم يجب أن يتضافرون على مكافحة هذه الجريمة.
ويؤثر الفساد في جميع المجالات المجتمعية. ولذا يؤدي منع الفساد ومكافحته باتخاذ الإجراءات الوقائية إلى تدشين التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ويساعد في إنشاء الوظائف والأعمال وتحقيق المساواة بين الجنسين، فضلا عن أنه يسهل الحصول على الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم.
وفي حين أنه من حق الجميع الاستفادة من جهود مكافحة الفساد القوية، ولذا فيقع على عاتق الجميع من أفراد ومؤسسات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والمنتديات الثقافية بمختلف أنواعها وأهدافها القيام بمسؤولياتها الوطنية في التصدي للفساد، بمن فيهم المسؤولين الحكوميين والموظفين المدنيين وموظفي إنفاذ القانون وممثلي وسائل الإعلام والقطاع الخاص والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والجمهور والشباب.
ومع ذلك، ليست الدول وحسب هي التي تحتاج إلى الاتحاد ومواجهة هذه المشكلة العالمية بمسؤولية مشتركة. فلكل شخص صغيرًا كان أو كبيرًا دور يضطلع به لمنع الفساد ومكافحته بما يحقق المرونة والنزاهة على جميع المستويات المجتمعية.
ولتحقيق ذلك، يجب أن توجد السياسات والأنظمة والتدابير ليتمكن الناس من الجهر ورفض الفساد. وتؤكد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد على مسؤولية الحكومات عن حماية فعالة للمبلغين عن المخالفات لضمان حمايتهم من الانتقام. وتساهم هذه التدابير في إنشاء مؤسسات فعالة وخاضعة للمساءلة وشفافة بما يُحرز تقدما نحو تأسيس ثقافة النزاهة والإنصاف. والأردن كان من الدول السباقة في هذا المجال عندما قام في عام 1996 بإنشاء دائرة مكافحة الفساد تابعة لدائرة المخابرات العامة ، وبعد سنوات سرعان ما لجأ إلى إفتتاح دائرة مدنية بالتزامن مع إفتتاح ديوان المظالم ، وبعد ذلك تم دمج الدائرتين تحت مسمى هيئة النزاهة ومكافحة الفساد ، والتي تبذل جهودا مضنية ليل نهار من أجل الحد من هذه الآفة الإجتماعية الخطيرة التي تنال من مقدرات الدولة الاقتصادية ، ولذلك فنحن بحاجة إلى حملة وطنية شاملة يشارك بها كافة القطاعات الرسمية والأهلية لنشر ثقافة مخاطر انتشار الفساد على الأمن الوطني بكل أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وحتى الوصول إلى اليوم الدولي لمكافحة الفساد الذي يصادف بداية الشهر القادم علينا أن نبادر إلى وضع خطة وبرنامج وطني للتوعية وإبراز الإنجازات التي تحققت طوال العقود السابقة منذ إفتتاح أول دائرة لمكافحة الفساد حتى نقنع الشارع الأردني بمدى جدية الدولة الأردنية في هذا المجال ، ونستعيد ثقته بمؤسسات الدولة الرقابية ليبادر بالمساهمة والتعاون في الإبلاغ عن أي مخالفات مالية ، بكل ثقة وقناعة وصولا إلى أردن خالي من الفساد ، وللحديث بقية .