'مُفاوضات': هل تخلّت واشنطن عن إلحاق.. 'هزيمة استراتيجية' بروسيا؟
مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/09 الساعة 01:06
أربع وعشرون ساعة فصلتْ بين خبريْن مُثيريْن, سرّبتهما صحيفتان أميركيتان نافذتان ومقربتان من مؤسسات رسمية اميركية.
الأولى هي الـ«واشنطن بوست» التي نسبتْ يوم 6/11 الجاري, الى مسؤول أميركي (لم تُسمِّه) إن إدارة بايدن تحثُّ بشكل غير رسمي, نظام كييف إظهار «الانفتاح» على المفاوضات مع روسيا, وإعادة النظر في رفضه العلني للمفاوضات ما دام الرئيس بوتين في السلطة, وأن مثل هذه السياسة «لا» تهدِف الى دفع كييف الى المفاوضات, ولكن ــ أضافتْ ــ للحفاظ على «كرامتها الأخلاقية في أعين مؤيديها الدوليين». ناسبة للمسؤول الأميركي ذاته القول: «الإرهاق في أوكرانيا مُشكلة حقيقية لبعض شُركائنا الغربيين».
في اليوم التالي 7/11 خرجت الـ«وول ستريت جورنال» على العالم, بخبر أكثر إثارة وضجيجاً, نسَبتهُ هي الأخرى الى «مسؤولين» أميركيين ودول «حليفة», تحدّثوا عن ان مستشار الأمن القومي/سوليفان إجرى في الفترة الأخيرة, «سلسلة» محادثات «سِريّة» بشأن أوكرانيا, مع كبار مساعدي الرئيس بوتين, لافتة إلى ان المباحثات جاءت في محاولة لـِ«الحدّ» من مخاطر نشوب صراع أوسع حول أوكرانيا, و«تحذير» موسكو من مغبة استخدام الأسلحة النووية أو غيرها من أسلحة الدمار الشامل. مُضيفة «ان الهدف من محادثات سوليفان مع أوشاكوف/مستشار السياسة الخارجي? لبوتين, وباتروشيف/ مستشار الأمن القومي الروسي, كان «تجنّب التصعيد وإبقاء قنوات الاتصال مفتوحة, وليس ــ أضافتْ ــ بحث تسوية للحرب في أوكرانيا».
خبران أميركيان تصدّرا نشرات وكالات الأنباء وتحليلات الفضائيات العالمية والعربية, التي إستضافت خبراء استراتيجيين ومُحللين, لم يلبث ناطق الكرملين/بيسكوف ان «نفاها» على طريقته قائلأ: ان وسائل الإعلام الغربية تنشر الكثير من الأخبار الكاذبة, مُضيفا: ليس لدينا ما نقوله عن هذه المنشورات, هناك ــ واصلَ ــ كثير من الأكاذيب تنشرها الصحف الأنجلو سكسونية, لذلك يجب طلب المعلومات من الصحيفة أو البيت الأبيض.
البيت الأبيض من جهته أبقى على الغموض, إذ أعلنت ناطقته/كارين جان- بيار: أن الولايات المتحدة تحتفظ بـ«الحق» في إجراء محادثات مع روسيا على مستوى رفيع للحد من المخاطر, دون أن تنفي تقارير أفادت بأن مستشار الأمن القومي/سوليفان أجرى محادثات مع موسكو. ما يدعو للتساؤل عن «الأسرار» التي وقفت/وتقف خلف تسريبات مثيرة/ومضللة كهذه, في وقت تواصل فيه واشنطن والناتو كما بريطانيا ودول أوروبية عديدة, ضخ المزيد من الأسلحة الحديثة مثل منظومات الدفاع الجوي, دعماً/وتحريضاً لنظام كييف الذي يتحدّث عن «قرب» تحرير مدينة خيرسون وصولاً?الى شبه جزيرة القرم, ولا يتوقف زيلينسكي عن إعلان رفضه المُطلق التفاوض مع روسيا ما دام بوتين رئيسا لها.
ثمة رابط يصعب تجاهله بين تسريبات أميركية مُبرمجة كهذه, وبين «معركة» الانتخابات النصفية للكونغرس (سَتظهر نتائجها اليوم), بعد ان شهدت استقطاباً حاداً وغير مسبوق, دفعت بالرئيس بايدن الى القول: ان «العنف السياسي يتزايد وان الديمقراطية الأميركية في خطر يجب الدفاع عنها, وان هذه الانتخابات ستُشكل «علامة فارقة» في مصير الديمقراطية. إذ كان لافتا ان الحرب الأوكرانية كانت موضع سِجال مرير بين الجمهوريين والديمقراطيين, ولم يوفر قادة الحزب الجمهوري من انتقاداتهم اللاذعة «سخاء» إدارة بايدن, واتهامها بإهدار المزيد من الأم?ال والسلاح المرسل لأوكرانيا. في وقت تشهد الولايات المتحدة تضخما متصاعدا وركودا اقتصاديا وارتفاعا في الأسعار وبطالة مُتزايدة.
الأمر الذي يضيء على أهداف التسريبات المبرمجة التي تولت صحيفتان اميركيتان بثّهما حول «مفاوضات» أميركية/روسية بشأن اوكرانيا, دون إهمال ما دأب مسؤولون اميركيون من مستويات مختلفة, بدءا بالرئيس ووزير الخارجية/بلينكن كما وزير الدفاع/أوستن وجنرالات «حزب الحرب» في البنتاغون وأنصارهم في الكونغرس, الذين توعدوا موسكو بـهزيمة استراتيجية", فضلا عن رؤساء دول أوروبية غربية/وشرقية مثل فرنسا وبريطانيا والمانيا وبولندا ورومانيا, الذين التزموا دعم أوكرانيا عسكريا واستخباريا وتدريب الالاف من قواتها. فضلا عن الدعم المالي السخي?الذي قدمه الاتحاد الأوروبي لكييف وآخره ما تعهدته بروكسل بتقديم مليار ونصف المليار يورو «شهريا» لها اعتبارا من العام المقبل.
ترافق ذلك كله مع تواصل المناورات العسكرية الجوية والبحرية والبرية لحلف الناتو في بحر البلطيق وقريبا جداً من الحدود الروسية, مع إطلاق المزيد من التصريحات الاستفزازية عن إلحاق هزيمة استراتيجية ومُذلة بروسيا. كذلك تدمير جيشها واسطولها في البحر الأسود إذا ما أقدمت على استخدام سلاح نووي تكتيكي أو اي سلاح دمار شامل.
في السطر الأخير.. هل تحسم المعركة الـ"وشيكة» التي ستكون مدينة خيرسون مسرحها, الحرب الدائرة الآن. حال «سحقَ» الجيش الروسي قوات زيلينسكي, أو إذا ما نجحت الأخيرة في إلحاق هزيمة بالجيش الروسي. ما دامت إدارة بايدن ترفض الإصغاء لدعوات البحث عن حلول سياسية/ ودبلوماسية, لحرب مُتدحرجة قد تقود العالم الى الفناء؟
الأيام «القريبة».. ستروي.
kharroub@jpf.com.jo
الأولى هي الـ«واشنطن بوست» التي نسبتْ يوم 6/11 الجاري, الى مسؤول أميركي (لم تُسمِّه) إن إدارة بايدن تحثُّ بشكل غير رسمي, نظام كييف إظهار «الانفتاح» على المفاوضات مع روسيا, وإعادة النظر في رفضه العلني للمفاوضات ما دام الرئيس بوتين في السلطة, وأن مثل هذه السياسة «لا» تهدِف الى دفع كييف الى المفاوضات, ولكن ــ أضافتْ ــ للحفاظ على «كرامتها الأخلاقية في أعين مؤيديها الدوليين». ناسبة للمسؤول الأميركي ذاته القول: «الإرهاق في أوكرانيا مُشكلة حقيقية لبعض شُركائنا الغربيين».
في اليوم التالي 7/11 خرجت الـ«وول ستريت جورنال» على العالم, بخبر أكثر إثارة وضجيجاً, نسَبتهُ هي الأخرى الى «مسؤولين» أميركيين ودول «حليفة», تحدّثوا عن ان مستشار الأمن القومي/سوليفان إجرى في الفترة الأخيرة, «سلسلة» محادثات «سِريّة» بشأن أوكرانيا, مع كبار مساعدي الرئيس بوتين, لافتة إلى ان المباحثات جاءت في محاولة لـِ«الحدّ» من مخاطر نشوب صراع أوسع حول أوكرانيا, و«تحذير» موسكو من مغبة استخدام الأسلحة النووية أو غيرها من أسلحة الدمار الشامل. مُضيفة «ان الهدف من محادثات سوليفان مع أوشاكوف/مستشار السياسة الخارجي? لبوتين, وباتروشيف/ مستشار الأمن القومي الروسي, كان «تجنّب التصعيد وإبقاء قنوات الاتصال مفتوحة, وليس ــ أضافتْ ــ بحث تسوية للحرب في أوكرانيا».
خبران أميركيان تصدّرا نشرات وكالات الأنباء وتحليلات الفضائيات العالمية والعربية, التي إستضافت خبراء استراتيجيين ومُحللين, لم يلبث ناطق الكرملين/بيسكوف ان «نفاها» على طريقته قائلأ: ان وسائل الإعلام الغربية تنشر الكثير من الأخبار الكاذبة, مُضيفا: ليس لدينا ما نقوله عن هذه المنشورات, هناك ــ واصلَ ــ كثير من الأكاذيب تنشرها الصحف الأنجلو سكسونية, لذلك يجب طلب المعلومات من الصحيفة أو البيت الأبيض.
البيت الأبيض من جهته أبقى على الغموض, إذ أعلنت ناطقته/كارين جان- بيار: أن الولايات المتحدة تحتفظ بـ«الحق» في إجراء محادثات مع روسيا على مستوى رفيع للحد من المخاطر, دون أن تنفي تقارير أفادت بأن مستشار الأمن القومي/سوليفان أجرى محادثات مع موسكو. ما يدعو للتساؤل عن «الأسرار» التي وقفت/وتقف خلف تسريبات مثيرة/ومضللة كهذه, في وقت تواصل فيه واشنطن والناتو كما بريطانيا ودول أوروبية عديدة, ضخ المزيد من الأسلحة الحديثة مثل منظومات الدفاع الجوي, دعماً/وتحريضاً لنظام كييف الذي يتحدّث عن «قرب» تحرير مدينة خيرسون وصولاً?الى شبه جزيرة القرم, ولا يتوقف زيلينسكي عن إعلان رفضه المُطلق التفاوض مع روسيا ما دام بوتين رئيسا لها.
ثمة رابط يصعب تجاهله بين تسريبات أميركية مُبرمجة كهذه, وبين «معركة» الانتخابات النصفية للكونغرس (سَتظهر نتائجها اليوم), بعد ان شهدت استقطاباً حاداً وغير مسبوق, دفعت بالرئيس بايدن الى القول: ان «العنف السياسي يتزايد وان الديمقراطية الأميركية في خطر يجب الدفاع عنها, وان هذه الانتخابات ستُشكل «علامة فارقة» في مصير الديمقراطية. إذ كان لافتا ان الحرب الأوكرانية كانت موضع سِجال مرير بين الجمهوريين والديمقراطيين, ولم يوفر قادة الحزب الجمهوري من انتقاداتهم اللاذعة «سخاء» إدارة بايدن, واتهامها بإهدار المزيد من الأم?ال والسلاح المرسل لأوكرانيا. في وقت تشهد الولايات المتحدة تضخما متصاعدا وركودا اقتصاديا وارتفاعا في الأسعار وبطالة مُتزايدة.
الأمر الذي يضيء على أهداف التسريبات المبرمجة التي تولت صحيفتان اميركيتان بثّهما حول «مفاوضات» أميركية/روسية بشأن اوكرانيا, دون إهمال ما دأب مسؤولون اميركيون من مستويات مختلفة, بدءا بالرئيس ووزير الخارجية/بلينكن كما وزير الدفاع/أوستن وجنرالات «حزب الحرب» في البنتاغون وأنصارهم في الكونغرس, الذين توعدوا موسكو بـهزيمة استراتيجية", فضلا عن رؤساء دول أوروبية غربية/وشرقية مثل فرنسا وبريطانيا والمانيا وبولندا ورومانيا, الذين التزموا دعم أوكرانيا عسكريا واستخباريا وتدريب الالاف من قواتها. فضلا عن الدعم المالي السخي?الذي قدمه الاتحاد الأوروبي لكييف وآخره ما تعهدته بروكسل بتقديم مليار ونصف المليار يورو «شهريا» لها اعتبارا من العام المقبل.
ترافق ذلك كله مع تواصل المناورات العسكرية الجوية والبحرية والبرية لحلف الناتو في بحر البلطيق وقريبا جداً من الحدود الروسية, مع إطلاق المزيد من التصريحات الاستفزازية عن إلحاق هزيمة استراتيجية ومُذلة بروسيا. كذلك تدمير جيشها واسطولها في البحر الأسود إذا ما أقدمت على استخدام سلاح نووي تكتيكي أو اي سلاح دمار شامل.
في السطر الأخير.. هل تحسم المعركة الـ"وشيكة» التي ستكون مدينة خيرسون مسرحها, الحرب الدائرة الآن. حال «سحقَ» الجيش الروسي قوات زيلينسكي, أو إذا ما نجحت الأخيرة في إلحاق هزيمة بالجيش الروسي. ما دامت إدارة بايدن ترفض الإصغاء لدعوات البحث عن حلول سياسية/ ودبلوماسية, لحرب مُتدحرجة قد تقود العالم الى الفناء؟
الأيام «القريبة».. ستروي.
kharroub@jpf.com.jo
مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/09 الساعة 01:06