عاصمة جديدة

فايز الفايز
مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/07 الساعة 01:43

عادت الأنباء عن نهوض مدينة إدارية جديدة، لتخرج عمان المدنية إلى «عمان البدوية»، فعلى ما يقرب من تسعين كيلومترا عن عمان، قد تأتي متأخرة، عاصمة لم تحمل اسما حتى اليوم، لتضم دوائر رسمية يستثنى منها الدوائر السيادية كما أعلن وزير التواصل الحكومي فيصل الشبول، وستكون تلك المدينة المنشودة في بداية البادية الوسطى تحدها محافظة العاصمة غربا وجنوبا والزرقاء شمالا وشرقا، ومن الملامح الأولى لنظرية تلك المدينة الممتدة، نفهم أخيرا أننا أدركنا أن عمان قد حان توسعتها، فهل سيتغير فعلاً مخطط الإسكان بعد مئة عام سطت على أراضي?ا الزراعية صروح البناء؟

اليوم القصة عندنا مختلفة، فمنذ تم إطلاق خبر التفكير بإنشاء مدينة جديدة على حدود منطقة الجيزة مع القطرانة في عهد رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي، طفق تجار الأراضي يروجون لها، ولكن القصة هدأت سريعا، ثم عادت جذوة النار تشتعل في أفكار الرئيس هاني الملقي حيث تم إطلاق بالون اختبار لعاصمة إدارية جديدة شرق عمان، فتوجه الجميع بحثا عن الموقع لشراء ما يمكنهم شراؤه من أراض هناك، ولكن بعد قليل سيتخلى الملقي عن الفكرة، لتعود مرة أخرى مع حكومة الرئيس الخصاونة الذي يدرك تماما اليوم حاجة تفريغ مدينة عمان من حالة الاستنزاف?جرّاء ضغط البنية التحتية وأزمات السير الخانقة وتراجع خدمات الصرف الصحي وحالة الشوارع.

المدهش في تفكيرنا أننا نبتكر أفكاراً لا تنفذ، فمنذ بداية الفكرة الأولى كانت مصر لا تزال تعاني من آثار الثورة، ثم بدأت الأفكار لتنظيف القاهرة التي كانت من أشد العواصم العالمية تلوثاً وازدحاماً وتراجعاً في الخدمات، فجاءت فكرة العاصمة الإدارية بعيدا عن مركز العاصمة، بعدما بنيت ثلاث مدن داخل مدينة واحدة في القاهرة، واليوم يخبرنا من زاروا مصرا، فضلا عما رأيته عبر المقاطع الترويجية كيف تحللت القاهرة من عناء أزمات الشوارع والضيق في المساكن.

نحن اليوم لا نريد فقط أن تقوم مدينة جديدة مهما تمت تسميتها، بل نريد أن نسلك بتفكيرنا إلى تطوير الواقع، يكون للأردني فيه متسع من العيش وامتلاك السكن الجيد لأسرته دون مطاردة من كل شركات العالم الداخلي والخارجي بالفواتير، ومدارس ذات تعليم متقدم ومنافس للحاق بركب التغيير العلمي والتكنولوجي والحضاري، ومستشفيات لا تنحصر في حوصلة عمان لعلاج جيرانها وأحيائها بتعداد بلغ أربعة ملايين أدمي ونيف، بل نريد أكثر من ذلك لدعم وخدمة الأردنيين.

نحن اليوم ننظر الى إخواننا السوريين الذين لجأوا الى بلدهم الثاني، كيف قدم العالم خدماتهم ودعمهم المالي والعيني لهم وخدمات الطبابة، وعبر المفوضية السامية للاجئين، فضلا عن المدارس والعيادات الصحية والمساكن المجانية في المخيمات أو البنايات التي قدمها لهم فاعلو الخير من دول الخليج، ومن هم خارج المخيمات بلغ في أكثرهم الاكتفاء الذاتي ماليا نتيجة استبدال العمالة الأردنية لرخص أجور الإخوة السوريين في المزارع والصناعات والخدمات أيضا، ونحن ننظر كالبلهاء لنعلق على كل مجتهد بأنه سرقنا.

نحن نريد تعزيز ايمان الشباب بوطنهم وارضهم وأهلهم، فيما ينفق على الخادمات ملايين الدنانير، وعلى الهيئات غير الفاعلة مليارات الدنانير، وتعجز مؤسسات الدولة بقضها وقضضيها أن تنقذ مؤسسة وطنية كالرأي لها رمزية كبرج إيفل وتمثال الحرية.

ونؤيد أي تطوير على البنى التحتية، كما نريد تطوير الخدمات السياسية لنرى وجوهاً تحمل أفكاراً لا نزاعات، ورجال دولة ذوي علاقات خارجية نظيفة تجلب استثمارات وتمويلا للخزينة وتبني مشاريع تشغيلية تدعم بها جهود الحكومات وإعادة بناء وطن حنون.. انتهى الكلام.

مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/07 الساعة 01:43