متطلبات الأمن الجيوسياسي لممالك الأردن والخليج
محاولات إيران لتوسيع نفوذها عسكريا وسياسيا نحو المنطقة واضحة جدا، وعلى الرغم من لغة السياسة والدبلوماسية الناعمة التي تصدر بها ذاتها، فهي مستمرة بمحاولات فرض السيطرة بدعم جماعاتها في العراق وسوريا ولبنان واليمن.
مؤخرا فلقد غيرت إيران التكتيك بممارسة إسناد ممارسات تهريب المخدرات على حدودنا الشمالية مع سوريا، وتستهدف بذلك أمننا الوطني وبالذات فئة الشباب، وهذا خطير جدا، ويضاف لذلك آثار المد الإيراني الذي يحول بيننا وبين ممراتنا البرية التجارية لحركة الصادرات نحو الشرق والشمال، ويفرض ذلك علينا واقعا إقتصاديا صعبا.
التحالف الخليجي الذي يحارب الحوثي المدعوم من إيران في اليمن، عليه الإستمرار لكي لا يجدوا المد الشيعي يتغلغل في عقر الدار، والحرب طبعا ليست بلا كلف سواءا بالقوى البشرية أو المعدات وثمنها، فضلا عن إشغال دول التحالف عن بعض ملفات التنمية لديهم.
الأمر يضع الأردن ودول الخليج بين فكي كماشة تضغط بقوة من الشمال والجنوب على محيط جغرافي يضم الأردن والسعودية والكويت وقطر والبحرين والأمارات وسلطنة عمان، وهذه الدول تشترك بصفة طبيعة أنظمة الحكم فيها، والتي تعد بالنهاية وراثية لعائلات عرفت بالإتزان والحكم الرشيد في دولها.
التكتيك الإيراني يسعى بكل الطرق لشق طريق بإقامة النفوذ والسيطرة في محيطنا الجغرافي هذا، ويستهدف لهذه الغاية الشعوب والأنظمة والإقتصاد والسيطرة على الممرات البحرية.
ما زالت إيران تمضي قدما وتدعم جماعاتها في دول أخرى من أجل النفوذ وعلى حساب البيت الداخلي لديهم وملفات تنموية أهم، وعلى الرغم من أن هنالك بوادر تململ شعبي وداخلي لديهم بسبب الإقتصاد الذي يشهد سوءا، لأن الدولة لديهم مشغولة بغيرها ولن تغير سياساتها، وهذا سيء جدا.
الأمر لن يحتمل الثغرات والخروقات الأمنية بتوسع المد الشيعي جغرافيا تجاهنا، كما ولن يحتمل كثيرا إنهيار أي من أنظمة الحكم في دول المحيط الجغرافي المذكور، لأن الأخرى لن تصمد كثيرا إن حدث ذلك، وحمى الشعوب وركوب الموجة حينها لا قدر الله تعالى تعد محركات التغيير، وعند حدوث ذلك لا قدر الله تعالى فستدخل المنطقة عهدا لن ينتهي من الدماء والخراب والدمار والقتال والحرب وهلاك القطاعات التنموية والبنى بأشكالها، ويورث الشعوب المرض والفقر والتشتت واللجوء والهروب... إلخ، لتصبح المنطقة لقمة سائغة فيما بعد للمد الشيعي بأرضنا.
مصر ليست بعيدة عن الإستهداف، ومع ظروفها الإقتصادية الصعبة وتهديد سد النهضة في أثيوبيا لأمنها المائي ومستقبل التنمية، فالأمور تزداد تعقيدا.
صعود دول الخليج إقتصاديا وتنمويا يزيد إحتقان ومطامع دولا أخرى، ويدعو لتطوير الجانب الأمني والعسكري بالتزامن مع التطور الإقتصادي.
ومع صعود اليمين الإسرائيلي وإنشغال أميركا بروسيا والصين، ومع التضخم والتغير المناخي والشح الغذائي العالمي وفرضيات عودة الوباء وأزمة الطاقة، فهنالك ما يدعو لتفكير منطقي يوسع ويجمع المحيط الجغرافي: الأردن والسعودية والإمارات والكويت وقطر والبحرين وسلطنة عمان، وذلك بتكامل أمني وعسكري وإقتصادي، وذلك من طراز عودة مباحثات ضم الأردن لمجلس التعاون الخليجي، تعزيزا للمنعة والقوة ومنعا للإختراق من أي خاصرة.
تحمل الأردن تبعات الربيع العربي والصراع العربي الإسرائيلي وحروب غزة ولبنان والعراق وحركات الفكر الإرهابي، واليوم لا يمكن تركه وحده ليسند ذاته إقتصاديا وتنمويا في وقت يواجه فيه مد ونفوذ إيران من الشمال والشرق، مما يهدد المحيط الجغرافي المذكور كاملا، وهو ذات المحيط الذي يواجه ذات المد والنفوذ من الجنوب، لنؤكد على أننا بين فكي كماشة ويجب أن نتنبه للقادم.