كيف تحقق الإخلاص لله

مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/03 الساعة 12:12

مدار الساعةُ-كيفية تحقيق الإخلاص لله يمكن تحقيق إخلاص النية لله -تعالى- في سائر الأفعال والأقوال بالعديد من الأمور، يُذكر منها ما يأتي:[١] محاسبة النفس وتكون بمحاسبة العبد نفسه باستمرارٍ وخاصةً قبل القيام بالأمر، فينظر العبد في الأسباب التي تدفعه للإتيان بالعمل، فإن كانت حسنةً فلا بأس من القيام به، وإلّا فلا يؤدّيه. تربية النفس وذلك بالحرص على أداء بعض العبادات دون أن يعلم بها أحداً من العباد، فتكون بين العبد وربه فقط، كما أن إخفاء العبادة والحرص على الإسرار بها، وتجنّب الحديث عنها يجعل العبد بعيداً عن الوقوع في الرياء، وبذلك يتخلّق العبد بخُلق التواضع.

اليقين بالعجز عن إيفاء الله ما يستحقّه من العبادة فكلّ الأعمال والعبادات والطاعات التي يؤديها العبد لا تقدّر بما يمنحه الله لعباده، إضافةً إلى أنّ الله -عز وجل- يمنح على ذلك الأجر والثواب الحسن تفضّلاً منه. مراجعة العبد لعيوبه وتقصيره في أداء ما عليه من واجباتٍ وفرائض تجاه الله -تعالى-. اليقين بأنّ الحياة الدنيا زائلةً وأنّ الخلود في الحياة الآخرة، والتفكّر بالعواقب المترتبة على الرياء في الحياة الدنيا، قال -عليه الصلاة والسلام-: (من كانت الدنيا همَّه فرَّق اللهُ عليه أمرَه وجعل فقرَه بين عينَيه ولم يأتِه من الدنيا إلا ما كُتِبَ له).[٢]
إضافةً إلى عواقبه في الحياة الآخرة، قال -صلّى الله عليه وسلّم-: (ما مِن عبدٍ يقومُ في الدُّنيا مَقامَ سُمْعةٍ ورياءٍ إلَّا سمَّع اللهُ به على رؤوسِ الخلائقِ يومَ القيامةِ).[٣] تذكّر الموت وسكراته وتذكر القبر وأحواله، واليوم الآخر وما فيه من الأهوال. ترهيب النفس من الرياء فالترهيب والتخويف من الأساليب التي تجعل العبد في مأمنٍ من الوقوع في المحذور. مصاحبة المُخلصين وبذلك يتأثر العبد من حالهم وينتهج سلوكهم. استشعار عظمة وقدرة الله -تعالى- ووجوده في كلّ وقتٍ وحينٍ، فيجب أن تكون العبادة له وحده سبحانه، فبيده النفع والضر، كما أنّه يعلم السرائر والبواطن.
ترغيب النفس بذكر الفضائل والتي ينالها العبد المُخلص، ومن تلك الفضائل: التوفيق والسداد. دعاء الله والاستعانة به وطلب التوفيق منه للإخلاص والنجاة من الرياء. استشعار مراقبة الله في كلّ الأحوال سراً وعلناً وبذلك يكون رضى الله -تعالى- الغاية من كلّ ما يصدر من العبد، قال الله -تعالى-: (وَإِن تَجهَر بِالقَولِ فَإِنَّهُ يَعلَمُ السِّرَّ وَأَخفَى).[٤][٥]
العلم بأنّ الله -تعالى- سيجازي ويحاسب كل عبدٍ وهذا الحساب يوم القيامة على ما صدر منه في الحياة الدنيا، ثمّ يتقرّر المصير بدخول الجنة أو النار، قال -تعالى-: (إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ).[٧] معرفة عظمة الله -تعالى- وقدرته والعلم بأسمائه وصفاته علماً يقيناً مبنياً على فهمٍ دقيقٍ لنصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة.[٨] محبة ذكر الله والرغبة به والحرص عليه وتفضيله على سائر الكلام، قال الله -سبحانه-: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ).[٩] وإجمالاً فالعبد الذي يسعى إلى نيل الإخلاص في النية عليه النظر في البواعث والأسباب التي تدفعه لأداء العمل، والحرص على أن تكون مشروعةً وصالحةً، وبذلك ينال العبد الإخلاص في النية والصلاح في العمل، مع الحرص على عدم تغيّر وتحوّل تلك البواعث والأسباب بعد الشروع في العمل، وعدم الإشراك في النية.[١٠] وعلى سبيل المثال من رغب بتلاوة القرآن الكريم يمكن له أن يُخلص في نيته بإرادة وقصد عبادة الله، وعلم الفضيلة المترتبة على قراءة القرآن، ومعرفة المنفعة من التأمّل في آيات الله والتدبّر فيها، والطمع في نيل الشفاعة يوم القيامة، واستحضار أهمية تلاوة كلام الله، وأنّه من أحبّ وأهم الأعمال التي يمكن للعبد من خلالها التقرّب من الله -تعالى-.[١٠]
مفهوم الإخلاص لله يعدّ الإخلاص لله -سبحانه- أصلاً أصيلاً في دين الإسلام، وهو كذلك أهمّ عملٍ من أعمال القلوب التي يقتضيها الإيمان بالله تعالى، أمّا أعمال الجوارح فقبولها تابع لسلامة النيّة، وفي هذا يقول ابن القيم رحمه الله: "أعمال القلوب هي الأصل، وأعمال الجوارح تبع ومكملة، وإنّ النيّة بمنزلة الروح، والعمل بمنزلة الجسد للأعضاء"، ولذا كان الإخلاص لله تعالى يمثّل حقيقة الدين وشعار المتقين، قال تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ).[١١][١٢] ومن هنا كان الإخلاص لله -سبحانه- شرطٌ من شروط قبول العمل من العبد؛ أي أنّ العمل لا يُردّ إن كانت تقوى الله والإخلاص له الأساس فيه، كما أنّ قبول العمل لا يرتبط بقدره، فقد يكون العمل كثيراً إلّا أنه لا يُقبل لعدم الإخلاص فيه، وقد يكون بسيطاً ويُقبل للإخلاص فيه، ولذلك يجدر بالعبد ألّا يزهد في أعماله مهما كانت بسيطةً.[١٣]

مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/03 الساعة 12:12