سياسة حافة الهاوية

عدي مزهر
مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/01 الساعة 12:06
يستخدم هذا المصطلح بكثرة في عالم السياسة، ويقصد بالهاوية بأنها حرب تأكل الاخضر واليابس، والدمار الذي سيطال مدناً بأكلها ونتائج كارثية بكل ما تحمل الكلمة من معنى؛ فكيف تستطيع الدول إدارة أزماتها المعقدة والتفاوض والتنازل والتلاقي وحتى العداء على حافة هاوية قد تؤدي بكلا الطرفين إلى المجهول؟
يمكن تفسير مصطلح سياسة حافة الهاوية، بأنه تحقيق مكاسب معينة من خلال تسعير الأزمات ودفع الاحداث إلى حدود الصراع أو الحرب، مع إيهام الخصم بأنك غير مستعد للتنازل او الرضوخ، حتى ولو أدى بك الأمر إلى السقوط في هاوية الحرب والدمار.
ويعتبر وزير الخارجية الأمريكي "جون فوستر دالاس" أول من استخدم هذا المصطلح والذي يعرفه بأنه فن القدرة على الوصول إلى حافة الهاوية دون الدخول في الحرب، وكان" دالاس" أول من قام بتطبيق هذا المصطلح من خلال السعي لردع عدوان الاتحاد السوفيتي عن طريق التحذير من أن التكلفة قد تكون انتقاماً ضد الأهداف السوفيتية.
ولعل من أبرز الأمثلة على استخدام سياسة حافة الهاوية بين الدول، أزمة الصواريخ الكوبية والنزاع الذي اشتعل بين الولايات المتحدة الأمريكية من جهة والاتحاد السوفيتي وكوبا، من جهة أخرى.
قام الاتحاد السوفيتي بنشر صواريخه في كوبا باتجاه الولايات المتحدة، فردت أمريكا بتصعيد من خلال فرض الحصار على كوبا، وحينها كادت الامور أن تخرج عن السيطرة ويدخل العالم في حرب نووية واسعة النطاق، لتنتهي هذه الأزمة باتفاق بين الرئيس الأمريكي "جون كيندي" والسوفييت برعاية الامم المتحدة لإزالة قواعد الصواريخ الكوبية شريطة أن تتعهد الولايات المتحدة بعدم غزو كوبا.
ولا تقتصر سياسة حافة الهاوية على التهويل او التحذير او التلويح بالحرب، ولكنها في الحقيقة قد تتسبب في أن تنحدر الأمور إلى ما هو أسوأ، وهنا مكمن الخطورة في اتباع هذه السياسة فالتلويح بالحرب قد لا يكفي لإجبار الطرف الآخر على التنازل، وقد يتعين على أحد الأطراف ولإثبات جديته أن تتصاعد الامور باتجاه الحروب التي قد تتسبب في سقوط مدن وضحايا
وستبدو الامور عندها كأنها قد خرجت عن السيطرة، ليعود الطرفان فيما بعد إلى طاولة المفاوضات.
أخيراً... يمكنني القول بأن أغلب الحروب التي تحدث من حولنا اليوم والفوضى والتهديد والوعيد ليست إلا سياسة متقنة وفن إدارة الأزمات على حافة الهاوية.
  • نتائج
  • وزير
  • رئيس
  • لب
مدار الساعة ـ نشر في 2022/11/01 الساعة 12:06