قطر والدشداشة

عبدالهادي راجي المجالي
مدار الساعة ـ نشر في 2022/10/31 الساعة 01:19
ستنظم قطر كأس العالم, هذا يعني أن الشماغ والدشداشة هذه المرة, لن نشاهدهما بذات الطريقة التي كانت تعرضها أفلام (هوليوود).. لن نشاهد رجلا مكتنزا بعباءة ودشداشة وشماغ في ملهى بلوس انجلوس يلعب الروليت ويظهر خلف النجم الرئيسي في الفيلم (توم كروز)....لن نشاهد الدشداشة والعباءة في اطار وثائقي يعرض بطولات أميركية كاذبة في الشرق الأوسط، ولأغراض متعلقة بالإنتاج يظهر رجل بدشداشة وشماغ في الخلفية، يدعم الإرهابيين ويوزع عليهم السلاح.
هذه المرة أيضا لن يجرؤ صناع السينما الفرنسية، على اظهار رجل بالعقال العربي، يجلس على شواطئ (كان) الفرنسية ومحاط بمجموعة من الحسناوات...
الشماغ والدشداشة، تم توظيفهما في السينما الأميركية والأوروبية..إما في زاوية الإرهاب أو البذخ، أو في زاوية النساء..أو المشاهد التي تعرضنا كفائض بشري حصل على كم هائل من المال ويمثل التخلف ويبحث عن المتعة فقط.
قطر هذا العام ستقدم العقال والدشداشة في اطار الإنجاز، ستقدمهما في اطار احتضان دولة صغيرة في الحجم قليلة في السكان، ولكنها غنية بالإرادة...ولو قلت بالمال لوقعت في الخطأ، ذاك أن المال إن لم يجد عقلا يوظفه وإرادة تديره..فلا قيمة له أبدا.
قطر هذا العام، ستعيد تقديم الدشداشة والشماغ للعالم في إطار المكانة الدولية، وفي إطار السؤال الذي سيطرق أذهان الكثيرين وهو: كيف استطاعت هذه المعجزة أن تجمع العالم كله على رملها..وأن تجعل هذا الرمل يحتضن أهم محطة عربية في الإعلام، وأهم المحافل في الرياضة..والرمل الذي تمر عبره كل الأحداث في المنطقة، والعاصمة التي لا تغيب عن أي محفل دولي أو إقليمي.
سيشاهد الفرنسي والبلجيكي والإسباني والأميركي كأس العالم، وهذا العام سيكتشف حجم التزوير في مشاهد هوليوود، وحجم التجني..حجم ما مارسته الدعاية الغربية من تشويه لتاريخ الناقة، ومن تسخيف لدور الصحراء، ومن امتهان للعروبة....وسيكتشف العالم، أن الأمة العربية ليست كذلك...وأن دولة صغيرة تقع في شرق هذه الأمة، تستطيع أن تحضر العالم كله لها..وتستطيع أن تعرض حقيقة الناس فيها و صلابة شعبها وقوته، وتعري كل الكذب الذي انتجته السينما في الغرب..
كنت اتمنى أن تكون العباءة والدشداشة شعارا لبطولة كأس العالم، ولكن الكاميرا ستعرض هذا العام أطفال قطر بالدشداشة والعباءة، ستعرض شيبها أيضا...وستعرض نساء قطر بالبرقع..وبالحناء على الكف، الكاميرا هذا العام ستكشف للعالم أن هذه الدولة حافظت على هويتها واعتزت بها...وستكشف أن العولمة كذبة كبيرة، وأن مقولة: بات العالم قرية صغيرة..هي الأخرى مقولة كاذبة، ستكشف أن أهم أسس الإنجاز هي الاعتداد بالهوية والتراث والتاريخ...
شكرا للشعب القطري الذي سيستضيف كأس العالم هذا العام، وسيجعل كل الشعوب تعرف معنى الشماغ وقيمة الدشداشة، ومعنى الهوية الوطنية.. ومعنى الإرادة، والأهم أنه سيعري كذب وزيف هذا العالم المتجني...
وللعلم أنا من الان أعرف من سيفوز بالكأس، حتما هو العقال القطري... وفاز الحناء المرسوم على كف صبية قطرية... وفاز الرمل، والعروبة فازت أيضا...والبحر فاز، وبرهنا للعالم أن هذه الأمة ما زالت واقفة.
Abdelhadi18@yahoo.com
مدار الساعة ـ نشر في 2022/10/31 الساعة 01:19