انتخابات إسرائيلية 'مُختلِفة': هل يَعود نتنياهو؟.. ماذا لو عاد؟
أما سبب «اختلاف» انتخابات الكنيست الصهيوني رقم/25 التي ستجري/غداً الثلاثاء. فمرّده الأبرز الـ«تصدّعات» داخل صفوف المُعسكريْن المُتنافسيْن, والاحتمالات الماثِلة لبروز تحالفات جديدة, تُنذِر بضياع فرص نتنياهو بـ«العودة» الى الحكم, تماما كما إخفاق «يئير لبيد» في تجديد ولايته. ما سيُفضي ليس فقط للذهاب الى انتخابات «سادسة», وإنما خصوصاً الى «اختفاء» نتنياهو من المشهديْن السياسي/والحزبي الصهيونييْن, سواء باستمرار محاكمته ثم إدانته بِتُهم الفساد الخطيرة التي يُحاكَم عليها الآن, أم عبر عقد صفقة مع النيابة العامة تق?م على اعتزاله العمل السياسي مقابل إسقاط التُهم عنه. أو (في تعليل ثالث)..إندلاع تمرّد ضده داخل حزبه/الليكود, وتحميله مسؤولية فشل الحزب في تشكيل حكومة جديدة, رغم حصوله المتكرّر طوال «خمس» جولات إنتخابية على المرتبة «الأولى» وبفارق واضح عن باقي الأحزاب.
هذا في الليكود الذي يعيش حالاً من انعدام الثقة بين صفوفه, فضلاً عن توتّر علاقات نتنياهو مع زعيمي كتلة الصهيونية الدينية بزعامة سموترتس/الإتحاد القومي, وبن غفير/العصمة اليهودية, إضافة الى شريكيه الآخريْن حزب/يهدوت هاتوراه وحزب/شاس. وهؤلاء جميعاً خصوصاً كتلة الصهيونية الدينية الذين «وَعدوه» بتقديم مشروع قانون يُقرّه الكنيست يقضي عدم محاكمته/نتنياهو والعمل على إصلاح النظام القضائي, مقابل وعود بذلها الأخير بتوزير سموترتس/وبن غفير, ومنح حِزبَيّ يهدوت هاتوراة وشاس موازنات سَخيّة لتمويل مدارسهما الدينية. وأحد أسب?ب توتّر الأجواء هو تسريب التسجيل الذي يصف فيه سموترتش نتنياهو بـ«الكاذِب ابن الكاذِب», ما دفعه للإعتذار من نتنياهو, الذي اتفق معه على استمرار التعاون بينهما مُكرراً وعده بتوزيره وبن غفير. لأنه/نتنياهو مَعنيّ أولاً بعدم مُواصلة محاكمته التي ستُفقده كل نفوذه كما ولاء حزب الليكود. وإن كان/نتنياهو بدأ يستشعِر خطراً حقيقياً يُمثّله حزبا الصهيونية الدينية بزعامة الثنائي العنصري/الكاهاني بن غفير وسموترتش, بعد ان بدأت شعبيتهما تأخذ منحى تصاعدياً سريعاً, جسّده ارتفاع عدد مقاعدهما في الإستطلاعات, ما «يُقلّص» عدد مقا?د الليكود, ويُبقي على مقاعد حزب يئير لبيد/يش عتيد قريبا من مقاعد الليكود، الأمر الذي قد يمنح لبيد فرصة الحصول على تكليف بتشكيل حكومة جديدة, إذا ما بقي إئتلافه الحالي مُتماسكاً.
فهل لدى لبيد فرصة؟
لا تختلف الحال كثيراً لدى لبيد عمّا يعانيه نتنياهو أو يتخوّف منه, خاصّة ان تحالفاً «جديداً» في الإئتلاف الحالي تم بين وزير الحرب/غانتس حزب كاحول لافان وزعيم حزب تكلفا حداشا/ جدعون ساعر, وانضم اليهما رئيس الأركان الأسبق/ايزنكوت كمرشح ثالث بعد غانتس وساعر, الأمر الذي اعتبره مراقبون ضربة موجعة لـ«لبيد», خاصة ان غانتس يرى في نفسه «الوحيد» القادر على مواجهة مسعى نتنياهو للعودة. في الوقت ذاته الذي يرفض فيه منح لبيد فرصة تشكيل حكومة جديدة.
ثمّة عنصر آخر يلعب دوراً محوريّاً وأكثر خطورة على خريطة التحالفات الصهيونية الراهنة, وهو جمهور «فلسطينِييّ الداخل» الذين باتوا يُشكلون الآن, «بيضة قبان» الفرص المتاحة أمام نتنياهو, لبيد وحتى غانتس. إذ أن آخر استطلاعات الرأي لم تمنح معسكر نتنياهو «61» مقعداً لترؤس إئتلاف يميني/فاشيً, بل أبقته عند تخوم «60 » مقعداً, وتراجُع مقاعد الليكود الى «30», فيما حاز إئتلاف التغيير برئاسة لبيد على/56 مقعداً, وارتفاع مقاعد يش عتيد/ لبيد الى 27. وتبقّى «4» مقاعد ستحوزها كتلة الجبهة والعربية للتغيير/أيمن عودة وأحمد الطيبي? بعد تجاوزها نسبة الحسم 3.25%, وكانت سترتفع لو ان حزب التجمّع وافق على توقيع اتفاقية فائض الأصوات معها.
مشهد كهذا أشعل الأضواء الحمراء لدى الأحزاب الصهيونية، فبدأت تبثّ اضاليلها ودعايتها المسمومة. ليس فقط عبر محاولات استقطاب ما تستطيع من أصوات فلسطينيي الداخل, بل لبث اليأس في صفوفهم وتحريضهم على عدم الذهاب لصناديق الإقتراع, لـ"أن نُخبَهم السياسية والحزبية والبرلمانية خذلتهم, وراحت تُقدم مصالحها الشخصية/والحزبية بدل العمل لخدمة جمهور فلسطينيي الداخل».
في المُجمل لا يختلف اثنان على أن دولة العدو الصهيوني تعيش حالاً غير مسبوقة من عدم اليقين, وسط انقسامات أفقية/وعامودية لا تمنح أحداً من المُعسكريْن المتنافِسيْن أفضلية حاسمة. وأن أجواء ضبابية مُتقلبة ما تزال تفرض نفسها منذ انتخابات/آذار 2019 والتي ازدادت حِدة في الجولة الخامسة (الإنتخابات الحالية), والإحتمال الوارد بأن تُفضي لانتخابات سادسة, بكل ما تحمله من إشارات على عدم استقرار سياسي وانقسامات أكثر عمقاً وخطورة. لهذا لفت مُحلِّلون إسرائيليون الى ان «نتنياهو التزم الصمت مُؤخّراً خِشية الوقوع في أي «خطأ» قد?يُفقِده الفرصة الأخيرة, المتاحة أمامه لترؤس حكومة جديدة تساعده في وقف مُحاكمته, عبر تعديلات تشريعية تروم كتلة بن غفير/وسموترتش تقديمها للكنيست, وتنتهي بإسقاط تُهم الفساد التي وُجِّهت رسميا لنتنياهو بـ«الرشوة والإحتيال وخيانة الأمانة».
kharroub@jpf.com.jo