إلى وزير التربية: افعلها ولن تندم

حسين الرواشدة
مدار الساعة ـ نشر في 2022/10/31 الساعة 00:15
منذ نحو أربعة أشهر حُسمت قضية المعلمين قضائيا، تم حل مجلس النقابة، وطويت صفحة التبرع، وجرى تبرئة نائب النقيب بقضية المساس بهيبة الدولة، لكن إداريا ما تزال بعض الملفات معلقة، النقابة مغلقة حتى الآن، ولم يعلن عن موعد انتخاب مجلسها وهيئاتها المركزية، المتضررون والموقوفون (نحو 54 معلما) لم يعودوا لعملهم، وبعضهم توقفت رواتبهم، فيما انسحبت الأزمة على العلاقة بين المعلمين ووزارة التربية، وزارتهم، بشكل سلبي.
سبق لي أن فتحت هذا الملف مرات عديدة، وسمعت وعودا كثيرة من مسؤولين احترمهم بحله، وتجاوز ‏ما حدث فيه من أخطاء، لكن -للإنصاف - بعض هذه الوعود تم إنجازها بعهد الحكومة الحالية، وبعضها تم النفخ فيه، فتحول الى مناكفات، وربما دمامل انفجرت في وجوهنا، وما تزال، لم يكن لأي طرف مصلحة في ذلك، كما أن المسألة تجاوزت مجرد عقوبات إدارية، او تسديد فواتير أخطاء سياسية، لما ترتب عليها من ضرائب إنسانية، لم يدفعها المعلمون المعنيون فقط، وإنما ابناؤهم وأسرهم، وربما طلابهم أيضا.
‏الآن، أستأذن وزير التربية والتعليم، الدكتور عزمي المحافظة، بأن اضع أمامه هذا الملف، يدفعني لذلك أربعة أسباب، الأول أنني أعرفه وأحترمه وواثق به، ثم أدرك تماما أنه جريء وصاحب قرار، الثاني أن الرجل تعرض للظلم حين أسندت إليه تهمة المسؤولية الادبية عما جرى في حادثة البحر الميت، وتحمل ذلك فاستقال، ولا يمكن بالتالي أن يقبل بوقوع الظلم على معلمين ‏أصبح مسؤولا عنهم، الثالث أن الوزير ظل محافظا على مواقفه وعبر عنها بصراحة، حتى لو كانت تخالف آراء الكثيرين، كان ذلك واضحا حين اصبح عضوا في اللجنة الوطنية للأوبئة، يبقى السبب الرابع وهو أن الدكتور محافظة طبيب، وأكاديمي، وسياسي أيضا، وقد سبق أن سمعت منه ما يطمئنني على ان ملف المعلمين سيكون في صلب اهتمامه الإنساني والسياسي معا.
سأتجاوز، من باب اللياقات الأدبية، اية إشارة لما جرى للمعلمين على امتداد نحو ثلاث سنوات، ولما تسببت به بعض الأخطاء الإدارية في وزارة التربية من جراحات داخل اروقة المعلمين، سأتجاوز، أيضا، ما ذكرته أكثر من مرة عن قيم الدولة الأردنية التي لم يسبق أن قطعت الأرزاق حتى للذين اودعوا بالسجون في مرحلة الأحكام العرفية، سأتجاوز، ثالثا، الحديث عن المواقف المشرفة ‏التي التزم بها اغلبية المعلمين الذين تعرضوا للظلم، سواء بالنقل أو التوقيف أو التجميد، حيال طلابهم أو مدارسهم أو مجتمعهم.
أريد أن أشير، فقط، إلى نقطة مركزية، وهي أن قضية المعلمين تؤرقني شخصيا في بعدها الإنساني على الاقل، وهي لا تخص هذه الفئة التي تمثل أهم فئات المجتمع، وإنما تهمنا جميعا، المعلم هو البارومتر الذي يقيس عافيتنا ‏ المهنية والأخلاقية والاجتماعية، وهو الوجه الحقيقي الذي يعكس صورة بلدنا، وبالتالي فإن عافيته من عافيتنا، والعكس صحيح أيضا.
لا أخفي، أبدا، أنني حين أتابع بعض القصص لمعلمين انقطعت رواتبهم منذ سنوات، أو آخرين تم التعامل معهم بتعسف او انسدت امامهم سبل النجاة من الظلم، اشعر بالاختناق، معقول أن ينام المسؤول، ويرتاح ضميره، وهو يسمع مثل هذه القصص المؤلمة، ثم لا يتحرك لحلها، ‏معقول أن نصمت جميعا على وجع يتمدد ويتعمق بأجسادنا، ولا نقول مجرد كلمة كفى...
أيها الوزير، والطبيب، و الأكاديمي، مبروك الثقة من جديد، المعلمون ينتظرون منك أن تنصفهم، وتغلق ملف العقوبات التي فرضت على زملائهم، وتفتح نقابتهم للانتخابات من جديد، أرجوك افعلها، ولن تندم.
مدار الساعة ـ نشر في 2022/10/31 الساعة 00:15