ليان الصبيحي تكتب: اثر السوشل ميديا على الترابط الاسري
"اثر السوشال ميديا على الترابط الأسري"
(وسائل التواصل الإجتماعي)
وَسائِلُ التَواصلِ الإجتِماعي هي عِبارةٌ عَنْ مَواقعِ وِيب أو تَطبيقاتٍ تُتيحُ لِمُستخدِميها التَواصُلِ فيما بَينَهم منْ خلالِ التَواجُدِ تَحْتَ سَقفٍ شَبَكِيٍ واحد مُتَشَعب .
وعلى الرُغمِ من حَقيقة أنَّ كُلَ شَخصٍ تَقريبًا في المُجتَمَعِ مُتَصِلٍ بِمَنَصَة تَواصُلِ إجتِماعيةٍ واحدةٍ على الأقلِ. فإنَّ الشَبابَ اليافِعينَ، والمراهقينَ وحتى الأطفالِ هُمُ روادُ هذهِ المنصاتِ الإجتماعية حَيْثُ أنَّهم يَتَواصلونَ في ما بَْينهم أَثناءِ وجودَهم في الفَصلِ الدَّراسيِ أو في حَياتَهُم الإجتماعِيةِ وحتى في بَعضِ الأحْيانِ يَكون إستخدامَهم داخل المَسجِدِ وَ مِْن هذا المُنطَلق نَجِدُ أنَّ هذهِ المَنصاتِ الإجتماعية تُؤثِرُ على صِحَتِهم النفسيةِ والحياةِ الإجتماعية بِشكْلٍ كَبيرٍ وَخُطورَتِها بالنسبَةِ للأطْفالِ والأُسرَةِ جداً عاليةً إِذا لم يتَمَّ استخدامُها بِطريقَةٍ سَليمَةٍ ولابُدَّ أن نُسَلِطَ الضوءَ على هدَفِنا في هذهِ المَقالَةِ ألا وَهيَ أثارُ إستخدامِ وسائِلُ التواصُلِ الإجتماعيِ على الترابُطِ الأسريِ.
أكّدت الدِراساتُ أنَ السوشال ميديا تُؤثر سَلبيًا على الأُسرَةِ لِأنها "تُقلِلُ مِنَ الحِوارِ التفاعُليِ بَيْنَ أفرادِ الأُسرَةِ بِنسبةِ 65.5% وإنَّ إستخدامَ مَواقِعِ التَواصُلَ الإجْتماعِي بَيْنَ الأبناءِ يُؤدي إلى تَغّيُرٍ سَلبي في سُلوكِهم بِسَبَبِ عُزلَتِهم بِنسبة 60%".
ولِفترةً طَويلةً ظَلت الأسرةُ والمدرسةُ تَلعبانِ دورًا أساسيًا في تكوينِ مَدارِكِ الإنسانِ وَثقافَتِهِ، ولكن المدرسة تخلت عن هذا الدور في فترةٍ ما حينما تعرض العالمُ لِفيروسٍ مُعدي أدّى إلى تحويلِ دوامَ المدرسةِ من وَجاهيٍّ إلى تَعلمٍ (عن بعدٍ) عن طريقِ الهواتِفُ الذَكيةِ والأجهِزةُ الإلكترونيةِ .و في هذا السياق لا بُدَّ لنا نُسلِطَ الضوءَ أنَّ هذهِ الوَسيلَةَ الحَديثةَ لتعليم أصبَحت سِلاحًا ذو حديّنِ حَيْثُ تَحوَلتْ بين أيدي بعض المستخدمين منْ نِعمةَ العِلمِ إلى نقمَةِ الجَهلِ وَذلِكَ بِإدمانِ الفِئاتِ العُمريَةِ المُختلِفَةِ لِمواقِعِ التواصُلِ الإجْتماعي وَألعَابَ التي أثَرَتْ سَلبا على شَخصِيَتِهم وَصِحَتِهم النَفسيَةِ بِحيثُ أصبَحوا يَميلونَ أكثرَ للعُزَلةِ و القَلَقِ وإلى الاكتِئابِ إضافةً إلى تأثر صِحَتِهم الجَسديةِ فأصبَحوا يُعانونَ مَن مَشاكل في النَظَرِ والإصابَةَ بالسُمنَهِ لكثرةِ الجُلوسِ أَمامَ الشاشاتِ الحَديثَةِ والتشَتُتِ الذّهنيِ، وَذلِكَ قَلَلً بِشكلٍ مَلحوظٍ من دورِ المَدرَسَةِ في بِناءِ شَخصيَةِ الطلاب ، هنا أصبًحت الأُسرَةِ هي التي تَلعَبُ هذا الدورِ الأساسيِ أي هي الأساسُ في بِناءِ شخصيَةِ الأبناءِ.وقد أدى هذا إلى قَضاءِ الأطفالِ والمُراهقينَ أوقاتًا طويلةً في إستخدامِ وسائِلُ التَواصُلِ الاجتماعيِ مما زاد العبء على الأسرة بضرورة أن تنتبه إلى دورها المؤثر في نَقلِ ثقافَةَ المُجتَمَعِ السليمة إليهم و إكسابَهُم مهاراتٍ حَياتيةٍ الضرورية مُختلِفَةٍ ،إضافةً إلى تَنمِيَةِ سُلوكِ الأبناءِ والتَقليلِ مِن العُزلَةِ الإجتماعيَةِ وَغرسِ القِيَمَ والأخلاقِ لَديهم. وكما أصبح للأسرة دورَ رقابي جديد حيث أن عليهم الآن مُراقَبَةِ ومُتابَعَةِ الأبْناءِ لتَقليلِ من سلبياتِ إستخدام هذه الوسائل الحديثة لتعليم والحد من مُتابَعةَ الأطفالِ لما قد يعرض أمامهم من مشاهِدِ العَنيفَةِ على وسائِلِ التواصُلِ الإجتماعيِ لما لها من أثر سلبي من زرَعُ الخَوفَ في نُفوسِهم وزيادة المشاكِلَ السُلوكيَةِ لديهم كالعِدوانِيَةِ وَهذا يُؤثِرُ سلبًا على تَواصُلِهِ مع أَفرادِ أُسرَتِهِ والمجتمع والآخرين.
لِمواجَهةَ هذا التَحدي تَحتَمَّ على الأبَوينِ تَحَمُلَ المَسؤوليَةِ و مواكَبَةَ هذه التَغَيُراتِ بِتوجيهِ و مُراقبَةَ الأبْناءِ وَغرسَ القِيَمَ التي تُعزِزُ المُراقَبَةَ الذاتِيَةَ داخلهم مِن خِلالِ الحِوارِ والمُناقَشَةَ وَتحديدَ ساعاتِ إستخدامِ وَسائِلَ التَواصُلَ الإجتماعيِ، إضافًة إلى ضَرورةِ إستخدامِ أُسلوبٍ لِمنعِ الأبناءِ من متابَعَةَ الحسابات التي لا تتناسَبُ مع القِيَمَ والأخَلاقِ.
و من هذهِ الناحِيَةَ علينا أن نَسأَلَ أنفُسَنا: متى يُصبِحُ الهاتِفَ الذَكِيُ ضَرورةً للطفلِ بَدَلاً مِنْ أن يكون أسلوبِ الذي يَلجَأُ إليهِ بعض الآباءُ للفوزِ بِدقائِقٍ مِنَ الصَمتِ والهُدوءِ مِن قِبْلَ أطفالِهم ؟ فالإجابَةُ هنا هي أن الهاتف يصبح ضرورة عِندما يَدرِكُ الطِفلُ الطَريقَةَ الصحيحَةَ لإستخدامِ تلِكَ الأجهِزَةً وَتوظيفُها ايجابيًا لِتنمِيَةَ المعرِفةَ وتوسيعِ المَدارِكِ بالشكْلِ الصحيحِ.
في النِهايَةِ يَنبَغي أن تَبقى تِلكَ الوسائِطَ أدوات نستغِلُها ولا تَستَغِلُنا، نَستخدِمُها ولا تَستخدِمُنا ، ،نملِكُها ولا تملِكُنا. ينبغي علينا أن نَتَعامَلُ مَعْها بِقدرِ الحاجَةِ ولا نَستَسلِمْ لِما تَفرِضُهُ عَلينا من قِيمٍ دخيلةٍ مُختَلِفَةً عن قِيَمنا .