مساعدة يكتب: الهدر الدوائي... من المسؤول؟

أ.د. عدنان مساعده
مدار الساعة ـ نشر في 2022/10/26 الساعة 13:45
أن تبلغ قيمة الهدر الدوائي بأشكاله المتعددة التي تشمل صرف الأدوية في غير مكانها الصحيح وبكميات تفوق حاجة المرضى، والاشتراك في التأمين الصحي لدى أكثر من جهة وغيرها من أشكال الهدر مبلغ 250 مليون دينار سنويا، ولا يقل الرقم عن ذلك فيما يتعلق في هدر المستلزمات الطبية كما أعلنت دراسة أعدتها جماعة عمان لحوارات المستقبل يعتبر مؤشرا خطيرا يجب التوقف عنده ومعرفة أسبابه والسعي للسيطرة عليه وهذا ليس بالأمر الصعب أو المستحيل وليس يركن وضع حلول له في عالم الفضاء.
وأتساءل هنا كما يتساءل الكثيرون هل ما زالت الجهات المسؤولة عن ادارة الدواء غائبة عن المشهد خلال السنوات الماضية دون أن تضع الحلول أو هل هي عاجزة عن ضبط هذا الهدر الذي ينتهي الى سلة المهملات دون فائدة في الوقت الذي نجد فيه فئة من أبناء مجتمعنا غير قادرين على شراء الدواء أو توفيره لحالات مرضية مزمنة أو طارئة.
ونحن نعيش عصر تكنولوجيا المعلومات والأرقام فهل ما زالت الجهات التي تدير الدواء غير قادرة على إيجاد ضبط الكتروني مركزي لصرف الأدوية التي تصرف، وربط المراكز الصحية والمستشفيات التي تقدم الخدمة الطبية للمرضى بنظام رقابة محوسب وفاعل من أجل تلك توفير المبالغ المهدورة والاستفادة منها في انشاء مستشفيات أو مراكز صحية شاملة أو شراء أجهزة طبية حديثة أو تطوير البنية التحتية للنظام الصحي أو توجيه هذا المبلغ لتعيين كوادر طبية عاطلة عن العمل؟ أسئلة كثيرة نطرحها بألم لترتيب هذا الأمر.
وللأنصاف فإن جانبا من المسؤولية يقع على كاهل بعض المواطنيين الذين يسئيون إستخدام أخذ الأدوية وتكديسها بمراجعة أكثر من جهة للحصول على كميات أكثر من حاجتهم الحقيقية من خلال صرف الأدوية أكثر من مرة من المراكز الصحية والمستشفيات، وأحيانا يخضع الصيادلة الى ضغط المريض ويكون للصيدلي دور بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في هدر الأدوية التي يقوم بصرفها دون الرجوع الى الطبيب.
وللخروج من هذا الهدر المؤرق للمنظومة الصحية والانعكاس السلبي على أدائها من جهة وللاقتصاد بسبب زيادة الأنفاق الصحي بنسبة 8% من الناتج المحلي الاجمالي الذي قد ترافقه زيادة في السنوات القادمة من جهة ثانية، وتردي الرعاية الصحية في القطاع الخاص من جهة ثالثة بسبب التأمينات الصحية للأفراد في القطاع الطبي الخاص الذين لديهم تأمينا ايضا في القطاع الطبي العام. إضافة الى تقديم خدمة علاجية للمرضى في القطاع الطبي الخاص لا ضرورة لها مما يترتب على ذلك زيادة الأجور وقيمة فاتورة العلاج بحجة أن الشخص لديه تأمين صحي.
ثم، لماذا لا يتم تأهيل الكوادر البشرية التي تعمل في الحقل الطبي بشكل فعال وادارة الموارد البشرية بأفضل الطرق، وكذلك ضرورة تفعيل نظام محوسب مركزي للسيطرة وضبط أسباب الهدر، وتطبيق نظام الحوكمة ونظام مراقبة بشقيه الاداري والمالي يضبط ذلك، اضافة الى وجود مساءلة قانونية ووضع تشريعات تحاسب من يسهم في هدر الدواء والمستلزمات الطبية .
إنها دعوة لدولة الدكتور رئيس الوزراء الأكرم ولمعالي وزير الصحة ولكل الجهات المسوؤلة عن المنظومة الصحية والدوائية في القطاعين العام والخاص أن تولي هذا الملف القديم الجديد الذي عقدت عدة ورشات ومؤتمرات حوله ونتج عنه توصيات مهمة لم تر النور ووضعت في الأدراج دون تطبيق، فهل نبدأ وبدون تأخير وأعتقد أن تشخيص الأسباب أصبح واضحا وكذلك فإن العلاج ووضع أنجع الحلول ليس بالأمر الصعب أو المستحيل فهل نحن فاعلون أم نبقى نرحل ذلك للزمن ليتفاقم الأمر ويصبح علاجه أكثر كلفة وأشد إيلاما. وسأتناول في المقال القادم موضوع الهدر الغذائي.
مدار الساعة ـ نشر في 2022/10/26 الساعة 13:45