الاتحاد الأردني لكرة القدم يعاقب الجماهير
كرة القدم قطعة الجلد المدور التي تشد الأذهان وتشغلُ العقولَ وتتبعها الأبصار، فهي الرياضة الأكثر شعبيةً وإنتشارًا في العالم، ومصدر الترفيهِ الأول للشبابِ في العالم، حيث تصل مشاهدات ومتابعات هذه الرياضة إلى أرقام خيالية، مما جعل الاستثمار فيها وجهة لكبار الشركات والمستثمرين وحتى الصناديق السيادية للعديد من الدول، وهذا يقودنا لمعرفة مدى تأثير نجوم اللعبة على جيل الشباب وتأثرهم بهؤلاء النجوم.
هذا الذي قاد العديد من الحكومات للاستثمار في اللعبة الشعبية، وظهور ما يسمى بسياحة كرة القدم فبسبب شهرة نادي مدينة ما وتميّزه رياضيا كبرشلونة في إقليم كتالونيا يصبح الإقليم وجهة سياحية للكثير من السياح، وبالإضافة إلى تنافس الدول الكبرى لاستضافة الأحداث الرياضية مثل بطولة كأس العالم وغيرها من البطولات الدولية والقارية والعالمية.
في الشرق الأوسط كنا من المحظوظين بفوز دولة قطر بتنظيم كأس العالم 2022 وهذا ما شكل فرصة لدول الجوار لإستضافة معسكرات المنتخبات الكبيرة بحكم القُرب الجغرافي من الدولة التي ستستضيف منافسات كأس العالم، وهذا ما كان لنا في الأردن حيث أعلن المنتخب الإسباني عن إقامته معسكر تدريبي في العاصمة عمان، ومواجهته للمنتخب الوطني الأردني قبل ثلاثة أيام من بدء منافسات كأس العالم، وهذا ما أوجد فرصة رائعة للجماهير الأردنية لمتابعة نجومهم المفضلين من أرض إستاد عمان، وهي فرصة لا تحدث إلا نادرًا، وحدثٌ مهم لعشاق الرياضة في الأردن ، فأثارت اهتمام الكثير من الشباب الأردني المهتمين برياضة كرة القدم.
صَدم الإتحاد الأردني لكرة القدم جمهور اللعبة في الأردن، بالأسعار الباهظة لمباراة النشامى أمام الماتادور الإسباني حيث وصلت أسعار التذاكر إلى 135 دينار وهنا نجد هندسة الإتحاد للجماهير ستدخل مدرجات ستاد عمان في السابع عشر من نوفمبر القادم، وكأن الاتحاد يتعمد حرمان الطبقة الشعبية من دخول المدرج، تلك الطبقة التي هي جمهور الرياضة في الأردن، وهي من تشغل المدرجات في المنافسات المحلية التي لا تلقى قبولًا كبيرًا وتشهدُ متابعةً متواضعة في الأردن، بإستثناء هذه الفئة الشعبية والتي بسبب وجودها لازال لدينا رياضة في الأردن، وذلك برغم تقصير الاتحاد الأردني في تنظيم هذه المنافسات المحلية، حيث البنى التحتيه مترهلةٌ وعدم وجود مساحات كافية لاصطفاف السيارات، وسوء المدرجات وعدم حمايتها من الظروف الجوية المختلفة وتراجع الأداء الفني وسوء أرضية الملعب، برغم كل هذا لا زالت الطبقة الشعبية متصلةً روحيًا مع هذه الرياضة في الأردن وتشجع بشغف مستمر، وتنتظر الفرصة بوجود حدث مهم في العاصمة عمان ليكافئها الإتحاد الأردني بأسعار خيالية لا حيلة لهذه الفئة التي تشكل السواد الأعظم من مشجعين الرياضة في الأردن بمتباعتها ومشاهدة نجومهم المفضلين.
على الاتحاد الأردني أن يعلم أن الرياضة وكرة القدم وجدت للترفيه عن هذه الفئات المهمشة والفقيرة والتي تعاني من نقص حاد في الخدمات، لا من حرمانهم من متابعتها وليتذكر الإتحاد أن هذه الجماهير التي يسعى لحرمانها من متابعة مباراة منتخبنا أمام الاسبان هم من يشغلون المدرجات في المنافسات المحلية والتي تشكل تذاكرها العائد الرئيسي للاتحاد.
"كرة القدم صنعها الفقراء وسرقها الأغنياء"، شعارٌ رُفع في مدرجات أحد الأندية الأوروبية وهو مثال حيّ على ما يفعله الإتحاد الأردني اليوم بسرقة الرياضة من جمهورها ومن قواعدها الشعبية وهندسة المدرج ليتسع فقط لفئات محصورة، فاليوم هو نداء أخير للإتحاد أن يغير موقفه وأن يعدل أسعار التذاكر، وأن يفكر في الجماهير المتعطشة التي تحب الأردن وتعشق منتخبها والتي كانت وستبقى سبب كل إنجاز للمنتخب، فهل ينسى الاتحاد كم استغاث الجماهير في المباريات المصيرية للمنتخب؟
ولم يخذلكم الجمهور يومًا، وخذلتموه كثيرًا، فهي فرصةٌ لكم أن تعتذروا للجماهير الأردنية وأن تعيدوا الكرة لأصحابها.