علمنا معنى الوطن
مدار الساعة ـ نشر في 2022/10/25 الساعة 00:31
استشهد عدي التميمي, كنت اعتقد أن المشهد الذي عرضوه لعملية استشهاده.. فقط يوجد في الأفلام الأميركية, لكنه ليس بالفيلم أبدا... هذه حقيقة.
لدي سؤال.. لو ذهب عدي للسفارة الأميركية في القدس وقدم (جواز سفره) وطلب الهجرة, ماذا سيكون الرد... حتما سيمنحونه (الفيزا) في نفس اليوم, لو انه طلب أيضا المغادرة عبر احد المعابر لحضور حفلة عمرو ذياب.. حتما سيفتحون له المعبر ويقولون: اذهب.. لو أن عدي مثلا أراد حضور حفلة راغب علامة في مهرجان ما.. واشترى قميصا كتب عليه (راغب) مع صورة الفنان.. وتشاجر مع الإسرائيليين على المعبر كونهم تعمدوا تأخيره.. عن فنانه المفضل, حتما سيعتذرون له.. وسيحبون نموذجه...
لماذا شبابهم مختلفون؟.. أسال برسم القلق المؤلم... هل رحم أمهاتهم يختلف عن بقية الأرحام؟ أنا لا اعرف؟.. هل زيتهم مختلف.. ماذا رضع هذا الفتى في طفولته.. حليب ثدي نقي أم أنه رضع الحليب ممزوجا بالبارود.... أسأل برسم القلق المؤلم لماذا شبابهم مختلفون؟... كنا زمان نخاف على فلسطين من أن تهود أو تفرغ من السكان, أو تقتلع بيوتهم من الأرض.. اليوم صرنا نغار منهم...
بدلا من أن تقدم مراكز الثرثرة لدينا أيضا دراسات ممولة عن الجندر... كان عليهم أن يقدموا دراسات عن هؤلاء الفتية.. الذين ولدوا في ظل أوسلو.. ونشأوا في ظل السلام, وتوافرت لهم كل مغريات الهجرة... توفر لهم المال الهائل مقابل أن يقبولوا بإسرائيل, توافرت لهم المطارات التي تفتح أبوابها وعقود عمل مقابل مغادرتهم ونسيانهم كلمة فلسطين.. ولكنهم اختاروا الشهادة..
ماذا أبقيت لنا من الرجولة, أخذتها كلها وغادرت.. بعد أن خضت منازلة تعجز جيوش عنها.. وقدمت رسالة للأجيال العربية وهي, أن الذي يتلوى جسده وهو يسدد الرصاص اتجاه عدوه غير الذي يتلوى جسده على الحان نانسي عجرم.. قدمت رسالة مهمة أيضا.. وهي أن الفلسطيني لم يعد بحاجة لأحد.. يحضر رصاصاته وحده, ويشتري بندقيته وحده, ويؤسس تنظيماته وحده.. ويقاتل وحده ويستشهد وحده..
العالم العربي الآن مشغول بالمهرجانات, في كل ركن مهرجان وندوة.. في كل عاصمة تعقد مؤتمرات السوشيال ميديا.. في حين أن عدي كان يفكر بملء المسدس... في حين أن الجيل الجديد في الضفة, صار يؤسس بدلا من المهرجانات خلايا سرية.. يؤسس مؤتمرات للشهادة ومهرجانات للدم.. فقط من يحضر فيها الرصاص وفلسطين..
واعيد السؤال.. وأنا اكتبه على سطور من الوجع والدمع.. لماذا شبابنا ليسوا مثل شبابهم؟... هل الطين هنالك يختلف... أنا شاهدت الأمهات هناك.. وشاهدت دمعهن لا يختلف عن دمع الأمهات في فاس وطنجة وصفاقس والمنامة... وشاهدت أيضا مداخلهم هي ذات المداخل عندنا.. وزيتونهم يعطي القطاف في أول الشتاء مثلنا.. وسبابات الآباء ترتفع في الصلاة مثل سبابات الرجال لدينا.. وشاهدت اطفالهن.. مثل اطفالنا تماما...
لكن الفارق بيننا وبينهم ربما يكمن في أن عشقهم ليس مثل عشقنا أبدا..
علمنا يا عدي يا ابن عمي معنى الوطن.. علمنا يا بطل.
abdelhadi18@yahoo.com
لدي سؤال.. لو ذهب عدي للسفارة الأميركية في القدس وقدم (جواز سفره) وطلب الهجرة, ماذا سيكون الرد... حتما سيمنحونه (الفيزا) في نفس اليوم, لو انه طلب أيضا المغادرة عبر احد المعابر لحضور حفلة عمرو ذياب.. حتما سيفتحون له المعبر ويقولون: اذهب.. لو أن عدي مثلا أراد حضور حفلة راغب علامة في مهرجان ما.. واشترى قميصا كتب عليه (راغب) مع صورة الفنان.. وتشاجر مع الإسرائيليين على المعبر كونهم تعمدوا تأخيره.. عن فنانه المفضل, حتما سيعتذرون له.. وسيحبون نموذجه...
لماذا شبابهم مختلفون؟.. أسال برسم القلق المؤلم... هل رحم أمهاتهم يختلف عن بقية الأرحام؟ أنا لا اعرف؟.. هل زيتهم مختلف.. ماذا رضع هذا الفتى في طفولته.. حليب ثدي نقي أم أنه رضع الحليب ممزوجا بالبارود.... أسأل برسم القلق المؤلم لماذا شبابهم مختلفون؟... كنا زمان نخاف على فلسطين من أن تهود أو تفرغ من السكان, أو تقتلع بيوتهم من الأرض.. اليوم صرنا نغار منهم...
بدلا من أن تقدم مراكز الثرثرة لدينا أيضا دراسات ممولة عن الجندر... كان عليهم أن يقدموا دراسات عن هؤلاء الفتية.. الذين ولدوا في ظل أوسلو.. ونشأوا في ظل السلام, وتوافرت لهم كل مغريات الهجرة... توفر لهم المال الهائل مقابل أن يقبولوا بإسرائيل, توافرت لهم المطارات التي تفتح أبوابها وعقود عمل مقابل مغادرتهم ونسيانهم كلمة فلسطين.. ولكنهم اختاروا الشهادة..
ماذا أبقيت لنا من الرجولة, أخذتها كلها وغادرت.. بعد أن خضت منازلة تعجز جيوش عنها.. وقدمت رسالة للأجيال العربية وهي, أن الذي يتلوى جسده وهو يسدد الرصاص اتجاه عدوه غير الذي يتلوى جسده على الحان نانسي عجرم.. قدمت رسالة مهمة أيضا.. وهي أن الفلسطيني لم يعد بحاجة لأحد.. يحضر رصاصاته وحده, ويشتري بندقيته وحده, ويؤسس تنظيماته وحده.. ويقاتل وحده ويستشهد وحده..
العالم العربي الآن مشغول بالمهرجانات, في كل ركن مهرجان وندوة.. في كل عاصمة تعقد مؤتمرات السوشيال ميديا.. في حين أن عدي كان يفكر بملء المسدس... في حين أن الجيل الجديد في الضفة, صار يؤسس بدلا من المهرجانات خلايا سرية.. يؤسس مؤتمرات للشهادة ومهرجانات للدم.. فقط من يحضر فيها الرصاص وفلسطين..
واعيد السؤال.. وأنا اكتبه على سطور من الوجع والدمع.. لماذا شبابنا ليسوا مثل شبابهم؟... هل الطين هنالك يختلف... أنا شاهدت الأمهات هناك.. وشاهدت دمعهن لا يختلف عن دمع الأمهات في فاس وطنجة وصفاقس والمنامة... وشاهدت أيضا مداخلهم هي ذات المداخل عندنا.. وزيتونهم يعطي القطاف في أول الشتاء مثلنا.. وسبابات الآباء ترتفع في الصلاة مثل سبابات الرجال لدينا.. وشاهدت اطفالهن.. مثل اطفالنا تماما...
لكن الفارق بيننا وبينهم ربما يكمن في أن عشقهم ليس مثل عشقنا أبدا..
علمنا يا عدي يا ابن عمي معنى الوطن.. علمنا يا بطل.
abdelhadi18@yahoo.com
مدار الساعة ـ نشر في 2022/10/25 الساعة 00:31