الباشا الرقاد يقدم ورقة بعنوان (الفكر الاستراتيجي للشريف الحسين بن علي من النفي الذهبي 1893م إلى إعلان الثورة عام 1916)

مدار الساعة ـ نشر في 2022/10/24 الساعة 13:23
مدار الساعة - شارك اللواء الركن (م) الدكتور محمد خلف الرقاد مدير التوجيه المعنوي الأسبق وأستاذ العلوم السياسية في ندوة (الوئائق الهاشمية مصدراً لدراسة تاريخ الأردن الحديث) التي عقدها كرسي المرحوم سمير الرفاعي للدراسات الأردنية يوم الاثنين الموافق 24 تشرين أول 2022م في جامعة اليرموك ، وذلك من خلال تقديم ورقة علمية بعنوان: ( الفكر الاستراتيجي لدى الشريف الحسين بن علي من النفي الذهبي إلى إعلان الثورة 1893 – 1916) ، وقد جاءت هذه الورقة على شكل دراسة علمية اتبعت منهج " تحليل النص " لغاية تحليل بعض الوثائق والمراسلات والرسائل والبرقيات وبعض الأقوال والأفعال والسلوكيات السياسية التي صدرت عن الشريف الحسين بن علي بهدف بيان وتحليل مدى عمق الفكر الاستراتيجي السياسي للشريف الحسين الذي يعتبر هو الأساس لوضع أسس ومباديء الثورة العربية الكبرى التي مهدت لتأسيس إمارة شرق الأردن وبناء الأردن الحديث، وأشار اللواء الدكتور الرقاد إلى أن فكر الشريف الحسين بن علي السياسي والعسكري لم يحظ بالدراسات المعمقة والمستوفاة التي تكشف مدى أهمية هذا الفكر لدى زعيم عربي مسلم وقائد للثورة العربية الكبرى بحجم وشخصية الشريف الحسين بن علي، حيث ناقشت الدراسة في فصليها ومباحثها الأربعة من خلال تحليل بعض الوثائق والمراسلات والرسائل والبرقيات بعض المفاصل السياسية الهامة في مسيرة الشريف السياسية من النفي الذهبي في عام 1893 ولغاية إعلان الثورة العربية الكبرى في 10 حزيران 1916م ، حيث عرجت الدراسة على توضيح وتحليل البيئة السياسية في تلك الفترة ،وقدمت تحليلاً لبعض النصوص التي عكست فعلياً الأبعاد الاستراتيجية في فهم الشريف الحسين السياسي والعسكري العميق المستوى ، وسلوكياته وأفعاله وأقواله ومواقفة السياسية تجاه سياسات الصدر الأعظم والحزب الحاكم في تركيا آنئذ (جماعة الاتحاد والترقي)، الذي كان يسيطر على كل القرارات السياسية والعسكرية ويتحكم في سياسات الباب العالي (السلطان العثماني) الذي أصبح لا حول له ولا قوة في أواخر أيام الدولة العثمانية .
كما ناقشت الورقة المرتكزات التي استند إليها الشريف الحسين في استراتيجيته السياسية وفي قراراته وسلوكياته وأقواله وافعاله ومراسلاته ومواقفه السياسية ، وقدمت توضيحاً تحليلياً لكيفية وضع الشريف الحسين للمفهوم السياسي للثورة ثم إعلانها ، وفي نهاية عرض الورقة قدم اللواء الدكتور الرقاد عدداً من التوصيات التي توصلت إليها هذه الدراسة . وفيما يأتي ملخص لهذه الدراسة :
الفكر الاستراتيجي لدى الشريف الحسين بن علي
من النفي الذهبي إلى إعلان الثورة (1893 – 1916)
اللواء الركن (م) د . محمد الرقاد
مدير التوجيه المعنوي الأسبق
بداية كل الشكر والتقدير لجامعة اليرموك العتيدة على كريم دعوتها الرقيقة عبر الصديق الودود الخلوق الأستاذ الدكتور محمد العناقرة للمشاركة في هذه الندوة المتميزة بموضوعها الوطني الهام .
لقد سرتني هذه الدعوة بقدر ما أتعبتني ... كونها تبحث في الوثائق الهاشمية كمصدر لدراسة تاريخ الأردن الحديث منذ قيام الثورة العربية الكبرى وعبر سني تأسيس وتطوير المملكة الأردنية الهاشمية ، وكنت وما زلت مهتماً بهذا التوجه في البحث الذي يتقصى الدور الهاشمي والأبعاد الفكرية الهاشمية على الصعد السياسية والعسكرية ، حيث شكّل الفكر الاستراتيجي للشريف الحسين القاعدة الأساسية والمبادىء الراسخة لقيام الأردن الحديث ... وقادني التفكير إلى دراسة دور الشريف الحسين، ذلك الزعيم العربي المسلم، وقائد الثورة العربية الكبرى الذي لم يُحْظْ بالإنصاف اثناء حياته ، ولا بعمق البحث والدراسة لإرثه الفكري السياسي والعسكري من خلال هذه الوثائق والنصوص والمراسلات والأقوال والأفعال، فجاءت هذه الورقة بعنوان : " الفكر الاستراتيجي لدى الشريف الحسين بن علي من النفي الذهبي إلى إعلان الثورة (1893 – 1919) ، أما لماذا اختيار هذا الموضوع الشائك الصعب؟، فهناك عدة أسباب أهمها :
01 وجوب ان تكون هناك جِدّةُ في الطرح .
02 ما تعرضت له الاستراتيجيات والسياسات التي انتهجها الشريف الحسين من ظلم وإجحاف في الأحكام عليها من القريب ومن الغريب... دون أن تُدْرس علمياً وبعمق، واستناد الأحكام على: قال.. ، وسمعت .. أو استناداً إلى قراءات سطحية ومجزوءة .
03 عمق الفكر الاستراتيجي لدى الشريف الحسين على الصعيدين العسكري والسياسي، والذي ربما لم يُقْدِم الباحثون على إزاحة الستار عنه ودراسته وكشفه وتقديمه بالطريقة التي تليق بزعيم عربي مسلم كالشريف الحسين ، وذلك لأسباب متعددة وقد وردت في الدراسة الكاملة .
04 أسباب تتعلق بأدوات التحليل السياسي ومتطلباتها التي لم تكن متوافرة بشكل يخدم مساعي وأهداف التحليل مثل عدم توافر دوائر متخصصة في صنع القرار ، وفي سبر غور فكر الشريف الحسين بن علي الذي كان يتبع سياسة حذرة ، فكان يعرف ويدرك كل شيء حوله ، لكنه كان يجنح إلى عدم الإفصاح إلا بقدر الحاجة ، وذلك نظراً لتشابك البيئة السياسية والعسكرية التي كانت سائدة في تلك الفترة ، لذا ربما لم تتمكن بعض الدراسات من الغوص في إدراك فكر هذا القائد السياسي الهاشمي الصعب المراس ، فـــ " القائد السياسي قد لا يعلن الحرب إذا كانت قوة دولته النسبية أقل من قوة الخصوم ، لكنه قد... لا بل من المؤكد أنه سيتخذ قراراً بشن الحرب إذا أدرك أن هناك أموراً لها مساس بالعقيدة الدينية أو القومية ، بحيث تطغى أهمية القرار على توازن القوى .
05 لم تدرك الدراسات غير المعمّقة النسق العقيدي الذي تكون لدى الشريف الحسين بن علي من خلال اطِّلاعه على الحراكات السياسية على الساحات العربية والإقليمية والدولية ، وحينما كان قريباً من السلاطين العثمانيين وبخاصة السلطان عبدالحميد الثاني ، حيث اطّلَع على النسق الدولي ، وعلى طبيعة الأعداء السياسيين ، وكيفية التعامل سياسياً مع بعضهم البعض ، وترسخ لديه هذا النسق العقيدي السياسي الذي مكّنه من رسم استراتيجياته السياسية ، ومن تحديد هدفه الأسمى للثورة ، واتباع الاستراتيجيات السياسية والعسكرية التي تقود إلى تحقيق أهداف الثورة العليا ، فاعلن الثورة مع أنه كان يدرك المخاطر السياسية ، فوجد من الضرورة إيجاد قوة عسكرية تسند تحقيق الأهداف فأنشأ قوات الثورة العربية الكبرى.
أهمية الدراسة. تنبع أهمية هذه الدراسة من عدة اعتبارات يمكن تلخيصها على الوجه الآتي:
01المكانة التي تبوأها الشريف الحسين على الصعيدين الإسلامي والعربي.
02الدور السياسي والعسكري الذي أدّاه الشريف حسين قائد الثورة العربية الكبرى على الصعيدين العربي والإسلامي سعياً لتحقيق هدف الثورة الأسمى وهو حفظ الدين والاستقلال وإقامة الدولة العربية المستقلة.
03 الظلم وعدم الإنصاف والجحود الذي واجهه الشريف الحسين بن علي
04التحديات التي كان الشريف الحسين بن علي يواجهها وهو يناضل لتحقيق هدفه الأسمى، وكان منها ماهو: داخلي (مكة وما حولها)، وما هو : خارجي يتمثل في مواقف السياسة التركية.
هدف الدراسة . يتلخص في : " بيان مدى البعد الاستراتيجي في فكرالشريف الحسين من فترة النفي الذهبي وحتى إعلانه للثورة العربية الكبرى عام 1916م" ، وتحليل هذا الدور من خلال المتغيرات والمواقف والأحداث والوثائق والمراسلات والسلوكيات والأفعال والأقوال التي صدرت عن الشريف على الصعد السياسية والعسكرية.
أسئلة الدراسة . يتمثل السؤال المحوري للدراسة بـــ : " ما مدى عمق البعد الاستراتيجي في الفكر السياسي للشريف الحسين بن علي السياسي وانعكاسه على مواقفه وقراراته السياسية من فترة النفي الذهبي إلى أن أعلن الثورة العربية الكبرى على الحزب الحاكم ( جماعة الاتحاد والترقي ) في تركيا" .
منهجية الدراسة . اتبعت الدراسة منهج " تحليل النص" ، على اعتبار أنه الأكثر ملاءمة لدراسة الفكر الاستراتيجي السياسي والعسكري للشريف الحسين بن علي .
تقسيم الدراسة . تألفت الدراسة من فصلين وأربعة مباحث ، وعلى الشكل الآتي :
- الفصل الأول: البيئة السياسية ومرتكزات استراتيجية الشريف الحسين بن علي .
- المبحث الأول : البيئة السياسية السائدة في تلك الفترة .
- المبحث الثاني : مرتكزات الاستراتيجية السياسية للشريف الحسين بن علي .
- الفصل الثاني : البعد الاستراتيجي في فكر الشريف والمفهوم السياسي للثورة وإعلانها.
- المبحث الأول : البعد الاستراتيجي في الفكر السياسي للشريف الحسين .
- المبحث الثاني : المفهوم الاستراتيجي السياسي للثورة العربية الكبرى وقرار إعلانها.
البيئة السياسية السائدة في تلك الفترة . لقد عاشت الدولة العثمانية في العقود الأخيرة من عمرها بيئة سياسية صاخبة كانت مكتظة بفوضى سياسية عارمة مصحوبة بتدخلات دولية في الشؤون السياسية والخارجية للدولة العثمانية بالإضافة لسيطرة الحزب الحاكم(جماعة الاتحاد والترقي) وهيمنته على القرار السياسي والعسكري، وكان هناك الكثير من الممارسات السياسية الخاطئة والقرارات المهمة التي أُتُخِذَتْ وكانت ليست في صالح الدولة العثمانية والولايات العربية التي تخضع لها ، ومن أهمها الوقوف إلى جانب ألمانيا في الحرب ، مما أثار حفيظة المفكرين العرب والشريف الحسين بن علي لدرايته بخطورة هذا الموقف .
ولما كان الشريف الحسين أميراً على مكة التي يتوجه إليها العرب والمسلمون، ونظراً لما كان له من صلة مع السلطان العثماني عبدالحميد الثاني ـــ ــ والتي شوهها الاتحاديون إلا أنها لم تنقطع بعد ـــ ـــ أرسل الشريف رسالة "سرية" إلى السلطان "محمد رشاد الخامس" في شهر آب 1914 جاء فيها: " إن الانضمام مع ألمانيا في الحرب ضد الدول الكبرى فرنسا وبريطانيا وروسيا ليس في صالح الدولة العثمانية، ونحن هنا محاطون بالدول العظمى البحرية المعادية، وسنصبح في أحرج المواقف وأخطرها عندما نتحرك، وإن اتكال الدولة العلية في الدفاع على أهل البلاد ، فهم ليسوا منظمين ولا يملكون السلاح واستحلف جلالتكم بأن لا تدخلوا الحرب". وهنا فإن المتمعن في قراءة الرسالة أعلاه يقرأ بأن في مضمونها فكراً استراتيجياً سياسياً وعسكرياً متميزاً، حيث انطوت الرسالة على بعدين هامّين هما :
01 الإدراك الاستراتيجي السياسي والعسكري لدى الشريف ، فهو العارف ببواطن الأمور والمتطلبات الاستراتيجية من حيث إعداد الأمة للحرب، وتحليل البيئة السياسية والعسكرية السائدتين في تلك الفترة ، مثلما كان الشريف يدرك أهمية توازن القوى، فالدول الأوروبية تمتلك القوة العسكرية ، حيث شكّل الانتشار العسكري الأوروبي الواسع – كما تشير الرسالة - والذي كان يحيط بأراضي الدولة العثمانية من مختلف الجهات البرية والبحرية ، شكّل إحْكَاماً لقبضتهم على مداخل البحار والمحيطات، وهذا الانتشار العسكري سيجعل الدولة العثمانية والولايات العربية في حرج سياسي وعسكري في آن واحد.
02 كان الفكر الاستراتيجي للشريف يدرك مدى ضعف الواقع السياسي والعسكري للدولة العثمانية التي كان يطلق عليها آنذاك "الرجل المريض" فكان في صورة واضحة عن هذا الواقع الذي لا يسعف الدولة العثمانية في تحقيق أية أهداف تصب في صالح بقائها واستمراريتها إذا ما دخلت الحرب إلى جانب دول المحور ، كما كان الشريف يدرك أهمية إعداد الأمة للحرب، والدولة العثمانية لم تقم بشيء من هذا القبيل، فأهل البلاد ليسوا منظمين ولا يملكون السلاح .
ولهذا كانت استراتيجيته السياسية واضحة ، والدراسة غنية بالوثائق والرسائل والسلوكيات والأفعال التي تبرهن على أهمية البعد الاستراتيجي في الفكر السياسي لدى الشريف ، وصحة استراتيجيته السياسية ، والتي استندت إلى مرتكزات عدة بينتها الدراسة ، وقدمت الأدلة من خلال الوثائق والحقائق على الأرض ، ومن أهمها :
01 بناء قاعدة اجتماعية وسياسية في مكة وبلاد الشام.
02 التواصل مع أحرار العرب ومفكريهم السياسيين .
03 الدبلوماسية والمناورة السياسية والتشدد في بعض المواقف ، وذلك رداً على مناورات جماعة الاتحاد والترقي السياسية .
04الاستناد إلى وحدة العرب ، وعدم التفريق بين الراغبين في الانضواء تحت لواء الثورة من حيث الجنس أو الدين أو العرق أو الطائفة.
05 إتباع سياسة التحالف ، ففي ضوء الوضع السياسي المترهل للدولة العثمانية والتدخلات الأجنبية في الشؤون السياسية الداخلية للعثمانيين ، وفي ضوء الدعوات التي وُجِّهت للشريف الحسين لإنقاذ الأمة العربية مما هي فيه، رأى أنه لا بد من البحث عن المصلحة العربية العليا، وإيجاد السبل لحمايتها وتحرير أراضيها وإنسانها ، وبعد تحليله للمواقف والأحداث رأى أن المُمْكِنَ أمامه في ظل هذه الظروف هو التحالف مع بريطانيا، ويتضح البعد الاستراتيجي في فكر الشريف الحسين من خلال :
01 وضوح الرؤية السياسية عند الشريف .
02 إدراك أبعاد معادلة الحوار العربي- البريطاني . حيث كان الطرف البريطاني المباشر في الحوار متذاكياً ومراوغاً وكاذباً ، وهو صاحب توصية ... وليس متخذ قرار... فالقرار كان يتخذ في لندن التي لا يهمها إلا مصالحها ومصالح حلفائها الأوروبيين .
03 استقلال الفكر السياسي للشريف الحسين ابن علي، ففي أحد النصوص التي نقلها شفوياً محمد بن عريفان رسول الحسين بن علي ، وسجلها السيد "ستورز" ، يقول الشريف: "إننا لسنا تحت إمرة الأتراك، ولكن الأتراك تحت إمرتنا".
04 الشورى في اتخاذ القرار. حيث لم يتبنّْ الشريف رأياً أو موقفاً، ولم يتخذ قراراً سياسياً بمفرده، ودليل ذلك ما ورد في نصوص رسالته الأولى إلى السيد "هنري مكماهون " التي بنيت استناداً إلى "ميثاق دمشق" الذي حدد فيه القادة والمفكرون السياسيون العرب مطالبهم السياسية بإنشاء الدولة العربية المستقلة المستندة إلى حدود واضحة المعالم والتي وردت واضحة كل الوضوح في ميثاق دمشق ، وفي الرسالة الأولى لهنري مكماهون.
05 وضوح الفهم السياسي عند الشريف ، حيث كان يعرف مطالبه السياسية جيداً ، لكنه كان يدرك أن هناك تقاطعاً واضحاً في الفهم والمضمون والأهداف بينه وبين بريطانيا عكسته المراسلات، وأن ما يعتمل في ذهن متخذ القرار في لندن فقط هو مصلحة بريطانيا ، والمحافظة على مصالح الحلفاء الأوروبيين، دون اعتبار لمصالح الحليف العربي.
06 عكست المراسلات عمق الفكر الاستراتيجي لدى الشريف من خلال إدارك مرامي وأهداف بريطانيا، وتمسكه بــ "عقائده السياسية" ، فهو الشريف الهاشمي وممثل العرب بناءً على تفويض منهم، ويتكلم باسمهم وقد أخذ على عاتقه السعي بكل ما يملك من إمكانات وقوة إلى حفظ الدين وحرية العرب، وإقامة الدولة العربية المستقلة، فهو لم يوافق على إخراج ولايتي حلب وبيروت، وكذلك البصرة وبغداد من مطالبه السياسية حسب طلب بريطانيا، بإعتبارهما موقعين استراتيجيين يوفران عمقاً استراتيجياً سياسياً وعسكرياً للدولة التي يطمح لها العرب، وباعتبارهما نقاط سيطرة على الطرق البحرية التي تربط الغرب بالشرق .
ولا تتفق هذه الدراسة مع ما ذهب إليه بعض الباحثين الذين رأوا بأنه كان هناك تبايناً في الفهم السياسي من خلال المراسلات، من حيث عدم التقاء فهم الشريف مع الفهم البريطاني نتيجة للمعاني والألفاظ والمصطلحات التي وردت في المراسلات، ولكن الدراسة تؤكد أن هناك فهماً واحداً ذهبت اليه بريطانيا وهو مصالحها فقط، مع إدراكها الكامل لمطالب الشريف الحسين بن علي ومعه العرب، لكنها كانت تتجاهلها وتقفز فوق الأفكار والمعاني والألفاظ .
المفهوم الاستراتيجي السياسي
المفهوم الاستراتيجي السياسي للثورة العربية الكبرى وقرار إعلانها. لقد برزت أمام الشريف ثلاثة توجهات استراتيجية سياسية حكمت قراره السياسي في تحديد مفهومه الاستراتيجي السياسي للثورة وكانت على الشكل الآتي:
01 الوقوف إلى جانب الأتراك في الحرب والطلب منهم الاعتراف بحق العرب بالاستقلال، وقد تبنى هذا التوجه الأمير فيصل بن الحسين استناداً إلى عدة أسباب أهمها:
أ . أن رؤيته تتلخص بأن الحلفاء لا يهمهم سوى تحقيق مصالحهم وأهدافهم السياسية بالحصول على جزء من تركه الرجل المريض، في كل من سوريا والعراق وفلسطين.
ب . أن وعود بريطانيا بالمساعدة في قيام الدولة العربية المستقلة غير كافية، وغامضة، تجاه ما نص عليه ميثاق دمشق بخصوص حدود الدولة العربية المستقلة وقيامها.
ج . إن الاستعداد العربي للقيام بالثورة غير كافٍ، وحينها فإن وحشية الأتراك ستزداد ضراوة تجاه العرب.
02 الوقوف إلى جانب بريطانيا في الحرب: وقد تبنى هذا التوجه الأمير عبدالله بن الحسين الذي كان عضواً في مجلس المبعوثان التركي ، وقد استند الأمير عبدالله في توجهه هذا على ما يأتي:
أ . رؤيته بأن الاستقلال عن تركيا لن يكون إلا باستخدام القوة العسكرية، سواء تحالف العرب مع بريطانيا أم لم يتحالفوا.
ب . اطمئنانه لمواقف أحرار العرب والمفكرين السياسيين بالوقوف إلى جانب الحسين بن علي في ثورته ، وخبرته السياسية ومعرفته بالمعطيات السياسية السائدة، وإطِّلاعه على أسرار ونشاطات الجمعيات العربية خلال عضويته في مجلس المبعوثان في الأستانة.
ج . رؤيته الاستراتيجية بأن ميزان القوى يميل إلى صالح دول الحلفاء ، وتأكده من حاجة بريطانيا إلى حليف استراتيجي في المنطقة العربية لدعم مواقفها .
03الاتجاه الثالث: اتِّبَاع استراتيجية الدبلوماسية والحرب ، وقد تبناه قائد الثورة الشريف الحسين بن علي، وقد تلخص هذا الاتجاه في الدمج بين التوجهين السابقين، واستند في توجهه إلى ما يأتي:
أ . أن هذا المفهوم يخفف من إثارة الشعوب المسلمة من غير العرب ضد الثورة.
ب . يقلل من الخسائر في القوى البشرية بين صفوف العرب الذين سينضوون تحت لواء الثورة ، فهم غير مدربين، وفي يدهم القليل من الأسلحة.
ج . بقاء الباب موارباً للتعاون مع بريطانيا، من خلال المفاوضات مع اللورد "كتشنر".
وبعد التشاور، اتخذه قراره الاستراتيجي السياسي بإعلان الثورة العربية الكبرى، وأطلق رصاصتها الأولى من شرفة قصره في مكة المكرمة عام 1916.
التوصيات . خرجت الدراسة بعدد من التوصيات يمكن إجمالها فيما يأتي :
01 إجراء مزيد من الدراسات المعمّقة التي تتمكن من سبر غور فكر الشريف الحسين بن علي ، وإزاحة الستار عن مواقفة المشرفة.
02 أن تتبنى وزارة الثقافة الأردنية نشر مزيد من الدراسات والتحليلات الصالحة للنشر عن فكر الشريف بعد تحكيمها .
03 إدخال منجزات الثورة السياسية والعسكرية في المناهج الدراسية في مراحل التعليم المختلفة بأساليب تربوية تتلاءم مع كل مرحلة دراسية من رياض الأطفال إلى المراحل الجامعية.
04 أن تعهد وزارة الثقافة والقوات المسلحة إلى مترجمين أكْفاء لترجمة الوثائق التركية والإنجليزية في المجالين السياسي والعسكري , وأن تهتم بمذكرات رجالات الثورة العربية والاستفادة منها .
05 تكليف بعض الفنانيين (الرسامين المحترفين) ، باستخراج بعض الصور من النصوص التي وردت في مذكرات الملك المؤسس عبدالله الأول مثل الاستقبال والمراسم التي جرت للشريف الحسين بن علي عند وصوله إلى ميناء جدة ، ومن ثم تحويلها إلى لوحات فنية ، لأن ما كتب عن هذا الاستقبال يستأهل أن يجسد جزءاً مهماً من تاريخ إمارة مكة والدور الهاشمي الحقيقي .
  • مدار الساعة
  • جامعة اليرموك
  • الحسين بن علي
  • الثورة العربية الكبرى
  • المملكة الأردنية الهاشمية
  • الأمير فيصل بن الحسين
  • عبدالله بن الحسين
  • وزارة الثقافة
  • القوات المسلحة
  • الملك المؤسس
مدار الساعة ـ نشر في 2022/10/24 الساعة 13:23