علاقتنا مع صندوق النقد!
علاقة الأردن مع صندوق النقد الدولي متذبذبة وهي تعتمد على نهج الحكومات.
بعض الحكومات رضخت وبعضها تفاهمت وقلة تحفظت، لكنها بالمجمل علاقة مريض مع طبيب، لكن هذا الطبيب تهمه صحة المريض طالما كان قادراً على دفع الفاتورة وهي باهظة في معظم الأحيان.
حكومات استدعت الصندوق وحكومات فتحت له الباب عندما رغب بذلك واخرى تخلصت منه ولو الى حين.
لم يكن الصندوق سعيدا عندما حدث الطلاق سنة ٢٠٠٤، وكان يراهن ألا ينتظر حدوث الانفلات المالي حتى يعود بسرعة، هذه هي مهمة الصندوق مع كل دول العالم والسبب هو حاجة الدول الى تقرير شفاعة يساعدها على الحصول على تسهيلات ومنح ومساعدات واستثمارات.
لكن علاقة صندوق النقد مع الدول ليست زواجاً كاثوليكياً ودول كثيرة لم ترتبط به حتى اللحظة.
الطلاق مع الاردن سبق وان حدث قبل أن يلتم الشمل مرة أخرى والسبب هو الانحرافات في أداء الاقتصاد وتراكم الاختلالات وتراجع ثقة الدول المانحة والدائنة.
ثلاث حكومات متعاقبة وفي تواريخ مختلفة طلبت نجدة الصندوق وفي كل مرة لأسباب وظروف مختلفة تنوعت بين حافة الانهيار، والاستقرار المالي وكبح المديونية.
الطلاق الأول والوحيد وقع في 2004 بدأ الأردن برسم سياساته واتخاذ قراراته الاقتصادية، دون الحاجة لنصائح الصندوق التي تميزت مرة بالمرونة ومرة بالضغط.
الطلاق لم يكن بائنا بينونة كبرى والسبب هو إخلال الحكومات المتعاقبة بشروطه وهو التراخي والتوسع بالاقتراض المحلي والأجنبي، فعادت الأزمة من جديد وما زادها عمقا تمثل في مرحلتين الأولى الأزمة المالية والاقتصادية العالمية أما الثاني فكان الربيع العربي وتداعياته حتى يومنا هذا.
بعض الحكومات ولكسب الشعبية وتبرير الأخطاء قدمت الصندوق باعتباره العدو رقم واحد مع أنها هي من طلبت نجدته ولم تكن العلاقات مع الصندوق متوترة في مرحلة من المراحل بل إن الأخير قدم دعما ومساعدات كبيرة للأردن فلا يريد الصندوق أن يمنى بالفشل وهو يرغب في تعميم قصص النجاح.
اليوم هناك برنامج للاصلاح الاقتصادي لأن الأردن ما زال بحاجة الى الصندوق ومن يقول إنه قادر على الطلاق منه مجددا فهو يخطب ود الشعبوية ولا ندعي أن هذا الزواج أبدي لكن ليس هناك ما يوحي بأنه سيكون قريبا لأن الدول المانحة والدائنة، ما زالت تشترط شهادة الصندوق.
ديباجة تقول ان إناء الضرائب فاض, لكنه يطالب بين فترة واخرى بفرضها ولا يتجاوز الحلول المالية فهذه هي مهمته التي تركز على توازن الاداء المالي والعجز والمديونية ودائما يتحدث عن إصلاح قطاع المياه وتصويب إختلالات قطاع الطاقة, وهو ما لا يمكن فعله دون المساس في هيكل التسعيرة, والحكومة من جانبها تتجنب هذا الدواء المر.
الصندوق يشرف على وضع البرامج وللحكومات مسؤولية التنفيذ وتحمل النتائج.
الحكومات الأردنية أكثر معرفة من الصندوق بالوضع المالي.
ورغم انه صعب أن يشيد الصندوق بسياسة مالية تسمح بإنفاق جار يتجاوز الإيرادات المحلية، ومع ذلك يخصص مبالغ طائلة للإنفاق الرأسمالي من المديونية.
توقعات الصندوق حول النمو الاقتصادي مبالغ فيها لذلك سرعان ما يصوبها اعتمادا على توقعات الحكومة.
وزير المالية يعرف الحقائق أكثر من خبراء الصندوق لكنه يحرص على الحصول منه على اشادة بالإجراءات التي تتخذها الحكومة.
qadmaniisam@yahoo.com