أين ذهبت أموال المديونية والمساعدات؟
«سؤال خبيث» يراد به باطلا غير انه مشروع وحق للجميع ليعرفوا اين ذهبت أموال المديونية واين تذهب أموال المساعدات والمنح وبالتفصيل، وذلك لتكميم الافواه والتي في كل مرة تتنطح وتخرج علينا بالتشكيك والاتهامات والاحباط اما لنيل الشعبويات واما بهدف تعطيل تعافي اقتصادنا وخططه المستقبلية، فاين ذهبت اموال المديونية وهل شابها فساد فعلا، لعل الارقام والظروف والتحديات تجيب.
المديونية والتي وصلت الى 37 مليار دينار لم تأت بيوم وليلة بل هي تراكمية لسنوات طويلة عانى فيها الاردن كثيرا نتيجة تعرضه لجملة من التحديات التي واجهها واستطاع عبورها..
ولان مواجهة التحديات تحتاج الى اموال طائلة للحفاظ على المكتسبات التي حققها بالاضافة الى ضمان عدم السقوط في فخها بغير عودة، استدان الاردن مليارات الدنانير والتي لولاها لما كان حال اقتصادنا على ما هو عليه اليوم ولكان قد وقع في فخ الركود والتضخم وتراجع قيمة عملته «الدينار» ولكانت مصارفنا وقيمة اموالنا وممتلكاتنا ومدخراتنا في الحضيض، ومن هنا لابد من التسلسل في الظروف التي اجبرتنا على القفز بهذه المديونية الى ارقام مضاعفة وتفصيلها واحدة واحدة.
سأبدأ من 2007 والتي كانت فيها المديونية لا تتجاوز 7 مليارات دينار ومعدلات النمو الاقتصادي لدينا ممتازة ومميزة، قبل ان ندخل بعدها ومباشرة بالازمة الاقتصادية العالمية 2008 والتي اثرت على كافة الاقتصاديات العالمية ومنها اقتصادنا الوطني، فما كاد ان يبدأ في تفعيل مراحل النمو واستغلالها وتطوير البنية التحتية وعكس ما نحققه من نمو على واقع الخدمات المقدمة للمواطنين، لتخرج علينا الازمة العالمية برأسها فكان خيرا ام ان نكمل ما بدأناه واما ان نتوقف لحين انتهائها فكان خيارنا ان نكمل ما دفعنا الى استدانة الاموال للاستمر?ر والحفاظ على المكتسبات التي حققناها وذلك لحين انتهاء الازمة التي استمرت ثلاث سنوات ولغاية 2011 ما ادى الى ارتفاع المديونية من 8-11.5 مليار اي بواقع 3.5 مليار عن ثلاثة اعوام فقط.
وما ان استفقنا من تلك الازمة حتى دخل علينا ما يسمى الربيع العربي وما تلاه من احداث لعل ابرزها انقطاع الغاز المصري الذي كلفنا وحده ما يقارب 7.5 مليار دينار في العام 2013 لتقفز المديونية 20% وتصل الى ما يقارب 20 مليار دينار بالاضافة الى الارتفاع الكبير على اسعار النفط وما رافقه حينها من ارتفاعات كبيرة على المشتقات النفطية ما رفع الفاتورة النفطية والنفقات على الخزينة، ليتولى العجز السنوي تسجيل ارقام لم تقل عن 1.2 مليار دينار سنويا اي بواقع 10 مليارات على مدار السنوات العشر الماضية لتضاف الى 20 مليارا التي سجل? عند انقطاع الغاز وتصل الى ما يقارب 30 مليار دينار لتستمر بعدها الاحداث الامنية والاضطرابات واغلاقات المعابر والاسواق التصديرية للمملكة وتراجع الاستثمارات والحوالات ما تسبب في تراجع ايرادات الخزينة لتبقى تستدين طيلة السنوات الماضية وصولا الى جائحة كورونا والحرب الروسية والتي كلفتنا ما يزيد على 5 مليارات على اقل تقدير للحفاظ على الوضع القائم وحماية الاقتصاد والمواطنين من تبعاتها والتي مازالت مستمرة وتعصف بنا.
هذه المعلومات وباختصار غيض من فيض للاجابة عن سؤال اين تذهب اموال المديونية والمساعدات والمنح ولماذا؟، ولكي تتأكدوا من هذه المعلومات والاسباب الموجبة لتشكل المديونية ما عليكم سوى ان تستعيدوا ذاكرتكم قليلا وتعودوا بها الى الوراء وحينها ستجدون ان ما تعرضنا له من ظروف استوجبت هذه الديون بعيدا عن ربطها بخزعبلات الفساد وببيع المقدرات والتشكيك واثارة الرأي العام، فكفوا عن هذا السؤال الخبيث وتوقفوا!