اللغز مع السائق.. كشف مصير مرافق «الجواودة» في حادثة السفارة الإسرائيلية
مدار الساعة - عاد القاتل سالماً، ونال قسطه من التهنئة بالعودة الحميدة إلى إسرائيل، بعدما ضجَّ محيط سفارة بلاده في العاصمة الأردنية عمّان بحادثة شغلت البلاد ثلاثة أيام، إثر إطلاقه النار على مواطنيْن أردنييْن فارقا الحياة.
في الوقت الذي استقبل فيه رئيس الحكومة الإسرائيلية سفيرته لدى الأردن عينات شلاين، وطاقم سفارتها، ومعها موظف الأمن الذي أطلق الرصاص على الأردنيين فقتلهما مساء الأحد، 23 يوليو/تموز 2017، كان المشهد على الساحة الأردنية مختلفاً، حيث خرجت جنازة جماهيرية حاشدة في عمّان تشيّع جثمان الشاب محمد زكريا الجواودة.
لغز الواقعة مرهون بالسائق
لكنّ الواقعة التي أُقفلت في ليلة وضحاها بطريقة بدت مريبة لكثير من الأردنيين، تركت وراءها تساؤلات عدة تُطرح في محاولة لمعرفة ما حصل فعلاً في ذاك المساء، بعدما وصل محمد الجواودة وسائق الشاحنة التي تحمل الأثاث، لتركيب غرفة نوم في منزل بمبنى يقع في حرم السفارة الإسرائيلية.
أين هو السائق الذي كان برفقة الشاب الجواودة لحظة تعرّضه لإطلاق النار من حارس أمن السفارة الإسرائيلي؟ ولماذا لم يُكشف للإعلام عنه خبر منذ لحظة الحادثة؟
وقالت مصادر أن السائق الذي كان بصحبة الجواودة وبقي مصيره مجهولاً، هو المواطن ماهر الجنيدي (45 عاماً) ويسكن في مخيم الوحدات بالعاصمة عمّان.
ويقول ابن عمّه، محمود الجنيدي لـ"هاف بوست"، إنه منذ ليلة وقوع الحادثة في محيط السفارة "كان هناك تضليل كبير حول مصير ماهر، وكنا قلقين عليه بشكل كبير".
"أنا في ضيافة الشباب"
ويضيف: "عند الساعة الواحدة فجر يوم الإثنين، أخبرنا مدير مركز أمن شميساني (في عمّان)، بأن ماهر بخير"، وذلك بعدما توالت أنباء عن تعرضه للإصابة، مثلما حصل مع الجواودة والطبيب الأردني بشار الحمارنة، الذي أصيب بإطلاق نار من حارس أمن السفارة الإسرائيلية أيضاً في الليلة نفسها.
وتابع مدير مركز أمن شميساني قائلاً: "إن جهات أمنية خاصة أخذت ماهر في تلك الليلة".
وأوضحت عائلة السائق أنه كان من المفترض أن يعود ماهر لأسرته يوم الإثنين، إلا أنه قبل ساعة ونصف الساعة من الموعد المقرر، تلقت زوجته اتصالاً منه، قال فيه كلمات محدودة: "أنا بخير، في ضيافة الشباب، سأبقى هنا يومين أو ثلاثة"، ثم أُغلق هاتفه مجدداً.
وفي ذاك اليوم، عرفت عائلته أن ماهر أُخذت شهادته في محكمة الجنايات الكبرى وقد يكون حالياً متحفظاً عليه في مركز أمن شميساني.
أما الشاحنة التي كان يقودها ماهر -وهو يعمل لدى محلات الجواودة للأثاث منذ 8 أشهر- فقال والد محمد الجواودة لـ"هاف بوست عربي"، إنها محجوزة أيضاً ومتحفظ عليها.
عائلة الجواودة
وبعيداً عن مصير السائق الذي يدري وحده حقيقة الحادثة، هناك تساؤل آخر يدور في الأفق، وهو عن سبب تراجع عائلة الجواودة عن إصرارها على عدم تسلم جثمان نجلها قبل معرفة كيف قُتل.
حيث قالت في حديث سابق، إنها رضخت للعشيرة بعد أن اجتمع أفراد منها مع رجال الأمن، فقرروا دفنه.
وعلمت "هاف بوست عربي"، أنها لم تكن المرة الأولى التي يذهب فيها عمال من محل الجواودة إلى المنزل الواقع في حرم السفارة الإسرائيلية بمنطقة الرابية.
وقال أهل الطبيب الحمارنة الذي قُتل أيضاً -وهو مالك المبنى الذي وقعت فيه الحادثة- إن عمالاً جاؤوا قبل 10 أيام من محل الجواودة للأثاث، وأخذوا قياسات غرفة النوم التي كانوا ينوون تركيبها، رغم أن ابن خال محمد ذكر في حديث سابق، بأنه "لا أحد ذهب للسفارة، ونحن لا نرضى أن نتعامل معها أصلاً. نحن أتانا مواطن أردني اشترى غرفة نوم، وكل ما في الأمر أن بنايته كانت بجانب السفارة الإسرائيلية".
وأوضحت الرواية الحكومية الرسمية، أن تفاصيل الحادث بدأت من "اتفاق مسبق بين أشخاص يعملون بالنجارة وصناعة الأثاث المنزلي (الجواودة) لتوريد غرفة نوم لشقة يقطنها أحد موظفي السفارة، فحضر شخصان لتوريد الأثاث المتفق عليه إلى المبنى السكني المستخدم من قبل السفارة الإسرائيلية، ويقع في نطاق مجمعها، من أجل تركيب غرفة نوم يسكنها الدبلوماسي الإسرائيلي".
وأضافت "أثناء مباشرة الشخصين عملهما، حصل خلاف بين أحدهما (...) وبين الموظف الدبلوماسي ساكن تلك الشقة، تطور إلى مشادة كلامية بسبب التأخير في إتمام العمل المتفق عليه، وعدم إحضار غرفة النوم في الوقت المحدد".
وإثر الخلاف قام الشاب وهو "ابن صاحب محل النجارة بالتهجم على الدبلوماسي الإسرائيلي، ما تسبب له بجروح، فقام الموظف الدبلوماسي بعد ذلك بإطلاق عيارات نارية باتجاه ذلك الشخص، حيث أصابه وأصاب مالك المبنى السكني الذي كان يقف بالقرب منه".
ويُدعى ابن صاحب محل النجارة محمد زكريا الجواودة (17 عاماً)، وقد توفي أثناء محاولة إسعافه عقب الحادث، أما مالك المبنى فهو طبيب يدعى بشار حمارنة، وقد توفي بالمستشفى بعد منتصف ليل الأحد-الإثنين.
وكانت عمّان طلبت التحقيق مع الدبلوماسي، مؤكدة أن "الهدف في النهاية هو الوصول إلى الحقيقة وإنهاء إجراءات التحقيق".
ويتمتّع الموظف الدبلوماسي وفق اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية بالحصانة القضائية الجنائية في الدولة المعتمد لديها.(هاف بوست عربي)