العالم يغلي ونحن في عالم آخر!
حال العالم اليوم ليس طبيعياً، فما أن تلاشت حرب كورونا القاهرة، حتى اندلعت حرب أوكرانيا. روسيا لن تقبل بهزيمة، وهذا ينذر بما هو أخطر وعلى العالم كله وبالذات ضعافه وصغاره ونحن منهم.
غرباً، الكيان المحتل في دوامة. رضخ لمطالب حزب الله صاغراً، وهو في عجلة من أمره لتنفيذ منهجية التقاسم في «الأقصى».. المقاومة تمددت إلى الضفة الغربية ولن تهدأ.
العراق في وضع حرج جداً ولن تستقر أموره لسنوات طوال، وسورية كذلك. دول الخليج شرعت في شق عصا الطاعة لأميركا. العالم لن يعود إلى منهجية القطب الواحد، وروسيا والصين هما القطب الجديد، وبوتين يتودد للمسلمين، وسيكشف استخباريا للعرب والمسلمين عن مخططات غربية موثقة معادية لهم ولدولهم.
الاقتصاد العالمي ينهار وأوروبا في معضلة وبدأت تتشكك في السياسات الأميركية حيالها، والانتخابات الإسرائيلية على الباب وكلهم من نفس العلبة، وهم في ذعر من مفاجأة الطائرات الإيرانية المسيرة. وانتخابات النصف الأميركية وشيكة وأغلب الظن أن الغلبة للجمهوريين ومعسكر ترامب.
إيران بين خيارين، فوضى الداخل أو قلب الطاولة بفوضى خارجية لإسكات الداخل، وإسرائيل لا تقبل بتفاهم نووي أميركي إيراني.
يحدث كل هذا وغيره كثير ويحدث ما هو أكثر، ونحن منغمسون تماماً بامور داخلية ليس اقلها استطلاع رأي صب جام ناره على رئيس الوزراء شخصيا كما لو كان هو سبب مشكلات الأردن كلها مع ان عمر حكومته هو عمر حربنا مع كورونا والتي خاضها بكفاءة.
أكثر من ذلك، نحن منشغلون بمن سيأتي ومن سيذهب، لا بل بعضنا يرشح سيدة لرئاسة الحكومة كما لو كنا في حالة رخاء تام وسط عالم يغلي ولا ندري ما سيحدث غداً أو حتى بعد ساعة.
وأكثر وأكثر، تقلقنا مباراة ونقررها بلا جمهور خشية الفوضى، وينغمس الكل في أمور جانبية على وجاهتها كما لو كان العالم والاقليم من حولنا مستقراً. وتشتعل مواقع التواصل بالإشاعات وشبه المعلومات حتى صارت هي من تقود الرأي العام في بلدنا.
يا سادة، الظروف الإقليمية والعالمية أكبر وأخطر من كل هذا بكثير جداً، ونحن وكالعادة، من أشد المتأثرين بها ومباشرة، ولدينا معضلات فقر وبطالة ومخدرات ومجافاة للقانون، والأخطر أزمة ثقة.
لم يكن صواباً في تقديري إقحام الجيش والأمن في استطلاع رأي، فالثقة هنا وبالذات الجيش كاملة غير منقوصة، لكننا فعلناها ويجب أن لا تتكرر، لكنها جاءت في سياق السياق العام لاهتماماتنا الراهنة وسط عالم يغلي ويتفجر والله وحده أعلم أين ستفضي أحواله.
يا سادة، الأصح، أن نرفع من سوية التفكير بواقعنا وما يمكن أن يتهددنا وما قد يشكل خطراً على بلدنا، وأن نلتقي ونتشاور ونتحاور وطنياً حول الواقع وما يجب، أكرر، ما يجب أن نفعل تعزيزات لصمودنا ووحدتنا الوطنية التي وللأسف نخشى عليها من لعبة كرة. كي نجهز بلدنا بكل ما يجب تحوطا للكوارث التي قد تحصل، ويبدو أن ذلك مرشح الحدوث وبقوة.
نسأل الله أن يهدينا سواء السبيل، وأن يجنب الأردن كل شر باذنه تعالى. هو سبحانه من أمام قصدي.