إذا أعاد الفاتحة أو التشهد لشكه في ترك شيء منهما هل يسجد للسهو ؟
مدار الساعة -السؤال
أعدت قراءة الفاتحة والتشهد الأخير لشكي بأجزاء منها، وسجدت للسهو بعد السلام، هل في هذه الحالة يلزم سجود سهو؟ وهل موضوع سجود السهو بعد السلام لهذه الحالة صحيح؟
الجواب
إعادة الفاتحة للشك في ترك شيء منها
سجود السهود لإعادة الفاتحة
سجود السهو لمن قرأ ما يحيل المعنى في الفاتحة سهوا
الحمد لله.
أولا:
إعادة الفاتحة للشك في ترك شيء منها
من شك في ترك شيء من الفاتحة، فأعادها قبل الركوع، فلا سجود عليه، وكذا من شك في ترك شيء من التشهد الأخير، فأعاده قبل السلام، فلا سجود عليه.
والأصل أن من فرغ من الفاتحة، ثم شك في قراءة آية منها، أنه لا يلتفت للشك؛ لأن الظاهر أنه أتى بها تامة.
أما من شك في ذلك قبل تمام الفاتحة، فإنه يستأنف الفاتحة.
قال في "المجموع" (3/394): " قال الشيخ أبو محمد في التبصرة: لو فرغ من الفاتحة وهو معتقد أنه أتمها ولا يشك في ذلك، ثم عرض له شك في كلمة أو حرف منها، فلا أثر لشكه، وقراءته محكوم بصحتها. ولو فرغ من الفاتحة شاكا في تمامها لزمه إعادتها كما لو شك في أثنائها" انتهى.
وقال في "أسنى المطالب" (1/152): " (وإن شك هل ترك حرفا) فأكثر من الفاتحة (بعد تمامها: لم يؤثر) ؛ لأن الظاهر حينئذ مضيها تامة. (أو) شك في ذلك (قبله)، أي قبل تمامها، (أو) شك (هل قرأها) ، أو لا (استأنف) ؛ لأن الأصل عدم قراءتها" انتهى.
وقال الرملي الكبير في حاشيته عليه: " قياس التشهد: التحاقه بالفاتحة. وهو واضح" انتهى.
ثانيا:
سجود السهود لإعادة الفاتحة
لا يلزم سجود السهو لإعادة الفاتحة أو التشهد؛ لأن تعمد تكرار الفاتحة أو التشهد لا يبطل الصلاة، بل هو مكروه فقط .
قال في زاد المستقنع: "وَسُجُودُ السَّهْوِ لِمَا يُبْطِلُ عَمْدُهُ: وَاجِبٌ".
قال الشيخ ابن عثيمين في شرحه: " هذا الضَّابط فيما يجب سجود السَّهو له، فسجود السَّهو واجب لكل شيء يبطل الصَّلاة عمده...
ولو أتى بقول مشروع في غير موضعه؛ كأن يقرأ وهو جالس ناسياً: لا يجب عليه السُّجود؛ لأنه لو تعمَّد أن يقرأ وهو جالس: لم تبطل صلاتُه.
فالقاعدة الآن منضبطة طرداً وعكساً، فسجود السَّهو واجب لكل فِعْلٍ أو تَرْكٍ إذا تعمَّده الإِنسان بطلت صلاتُه" انتهى من "الشرح الممتع" (3/391).
وقال في "شرح منتهى الإرادات" (1/209): " (و) يكره له (تكرار الفاتحة) لأنه لم ينقل، وخروجا من خلاف من أبطلها به لأنها ركن.
والفرق بين الركن القولي والفعلي: أن تكرار القولي لا يخل بهيئة الصلاة" انتهى.
وذهب المالكية إلى أنه لو كرر قولا هو فرض كالفاتحة أو التشهد الأخير، فإنه يسجد للسهو.
قال في "الفواكه الدواني" (1/216): " وأما زيادة أقوال الصلاة: فلا سجود في سهوها، كما لا تبطل بعمدها، كما لو كرر السورة أو التكبير أو زاد سورة في أخرييه.
إلا أن يكون القول فرضا؛ فإنه يسجد لسهوه، كما لو كرر الفاتحة سهوا ولو في ركعة، وجرى خلاف في بطلان الصلاة بتعمد تكريرها والمعتمد واقتصر عليه الأجهوري عدم البطلان" انتهى.
ثالثا:
سجود السهو لمن قرأ ما يحيل المعنى في الفاتحة سهوا
لو قرأ سهوا في الفاتحة ما يحيل المعنى، كضم تاء (أنعمت)، يسجد للسهو عند الشافعية.
قال في "تحفة المحتاج" (2/38): " ويسجد للسهو فيما إذا تغير المعنى بما سها به مثلا؛ لأن ما أبطل عمده يسجد لسهوه" انتهى.
وصرح الحنابلة أنه لا يسجد لذلك.
قال في "كشاف القناع" (1/408): " (وسجود السهو لما يبطل عمده الصلاة واجب)... (وسوى ما إذا لحن لحنا يحيل المعنى، سهوا أو جهلا)؛ فإن عمده يبطل الصلاة، ولا يجب السجود لسهوه أو فعله جهلا " انتهى.
وينبغي أن يكون هذا السجود بعد السلام؛ لأنه ناشئ عن زيادة في الصلاة، كما ينبغي الحذر من الوسوسة.
والله أعلم.