مسرحيةٌ غنائيةٌ استعراضيةٌ تستنطقُ حجارةَ جبلِ مْكَاور

القس سامر عازر
مدار الساعة ـ نشر في 2022/10/11 الساعة 00:00
حان الوقت لتستعيدَ قرية مكاور ألقها وتاريخها لتصبح على خارطةِ السياحة العالميةِ ومحطِّ أنظارِ السيَّاح والزوار، لِمَا للمكان من أهمية تاريخية وأثرية ودينية كبرى.
وبالمناسبة كلمة مكاور هي الإسم العربي المشتق من كلمة "ماكبيروس" من العصر البيزنطي والواقعة جنوبي غرب مادبا على بعد 32 كم، وجبل مكاور مخروطي الشكل ويرتفع 730 م فوق سحط البحر ومطّلٌ على البحر الميّت وفلسطين التاريخية ويقع في أحضان قرية مكاور إحدى قرى جبل بني حميدة (عشائر بني حميدة الكرام)، حيث قُطع رأس يوحنا المعمدان بعد أن رَقَصَت سالومي ابنة هيروديا أمام الملك هيرودس أنتيباس وطلبت منه كهدية لأمّها رأس يوحنا المعمدان محمولاً على طبق، وذلك بسب وقوف يوحنا في وجه طاغوت عصره هيرودوس الذي تزوج من غير وجه حق من هيروديا زوجه أخيه فيليبس بعد أن طلّق زوجته النبطية. وكلمةُ يُوحَنَّا تعني بالأصل " الله حنّان" وهو من سبق مجيئَ المسيح وبشّر بمجيئه، ويوحنا هذا هو من سُمّي بالإسلام يحيى ابن النبي زكريا، فهو يحيى لإنه سيبعث حياً.
وليلة الأحد ٢٠٢٠/١٠/٩ أبدعَت هيئة تنشيط السياحة الأردنية تحت رعاية معالي وزير السياحة الفّذ نايف حميدي الفايز بالتنظيم الكامل لأمسية المسرحية الغنائية الإستعراضية التي إستنطقت حجارة المكان وحكت رواية شفيع الأردن يوحنا المعمدان الذي يمثل إيقونة الجرأة والشجاعة والإقدام في الوقوف في وجه الشّر ووجه القوة والغطرسة وقول كلمة الحق حتى ولو على قطع رأسه.
وجدير بالذكرِ أنَّ فكرةَ إحياء هذه الأمسية والزخم للدفع بإتجاه تنفيذها على الأرض وكسب الدعم والتأييد اللازمين على الصعيدين المجتمعي والرسمي تعود لسعادة النائب مجدي نورس اليعقوب، ابن مادبا البار، الذي تطلّع إلى أهمية الموقع السياحي في سلسلة مواقع مادبا الدينية والتاريخية والأثرية. وما هذا الحفل سوى بداية إنطلاق حملة تسويقية لموقع مكاور لوضعة على خارطة السياحة العالمية.
وما يلفت الإنتباه هو أهمية هذا العمل الفني الرائع الذي شارك به ثلاثين من الفنانين اللبنانيين والذي حكى قصة المكان وجسدها بأسلوب فنِّي يخطفُ الألبابَ ويسحرُ العقول. وهذا يعيدُ التذكيرَ إلى ضرورة وأهمية الأعمال الفنية المسرحية والغنائية وغيرها للتصدّي لحالة الجمود التي ألمّت بعالمنا من أجل استرجاع إنسانيتنا وضرورة العيش بسلام ومحبة ووئام وانتهاء حالة النزاعات والحروب والإقتال الذي شرّد الملايين وهجرهم من بلادهم ودمّر حضارات وثقافات لها مساهماتها في تقدُّم الإنسانية ورقيها.
فقد أعادت هذه المسرحية المتميزة والإبداعية والتي هي من تأليف وكلمات وموسيقى الوكيل البطريركي للكنيسة المارونية في الأردن قدس الأب جوزيف سويد الذي قدّم الأمسية بمهنية وإتقان مع الصحفية المادابوية رولا سماعين، أعادت للإذهان ذكاوة دم يوحنا المعمدان الذي أُريق في قلعة مكاور بسبب التصدّي لما يعتري الحياة البشرية من شرور وآثام ومعاصي، ويذكرنا ويذّكر قادة العالم بضرورة السعي نحو إيقاف آلة الحرب المدمّرة واستبدالها بأدوات الإعمار والحياة.
هذا وقد سلّط هذا العمل الضوء على أهمية هذا الموقع كمكان للحج المسيحي العالمي، فهو يعتبرُ منَ الأماكن الخمسة الدينية المعتمدة للحج المسيحي في الأردن. ويوجد بالمكان كنائس بيزنطية وأشهرها كنيسة الأسقف ميلاخيوس من القرن السادس الميلادي، وفي المكان وجدت أولى اللوحات الفسيفسائية في الأردن. فتطوير هذا المكان يعزز مكانة الأردن السياحية ويعود بالنفع على قرية مكاور التي وصل صوتها ليلة أمس إلى شتى أصقاع الأرض.
نتوق بشوق إلى تطوير هذا المكان الذي تحتضنه مملكتنا الأردنية الهاشمية والذي سيعزز من مكانة الأردن في رعاية الأماكن التاريخية والتراثية والدينية ومكانتها السياحية على الخارطة السياحة العالمية.
مدار الساعة ـ نشر في 2022/10/11 الساعة 00:00