صدمة في الشارع الأردني!
أصيب الشارع الأردني بحالة صدمة، إن لم يكن ما هو اكثر نتيجة النهاية التي آلت إليها حادثة سفارة دولة الإرهاب والإجرام في عمان، فقد توقع نهاية أخرى مغايرة، تشعره بأنه لم يظلم، وهو طبعا غير ملم بكل تفاصيل الحكاية وتداعياتها، بسبب التقصير الرسمي في نشر الرواية الصحيحة لما حدث الأمر الذي أتاح المجال لتداول كم كبير من الإشاعات والأخبار التي تفتقد إلى الدقة، ولا نتجاوز الحقيقة إن قلنا أن الصورة المفصلة والموثوقة لما حدث لم تزل طي الكتمان، فثمة رواية إسرائيلية، وتبجح أيضا، وثمة حكايات رسمية، لا حكاية واحدة، وثمة منقولات عن «مصادر» رفضت التصريح عن اسمها، وثمة إشاعات، لكن ما لمسناه على ارض الواقع أن القاتل وطاقم سفارته فروا بجلدهم، والبوابات التي نصبها الاحتلال على ابواب الاقصى أزيلت.. وبين يدي المشهد كله، تدور في الذهن اكثر من فكرة..
أولا/ لم يعد مجديا في عصر الإعلام الرقمي والمواطن الصحفي، أو الصحفي المواطن، وشبكات التواصل الاجتماعي إخفاء شيء عن الناس، فكل حدث يقع هنا أو في أقاصي الأرض، ثمة شهود عيان «يسربون» وينشرون ما رأوا، وثمة من ينقل عنهم وينشر، دونما تمحيص أو إذن من أحد، وخير لصاحب الشأن ان يأخذ زمام المبادرة فيصرح بما حصل، ليقطع الطريق على اي تقوّل أو تزيّد!
ثانيا/ يحكم الحدث جملة من الاعتبارات الأمنية والقانونية والدولية والسياسية، وبعضها معلن ومعروف، وكثير منها يخفى على العامة، وكثير من الخاصة، ولهذا من المقبول أن يدور نقاش أحيانا هو كحوار الطرشان، ومن المناسب التسامح معه، لأن أحدا من الأطراف لا يمتلك كل الحقيقة، وإن كان لدى الطرف الرسمي الكثير من الحقيقة، وكان من المناسب سرعة إفشاء ما يمكن نشره على الملأ، كي تحافظ الأجهزة التنفيذية على مصداقيتها، كمصدر موثوق للاخبار، بل ربما كان ما حدث فرصة لتحسين صورة الجهاز الحكومي برمته.
ثالثا/ أما وقد قررت السلطة التنفيذية مبادلة القاتل بخطوة سياسية ما، حسبما أشيع طبعا، مع الأخذ بالاعتبار تصريحات النفي، فقد كان من الأولى رفع سعر عملية منح الحرية للقاتل الصهيوني، والمطالبة بما هو اكثر مما تم تحصيله، إن كان ثمة صفقة اصلا، كأن نطالب بإعادة كل الأسرى الأردنيين في سجون العدو، وهذا كان مطلبا شعبيا، أما إن كان إطلاق سراح القاتل بلا صفقات وبلا مقابل، فتلك مصيبة كبرى على الجهات ذات العلاقة أن تسارع إلى مداواة الجرح الشعبي الذي وقع جراء ما قيل وما يقال، حول التفريط بحق الأردنيين، والتعامل مع دمهم بنوع من التساهل.
رابعا/ كانت سلطة الاحتلال في مأزق جراء نصب البوابات، وكانت تبحث عن مخرج لإزالتها، وكانت ستزيلها عاجلا أم آجلا، ولهذا فإن صح أن إزالة البوابات كانت جزءا من صفقة عودة القاتل، فتلك لم تكن صفقة عادلة، بل بالعكس وفرت لنتيناهو سلم النزول عن الشجرة التي صعد إليها، وتلك ليست مصلحة اردنية بالقطع!
أخيرا، ليتسع صدر الجميع في التعامل مع تداعيات ما حدث، ولتبحث الجهات ذات العلاقة عن أنسب الطرق لتهدئة الجرح الشعبي، وما حدث من مس بالشعور الوطني، والرد على بعض الأصوات الوقحة في معسكر العدو.
الدستور