التغير المناخي هل نسير على الطريق الصحيح
مع تزايد التهديدات التي يشكلها التغير المناخي ومن خلال متابعتي لندوات ومؤتمرات عدة حول خطورة هذا الأمر، سألت عددا من الشباب والأصدقاء حول المشكلة، ووجدت أن الأمر في أدنى قائمة اهتمام الشباب الأردني، وما يدعو إلى التنذر أن البعض منهم يعتبر هذا الملف بمثابة مؤامرة كونية وليست حقيقة مؤلمة، فهل تشعر حقاً هذه الفئة بالقلق تجاه التغير المناخي الذي يشكل خطرا على العديد من الفئات مثل كبار السن ومستقبل الأطفال بسبب التلوث؟.
في كانون الأول/ديسمبر 2015، وقّعت 194 دولة والاتحاد الأوروبي على اتفاقية باريس هذا هو أهم ميثاق للتعاون الدولي لمعالجة تغير المناخ من خلال التوقيع على الاتفاقية، التزمت دول العالم بالحد من الزيادة في ظاهرة الاحتباس الحراري إلى "أقل بكثير من 2 درجة مئوية"، بهدف إبقائها عند 1.5 درجة مئوية.
كما وضعوا هدفًا يتمثل في بلوغ الانبعاثات العالمية ذروتها في أسرع وقت ممكن، ثم تحقيق التوازن بين الانبعاثات البشرية الناتجة وإزالة غازات الاحتباس الحراري من الغلاف الجوي في النصف الثاني من هذا القرن؛ ما أدى إلى ما يسمى "صافي الانبعاثات الصفرية".
والتزمت البلدان المتقدمة بتقديم المزيد من الدعم المالي للبلدان النامية للتصدي لتغير المناخ، ومن خلال التوقيع على الاتفاقية، التزمت الدول بتقديم وتنفيذ تعهداتها الطوعية التي تحدد كيفية خفض انبعاثاتها والتكيف مع تغير المناخ ،وتُعرف هذه بالمساهمات المحددة وطنياً تتم مراقبة التعهدات من خلال آلية دولية تستعرض التقدم الجماعي في أهداف الاتفاقية.
هذا هو "التقييم العالمي" الذي سيحدث لأول مرة في عام 2023 .
الدول ملزمة قانونًا بتقديم تعهداتها بموجب اتفاقية باريس، ومع ذلك يجب ضمان تنفيذ التعهدات وإنفاذها من خلال القوانين والسياسات الوطنية.
وبالعودة إلى الأردن، قام اليونيسيف لأول مرة بإطلاق ترتيب للدول على أساس تعرض الأطفال لأخطار الصدمات المناخية والبيئية، ومدى قابليتهم للتأثر بها، ويأتي الأطفال الأردنيون في المرتبة 94 للأطفال الأكثر عرضة للمخاطر على مستوى العالم.
التقرير أشار إلى أن الطفل في الأردن يتعرض الآن لصدمة مناخية أو بيئية واحدة على الأقل وستزداد حدة هذه المخاطر مع تسارع آثار تغير المناخ في المستقبل.
ويؤكد التقرير أنه ما لم تُتخذ الإجراءات العاجلة اللازمة لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، فسيظل الأطفال هم أكثر مَن يعانون. وبالمقارنة مع البالغين، يحتاج الأطفال إلى مزيد من الغذاء والماء لكل وحدة من وزن جسم كلٍ منهم، ويكونون أقل قدرة على البقاء على قيد الحياة في ظل الظواهر المناخية العاتية، وأكثر عرضة للمواد الكيميائية السامة، والتغيرات في درجات الحرارة، والأمراض، من بين عوامل أخرى.
الإعلام أهم ما يجعل الشباب يرتقي باهتمامه بالتغير المناخي وما هو مستوى مخاطره على مستقبلهم وأن يدركوا فعلاً مخاطره الحقيقية عليه وعلى أبنائه، فالإعلام بكل وسائله يقع على عاتقه على وسائل التواصل الاجتماعي التوعيه بقضايا التغير المناخي وأن تأخذ قسماً لا بأس به من محتوى وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل يومي مع تكثيف الجهود والتوجيهات لرفع مستوى الوعي الاجتماعي بأهمية تغيير سلوك الفرد بما يخدم مواجهة آثار التغير المناخي، لتعزيز المصلحة الوطنية والدولية في الوصول إلى الحياد الصفري والأهم حث الشباب ان يكونوا مؤثرين على أصحاب القرار للمساهمة في التخفيف من الآثار المترتبة على التغير المناخي.
في المقابل يجب علينا الاعتراف بغياب الصحافة العلمية في الوطن العربي والأردن خاصة كون الصحافة العلمية تلعب دور الوسيط بين المختصين وتقارير المؤسسات العلمية باختلافها، وبين الجمهور الذي يستقبل تلك الإنجازات على هيئة أخبار وتقارير واضحة من مصادر موثوقة.
فيجب أن يكون محتواها ينسجم مع توجهات المملكة في كافة القضايا البيئية، بطريقة علمية وتبسيط المعلومة لمساعدة أصحاب الاختصاص في إطلاق حملات إعلامية تقوم بتسليط الضوء على أهمية الترشيد الاستهلاكي لموارد الطاقة، بهدف المساهمة في تقليل الانبعاث الكربوني ضمن إطار عدد من المبادرات مثل مبادرة الحياد الصفري المناخية وغيرها وزيادة الحزام الأخضر عبر مبادرات شبابية تتبناها وزارة البيئة التي أعلم أنها تسعى جدياً لتمكين الشباب الأردني في الحفاظ على البيئة بشكل فردي أو جماعي.
وزارة البيئة يقع على عاتقها إعداد السياسات والتشريعات والأنظمة والاستراتيجيات والأطر التنظيمية المتعلقة بالالتزام بالاتفاقيات البيئية والتكيف مع التغيرات المناخية وإيجاد خطط وبرامج التكيف مع التغيرات المناخية بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة.
وبالعودة لتقرير اليونسيف برزت عدد من التوصيات للحكومات والمؤسسات والجهات الفاعلة ذات الصلة بزيادة الاستثمار في جعل الخدمات الرئيسية المقدمة للأطفال قادرة على التكيف مع تغير المناخ والصمود أمامه. ولحماية الأطفال والمجتمعات المحلية والفئات الأكثر احتياجًا من أسوأ الآثار الناجمة عن المناخ المتغير بالفعل، يجب أن تكون الخدمات الحيوية قادرة على التكيف، بما في ذلك شبكات المياه وأنظمة الصرف الصحي والنظافة الصحية وخدمات الصحة والتعلي وخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. لتفادي أسوأ آثار أزمة المناخ، يلزم اتخاذ إجراءات شاملة وعاجلة. ويجب على البلدان خفض انبعاثاتها بنسبة 45 بالمئة على الأقل (مقارنة بمستويات عام 2010) بحلول عام 2030، للحفاظ على معدلات الاحتباس إلى ما لا يزيد على 1.5 درجة مئوية وتزويد الأطفال بالتعليم المناخي والمهارات المراعية للبيئة، وهو أمر بالغ الأهمية للتكيف مع آثار تغير المناخ والاستعداد لمواجهتها. وسيواجه الأطفال والشباب العواقب المدمرة الكاملة لأزمة المناخ، وانعدام الأمن المائي، مع أنهم أقل من تسبب فيهما.
والمسؤولية والواجب المترتب على عاتق الدولة تجاه الشباب والأجيال القادمة يتمثل باشراكهم في جميع المفاوضات والقرارات المتعلقة بتغير المناخ على الأصعدة الوطنية والإقليمية والدولية و انن توظف التكنولوجيا للقضاء على التلوث وان تحاول توفير فرص عمل للشباب في مشاريع الطاقة البديلة وغيرها والأهم هو اتاحة الفرصة لهم لايجاد افكار لمكافحة التغير المناخي لنعبر مع العالم الى شط الأمان و يتحول الشباب الاردني من متابع الى مشارك وتزويدهم بالأدوات اللازمة لتعزيز مشاركتهم المجتمعية والتأثير على اقرانهم
ومع بدء العد التنازلي لانعقاد مؤتمر الامم المتحدة بشان التغيير المناخي التي ستستضيفها مدينة شرم الشيخ المصرية بداية من 6 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، حتى ال 18 من الشهر نفسه
والذي سيشارك فيه قادة العالم ، ومسؤولون رفيعو المستوى في الأمم المتحدة، كما يحضره آلاف النشطاء المعنيين بالبيئة من كافة دول العالم لمناقشة تغير المناخ، لمواجهة هذه المشكلة ومعالجتها يجب على الوزارة المعنية ارسال وفداً من المهتمين والقادرين على تكوين مساحة لتعزيز العمل المناخي للشباب محليًا وتطوير أفكارهم وحثهم على العمل من أجل بيئة مواتية للأجيال القادمة
وفي الختام، لا بد التنويه بأن الأردن وعدد من الدول النامية يعتبرون عرضة اكثر من غيره للآثار الضارة للتغير المناخي، كالفيضانات والجفاف في المقابل تساهم هذه الدول بشكل متواضع في انبعاثات الغازات الدفينة فعليها ان تطلب من االبلدان الغنية الوفاء بتعهدها لمساعدتها في التأقلم مع التغير المناخي و يجب عليها ان تطلب الاعتراف بالأضرار والخسائر التي تعرضت لهاكالآثار المترتبة على ارتفاع منسوب مياه البحر
المطلوب من الأردن إعداد تدابير عالية القيمة ووضع سناريوهات للتكيف مع تغير المناخ حتى لا نندم في المستقبل وبناء القدرة على التكيف مع التحديات المناخية في المستقبل وانشاء مشاريع تنموية تعتمدعلى الاقتصاد الأخضر والطاقة النظيفة وطرح خطط تشاركية مع القطاع الخاص حتى نكون على الطريق الصحيح.