مين صاحب هاي القطعة
في لندن حين تمر بضاحية جميلة, فإن أول الأسئلة التي تداهم عقل الإنجليزي هي: كم عمر هذه البناية؟.. وتداهمه أسئلة أخرى متعلقة بالمشاهير الذين يقطنون الحي, والعصافير التي تعبر.. وكيف حافظت بلدية لندن على الشجر..
في باريس ذات الشيء يحدث, لكن الفرنسي وحين يمر بضاحية من ضواحي باريس الجميلة فإن الأسئلة التي تداهم عقله هي: هل يوجد مطعم هنا؟.. ويسأل عن أماكن المشي والتسوق..
ايطاليا ذات الشيء فأنت حين تدخل منطقة قديمة من مناطق روما, فإن الأسئلة التي تداهم الايطالي هي: هل سكن لاعب كرة القدم (سيكلاتشي) في هذه الضاحية, وهل صحيح أن (موسوليني) كان لديه عشيقة تقطن هذه بالقرب من ذاك المشرب..
الأماكن في كل دول العالم مرتبطة بالتاريخ, مرتبطة بالمشاهير, بقابليتها للعيش وحجم الهدوء فيها.. بالمساحات الموجودة والمناسبة للرياضة والحركة...
في عمان الأمر مختلف جدا, كلما خرجت مع أصدقائي ودخلنا حيا جميلا من أحياء عبدون أو دير غبار مثلا أو دابوق.. فإن أول سؤال يتبادر إلى أذهاننا هو: (مين صاحب هاي القطعة فكرك).. ثم نبدأ بالحديث عن مساحتها وسعر الدونم..
عمان لم تمنحني فن الكتابة منحتني فنون المساحة والجغرافيا, منحتني لغة الدونمات... وهل يجوز تقسيم القطعة لوحدات مساحتها (500) متر, عمان منحتنا أسئلة السعر وأسئلة الارتدادات والتصنيف من حيث التجاري والسكني...
بعكس الكرك تماما فنحن هنالك لا نسأل عن صاحب هذه الأرض, لأن كل الأراضي واحدة في السعر.. بل غالبا ما نسأل عن المنازل ومن هجرها, ومن عاد إليها.. ومن بناها ومن قرر أن يدفن بجانبها..
أنا اعترف أني جئت من الكرك, أرض جدي هناك وأرض أبي.. ورثت عنهما القليل من الدونمات وكلها لا تساوي ثمن (5) أمتار في عبدون أو دير غبار, لكن أيضا ورثت عن الكرك الأجوبة ولم تورثني الأسئلة.. بعكس عمان التي تزرع في رأسك ألف سؤال وألف علامة تعجب.. ولا تمنحك جوابا واحدا..
وها أنا اعبر مع اصدقائي من شوارعها كل يوم.. والسؤال لم يتغير على كل الألسن يتردد في اليوم ألف مرة وهو: فكرك مين صاحب هاي القطعة؟
Abdelhadi18@yahoo.com