أقوال العلماء في وقت ولادة النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته وذِكر الراجح منها

مدار الساعة ـ نشر في 2022/09/27 الساعة 22:59

مدار الساعة -اختلف أهل السيَر والتاريخ في تحديد يوم وشهر ولادة النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو أمر له سببه المعقول حيث لم يُعلم ما سيكون لهذا المولود من شأن ، فكان حاله كحال غيره من المواليد ، ولذا لم يكن لأحد أن يجزم على وجه اليقين بوقت ميلاده صلى الله عليه وسلم .

قال الدكتور محمد الطيب النجار – رحمه الله - :

ولعل السر في هذا الخلاف أنه حينما ولد لم يكن أحد يتوقع له مثل هذا الخطر ، ومن أجل ذلك لم تتسلط عليه الأضواء منذ فجر حياته ، فلما أذِن الله أن يبلغ الرسول صلى الله عليه وسلم دعوته بعد أربعين سنة من ميلاده : أخذ الناس يسترجعون الذكريات التي علقت بأذهانهم حول هذا النبي ، ويتساءلون عن كل شاردة وواردة من تاريخه ، وساعدهم على ذلك ما كان يرويه الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه عن الأحداث التي مرت به أو مر هو بها منذ نشأته الأولى ، وكذلك ما كان يرويه أصحابه والمتصلون به عن هذه الأحداث .

وبدأ المسلمون – حينئذٍ - يستوعبون كل ما يسمعون من تاريخ نبيهم صلى الله عليه وسلم لينقلوه إلى الناس على توالي العصور .

" القول المبين في سيرة سيد المرسلين " ( ص 78 ) .

ثانياً:

من مواضع الاتفاق في ميلاده صلى الله عليه وسلم تحديد العام ، وتحديد اليوم :

1. أما العام : فقد كان عام الفيل ، قال ابن القيم – رحمه الله - :

لا خلاف أنه ولد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بجوف مكّة ، وأن مولده كان عامَ الفيل .

" زاد المعاد في هدي خير العباد " ( 1 / 76 ) .

وقال محمد بن يوسف الصالحي – رحمه الله - :

قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى : عام الفيل .

قال ابن كثير : وهو المشهور عند الجمهور .

وقال إبراهيم بن المنذر الحزامي شيخ البخاري : وهو الذي لا يشك فيه أحد من العلماء .

وبالغ خليفة بن خياط وابن الجزار وابن دحية وابن الجوزي وابن القيم فنقلوا فيه الإجماع .

" سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد " ( 1 / 334 ، 335 ) .

وقال الدكتور أكرم ضياء العمري – وفقه الله - :

والحق : أن الروايات المخالفة كلها معلولة الأسانيد ، وهي تفيد أن مولده بعد الفيل بعشر سنوات ، أو ثلاث وعشرين سنة ، أو أربعين سنة ، وقد ذهب معظم العلماء إلى القول بمولده عام الفيل ، وأيدتهم الدراسة الحديثة التي قام بها باحثون مسلمون ومستشرقون اعتبروا عام الفيل موافقاً للعام 570م ، أو 571م .

" السيرة النبوية الصحيحة " ( 1 / 97 ) .

2. وأما اليوم : فهو يوم الاثنين ، ففيه وُلد صلى الله عليه وسلم ، وفيه بُعث ، وفيه توفي .

عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه قال : ( سُئِلَ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ ؟ قَالَ : ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ - أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ - ) .

رواه مسلم ( 1162 ) .

قال ابن كثير – رحمه الله - :

وأبعدَ بل أخطأ من قال : ولد يوم الجمعة لسبع عشرة خلت من ربيع الأول .

نقله الحافظ " ابن دحية " فيما قرأه في كتاب " إعلام الروى بأعلام الهدى " لبعض الشيعة .

ثم شرع ابن دحية في تضعيفه وهو جدير بالتضعيف إذ هو خلاف النص .

" السيرة النبوية " ( 1 / 199 ) .

ثالثاً:

أما موضع الخلاف فقد كان في تحديد الشهر واليوم منه ، وقد وقفنا على أقوال كثيرة في ذلك ، ومنها :

1. أن ميلاده صلى الله عليه وسلم كان لليلتين خلتا من ربيع الأول .

قال ابن كثير – رحمه الله - :

فقيل : لليلتين خلتا منه ، قاله ابن عبد البر في " الاستيعاب " ، ورواه الواقدي عن أبي معشر نجيح بن عبد الرحمن المدنى .

" السيرة النبوية " ( 1 / 199 ) .

2. وقيل : في ثامن ربيع الأول .

قال ابن كثير – رحمه الله - :

وقيل لثمان خلون منه ، حكاه الحميدى عن ابن حزم ، ورواه مالك وعقيل ويونس بن يزيد وغيرهم عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم ، ونقل ابن عبد البر عن أصحاب التاريخ أنهم صححوه ، وقطع به الحافظ الكبير محمد بن موسى الخوارزمي ، ورجحه الحافظ أبو الخطاب بن دحية في كتابه " التنوير في مولد البشر النذير " .

" السيرة النبوية " ( 1 / 199 ) .

3. وقيل : في عاشر ربيع الأول .

قال ابن كثير – رحمه الله - :

وقيل : لعشر خلون منه ، نقله ابن دحية في كتابه ، ورواه ابن عساكر عن أبي جعفر الباقر ، ورواه مجالد عن الشعبى .

" السيرة النبوية " ( 1 / 199 ) .

4. وقيل : في ثاني عشر ربيع الأول .

قال ابن كثير – رحمه الله - :

وقيل : لثنتى عشرة خلت منه ، نصَّ عليه ابن إسحاق ، ورواه ابن أبى شيبة في " مصنفه " عن عفان عن سعيد بن ميناء عن جابر وابن عباس أنهما قالا : ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول ، وفيه بعث ، وفيه عرج به إلى السماء ، وفيه هاجر ، وفيه مات .

وهذا هو المشهور عند الجمهور ، والله أعلم .

" السيرة النبوية " ( 1 / 199 ) .

وقيل : ولد في رمضان ، وقيل في صفر ، وقيل غير ذلك .

والذي يظهر لنا أن أقوى ما قيل في مولده صلى الله عليه وسلم يدور بين الثامن والثاني عشر من ربيع أول ، وقد حقق بعض العلماء المسلمين من أهل الحساب والفلك أن يوم الاثنين يوافق التاسع من ربيع الأول ! فيمكن أن يكون هذا قولاً آخر ، وفيه قوة ، وهو يعادل العشرين من نيسان لعام 571 م ، وهو ما رجحه بعض العلماء من كتَّاب السيرة المعاصرين ومنهم الأستاذ محمد الخضري ، وصفي الرحمن المباركفوري .

قال أبو القاسم السهيلي – رحمه الله - :

وأهل الحساب يقولون : وافق مولده من الشهور الشمسية " نيسان " ، فكانت لعشرين مضت منه .

" الروض الأُنُف " ( 1 / 282 ) .

وقال الأستاذ محمد الخضري – رحمه الله - :

وقد حقق المرحوم محمود باشا الفلكي - عالم فلكي مصري ، له باع في الفلك والجغرافيا والرياضيات وكتب وأبحاث ، توفي عام 1885م - : أن ذلك كان صبيحة يوم الاثنين تاسع ربيع الأول الموافق لليوم العشرين من أبريل / نيسان ، سنة 571 من الميلاد ، وهو يوافق السنة الأولى من حادثة الفيل ، وكانت ولادته في دار أبي طالب بشعب بني هاشم .

" نور اليقين في سيرة سيد المرسلين " ( ص 9 )، وينظر: " الرحيق المختوم " ( ص 41 ) .

رابعاً:

أما يوم وفاة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : فلا خلاف في أنها كانت يوم الاثنين ، وما نقل عن ابن قتيبة أنه يوم الأربعاء : فليس بصواب ، ولعل مراده أنه صلى الله عليه وسلم دفن يوم الأربعاء ، فهذا صحيح .

وأما سنة الوفاة : فلا خلاف في أنها كانت في العام الحادي عشر من الهجرة .

وأما شهر الوفاة : فليس ثمة خلاف أنها كانت في شهر ربيع أول .

وأما تحديد يوم الوفاة من ذلك الشهر : ففيه خلاف بين العلماء :

1. فالجمهور على أنها كانت في الثاني عشر من شهر ربيع أول .

2. وذهب الخوازمي إلى أنها كانت في الأول من ربيع أول .

3. وقال ابن الكلبي وأبو مخنف إنها كانت في الثاني من ربيع أول ، ومال إليه السهيلي ، ورجحه الحافظ ابن حجر رحمه الله .

والمشهور هو ما ذهب إليه الجمهور من أن وفاة النبي صلى الله عليه وسلم كانت في الثاني عشر من ربيع أول في العام الحادي عشر للهجرة .

وينظر : " الروض الأنف " ، للسهيلي ( 4 / 439 ، 440 ) ، " السيرة النبوية " لابن كثير( 4 / 509 ) ، " فتح الباري " لابن حجر ( 8 / 130 ) .

مدار الساعة ـ نشر في 2022/09/27 الساعة 22:59