مقامرة تراس الخطرة.. سيناريوهات بريطانيا لتحاشي الركود

مدار الساعة ـ نشر في 2022/09/26 الساعة 14:35
مدار الساعة -فور الإعلان الرسمي عن الرهان الحكومي في بريطانيا على التخفيضات الكبيرة في الضرائب والتوسع في الاقتراض، أملا في دفع النمو وكبح التضخم، جاء الرد من الناطقة المعنية بالشؤون المالية في حزب العمال المعارض ريتشل ريفز، واصفة رئيسة الوزراء ليز تراس، ووزير المالية الجديد كواسي كوارتنغ بـ"المقامرَين اليائسين في كازينو يلاحقان سلسلة ألعاب خاسرة".
وفاجأت خطة تراس أسواق المال البريطانية بسيناريوهات مثير للجدل للتعامل مع مخاطر الركود، باعتبار دعائمها الأساسية تقوم على خفض الضرائب في مقابل زيادة الاقتراض، فيما شكك محللون في نجاعة الخطة كخارطة طريق لإخراج الاقتصاد من أزماته.
وتولت تراس السلطة في السادس من سبتمبر(أيلول)، قبل يومين من وفاة الملكة إليزابيث الثانية، بعدما فازت بانتخابات أجراها الحزب المحافظ على أساس تعهّدها خفض الضرائب. ويرى كثيرون أن مدى نجاح تراس سياسياً يعتمد على نحاجها في التحديات الاقتصادية التي تواجه الاقتصادي البريطاني الذي يرى خبراء أنه بات قاب قوسين من الدخول في ركود اقتصادي يصعب تفاديه دون حصول ما يشبه المعجزة في تحاشي الآثار السلبية لخطة "المقامرة" التي تبنتها تراس، وبدأ وزير مالتيها تنفذها على الفور.
وكانت حكومة تراس، أطلقت مساء أمس الجمعة تخفيضات ضريبية وُصفت بـ"التاريخية "، صاحبتها زيادات ضخمة في الاقتراض في أجندة اقتصادية أغرقت الأسواق في ظل تراجع السندات الحكومية البريطانية والهبوط الحاد للجنيه الإسترليني. وتشمل الإجراءات الجديدة، إلغاء أعلى معدل لضريبة الدخل بالبلاد، وكذلك زيادة كانت مخططة في ضرائب الشركات، ولأول مرة تم ضمن الخطة وضع سعر لخطط الإنفاق لرئيسة الوزراء التي تريد مضاعفة معدل نمو اقتصاد بريطانيا.
هذا الإعلان يأتي في وقت حذّر خبراء اقتصاد من أن البلاد دخلت على الأرجح في الركود، في ظل ارتفاع كبير في أسعار الوقود والمواد الغذائية. وهناك عامل آخر يزيد الطين بلة هو تراجع الجنيه الإسترليني مقابل الدولار إلى مستوى جديد غير مسبوق منذ 37 عاما بلغ أقل من 1,1021 دولاراَ قبيل صدور إعلان كوارتنغ، وهو أمر يعزز المخاوف من هبوط شديد بينما تراجعت أيضا بورصة لندن. وهذه الأحداث جعلت المستثمرين يسارعون بتفريغ السندات الحكومية البريطانية قصيرة الأجل بعدما شهدت تكلفة الاقتراض على مدى خمس سنوات أكبر زيادة في يوم واحد منذ أكثر من 32 عاما.
على خطى "التاتشرية"
يرى مراقبون إن السياسة الجديدة هي بمثابة العودة إلى خطة رئيسة الوزراء الراحلة مارغريت تاتشر، في ثمانينات القرن الماضي، والتي سخر منها النقاد على أنها عودة إلى نظرية "الانسياب إلى الأسفل". لكن عقب نجاحها في إخراج اقتصاد بريطانيا من أزماته أصبحت تلك الخطوة علامة فارقة في تاريخ بريطانيا الاقتصادي الحديث.
وبحسب الإجراءات الجديدة سيتم وضع حد أقصى لأسعار الجملة للكهرباء والغاز بالنسبة للشركات والجمعيات الخيرية والمستشفيات والمدارس، هو نصف الكلفة المتوقعة في السوق المفتوحة.
وحول هذه خطوة يقف الخبراء على طرفي نقيض بشأن الخطة التي تأتي ضمن الميزانية المصغرة للحكومة، إذ يعتقد البعض أنها قد تنجح لكن النتائج قد لا تظهر سريعا بالنظر إلى الرياح المعاكسة القوية التي أصابت الاقتصاد العالمي بالخمول جراء تداعيات حرب أوكرانيا.
وثمة اقتصاديون آخرون يرى أن الخطة محفوفة بالمخاطر، إذ لا يمكن في ظل وضع ضبابي الدخول في “مقامرة” قد توسع الفجوة في الميزانية. وقالوا إنه حتى وإن نجح السيناريو، فإن الوضع غير موات لتكرار التجربة في دول أخرى، بما قد يسهم في سحب الاقتصاد العالمي إلى التعافي.
ورغم أن وزير المالية أشار إلى أنها تكاليف يمكن استردادها عبر زيادة النمو السنوي بمقدار نقطة مئوية على مدى خمس سنوات “وهو إنجاز رائع”، بيد أن معظم الاقتصاديين يشككون في ذلك.
ولإنجاح الخطة، ستسرع الحكومة التحركات لتعزيز القدرة التنافسية لمدينة لندن كمركز مالي عالمي عبر إلغاء الحد الأقصى لمكافآت المصرفيين قبل حزمة “طموحة لإلغاء الضوابط التنظيمية” في وقت لاحق من هذا العام.
وطالب حزب العمال المعارض بأن توسع الحكومة الضريبة على الأرباح غير المتوقعة التي فرضت على شركات الطاقة في وقت سابق هذا العام. لكن تراس استبعدت خطوة كهذه، مشيرة إلى أن فرض ضرائب إضافية سيعرقل التعافي الاقتصادي وجهود مجموعات الطاقة للتحول إلى شركات صديقة أكثر للبيئة.
مدار الساعة ـ نشر في 2022/09/26 الساعة 14:35