مدينة 'المليارديرات' في لبنان تنعي الفقر

مدار الساعة ـ نشر في 2022/09/26 الساعة 14:33

مدار الساعة -في مدينة طرابلس، التي ينحدر منها أغنى السياسيين بلبنان، ينعى السكان الأشد فقرا موتاهم مرة أخرى.

وفي ظل أزمة اقتصادية كبرى يعيشها لبنان، تأتي أنباء موتى قارب المهاجرين من طرابلس، لتصدم ليس فقط اللبنانيين، بل لتؤلم العالم، هؤلاء الذين خرجوا بحثا عن الرزق من بلدة تشتهر بكثرة المليارديرات.

وأضحى الاقتصاد اللبناني على حافة الانهيار بسبب أزمة المديونية التي زادت الأزمة السياسية وجائحة كورونا من حدتها.

ويصل حجم الدين العام في لبنان أكثر من 150% من الناتج الإجمالي للبلاد، ليكون بذلك من أعلى معدلات المديوينة في العالم، وفقا لـ"دويتشه فيله".

وعاش اقتصاد لبنان خلال العقود الثلاثة الماضية على السياحة والخدمات وفي مقدمتها الخدمات المالية، لكنه منذ نهاية الحرب الأهلية في نهاية ثمانينات القرن الماضي لم يتمكن لبنان من تفعيل قطاعاته الإنتاجية مجددا، كالزراعة والصناعات التحويلية الخفيفية ومختلف الحرف اليدوية.

وقال وزير النقل اللبناني علي حمية لرويترز إن 95 شخصا لقوا حتفهم في الحادث، بينهم 24 طفلا و31 امرأة.

ويعد هذا أكبر عدد من ضحايا الرحلات البحرية التي تنطلق من لبنان، حتى الآن، في محاولات محفوفة بالمخاطر على متن قوارب متهالكة ومكتظة للبحث عن حياة أفضل في أوروبا.

وكما سلطت المأساة الضوء على الفقر المتزايد في شمال لبنان، لا سيما في طرابلس، ما يدفع المزيد من السكان للإقدام على خطوات يائسة مع استمرار الانهيار المالي المدمر لثلاث سنوات، كشفت التفاوتات الصارخة والحادة بشكل خاص في الشمال، فطرابلس هي مسقط رأس عدد من السياسيين من فاحشي الثراء، ومع ذلك لم تحظ المدينة إلا بالقليل من التنمية أو الاستثمار.

ورغم أن كثيرين من زعماء الطوائف في لبنان ينفقون الأموال في مجتمعاتهم لحشد الدعم السياسي، يقول سكان طرابلس إن منطقتهم تعاني من الإهمال رغم ثراء سياسييها.

وخلال تجمع للمعزين في منطقة باب الرمل الفقيرة بطرابلس، عبر كثيرون عن غضبهم إزاء السياسيين المنحدرين من المدينة ومن بينهم رئيس الوزراء اللبناني الملياردير نجيب ميقاتي.

ثاني أكبر مدينة في لبنان

كانت طرابلس، وهي ثاني أكبر مدينة في لبنان بعدد سكان يبلغ نحو نصف مليون نسمة، من أفقر مدن البلاد قبل أن يهوي لبنان في أزمة مالية نتيجة عقود من الفساد وسوء إدارة النُخب الحاكمة.

وقال مهند الحاج علي، الباحث في مركز كارنيجي للشرق الأوسط، إن طرابلس لم تشهد أي جهود إنمائية كبيرة منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990 على الرغم من الصعود السياسي لرجال أعمال أثرياء من المدينة.

جمع ميقاتي الجزء الأكبر من ثروته من أنشطة الاتصالات وصنفته مجلة "فوربس" رابع أغنى رجل في العالم العربي في عام 2022.

وقال مكتب ميقاتي في بيان لرويترز يوم الخميس إنه كان الداعم الأكبر للتنمية الاجتماعية والاقتصادية في طرابلس لأكثر من 40 عاما، من خلال مؤسساته الخيرية.

وأضاف أنه يتفهم المعاناة التي يمر بها أبناء لبنان عامة وطرابلس خاصة بسبب الأزمة.

وكان بيت ميقاتي المطل على البحر على مشارف المدينة، والمعروف محليا باسم "قصر ميقاتي"، نقطة تجمع في السنوات الأخيرة للاحتجاجات الرافضة لفساد الحكومة والمعبرة عن اليأس الاقتصادي.

وصارت طرابلس في الآونة الأخيرة مثالا للوضع الأمني المتدهور المرتبط بالانهيار المالي. وأعلن وزير الداخلية بسام مولوي خطة أمنية جديدة بعد تصاعد الجرائم والعنف.

وأدت الأزمة الاقتصادية إلى ارتفاع هائل في معدلات الفقر. ووفقا لبيانات الأمم المتحدة فإن 80% من سكان لبنان البالغ عددهم زهاء 6.5 مليون نسمة فقراء.

ولم تفعل الحكومة شيئا يُذكر لمعالجة الأزمة التي وصفها البنك الدولي بأنها ركود متعمد "دبرته" النخبة من خلال إحكام قبضتها الاستغلالية على الموارد.

وتقول مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين إن 3460 شخصا غادروا لبنان أو حاولوا مغادرته عن طريق البحر منذ بداية هذا العام، أي ما يعادل أكثر من مثلي العدد عام 2021 كاملا.

مدار الساعة ـ نشر في 2022/09/26 الساعة 14:33