السفارة 'البريطانية' إلى القدس المُحتلّة.. أوراق اعتماد 'السيدة تراس'!
تمضي رئيسة الوزراء البريطانية/ليز تراس في تأكيد مواقعها السابقة قبل وصولها إلى 10 داونغ ستريت، سعياً منها إلى تعزيز حضورها السياسي عبر استمالة اللوبي اليهودي واسع التأثير في المملكة المتحدة، خاصة كونها أعلنتْ خلال حملتها الفوز بالترشّح خلفاً لبوريس جونسون أنها «ستُفكر» في نقل السفارة البريطانية إلى القدس (حال انتخابها رئيسة للوزراء». وإذ وجدت فرصة «ذهبية» أخرى عندما التقت رئيس حكومة إسرائيل/لبيد على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة, فإنها لم تكتف بتصريحاتها السابقة حول «التفكير» بنقل السفارة إلى القدس, بل قالت: إنها «تدرس بصورة جديّة نقل سفارة المملكة المتحدة من تل أبيب إلى القدس المحتلة»، مُضيفة في إنحياز للرواية الصهيونية المؤسطرة «أنني أتفهم أهمية وحساسية موقع السفارة البريطانية في إسرائيل.. ولقد أجريتُ العديد من المحادثات حول هذا الموضوع مع رئيس الحكومة الإسرائيلية لبيد - واعترافاً بذلك - واصَلتْ - سأُراجع هذه الخطوة للتأكد من أننا نعمل على أقوى أُسس داخل إسرائيل». عندها سارع لبيد إلى مباركة الخطوة المُتوقعَة, مؤكداً للصحافيين أمامها «أن الحكومة البريطانية بصدد مُراجعة الموقع الحالي للسفارة البريطانية في إسرائيل ونقلها للقدس».
ما كان تفكيراً غداً الآن قيد التنفيذ لدى السيدة تراس أو «الحرباء السياسية» (على ما وصفتها شبكة CNN الأميركية).. «التي صعدتْ بقوة، لكن قد لا تملك أي معتقدات صادقة»، كما ورد في تقرير الشبكة الأميركية, الذي أضاء على «تاريخ» هذه السياسية البريطانية التي سطع نجمها عندما تم انتخابها لأول مرّة عضواً في مجلس العموم البريطاني/عام 2010، ما لبثت – وفق CNN - أن اثبتت نفسها في فترة زمنية قصيرة نسبياً، كقوة سياسية ذات طبيعة شديدة تسعى إلى تحقيق أجندتها لا هوادة فيها وحماسة لا لبس فيها».
لافتة - الشبكة الأميركية - إلى أن رئيسة الوزراء البريطانية, هي «حرباء سياسية تحوّلت من مُتطرِّف دعا إلى إلغاء الملكية، الى حاملة علم الجناح اليميني المُشكّك في أوروبا من حزب المحافظين (المقصود هنا أنها كانت أَشدّ الداعمين لبوريس جونسون والأكثر حماسة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي/بريكست).
ما رأي إسرائيل في صعود تراس وترؤوسها الحكومة البريطانية؟.
مباشرة بعد إعلان فوزها برئاسة حزب المحافظين وحصولها على تكليف بتشكيل حكومة تخلف حكومة جونسون, اعتبرت وسائل الإعلام الإسرائيلية ليز تراس بأنها «من أشدّ المؤيدين لإسرائيل، وحليفة «مُعلَن عنها» من قبل الجالية اليهودية في بريطانيا. بل مضى بعضها إلى القول انه ليس هناك شك بدعم تراس «الكامل» لإسرائيل، وأن أي شخص يُؤمن بتعزيز العلاقة بين بريطانيا وإسرائيل «عليه أن يسعد بذلك». في حين أكدت صحيفة «واي نت» الإلكترونية العبرية: «إنها صديقة كبيرة لإسرائيل، وأن الشخصيات الإسرائيلية (التي تعرِفها) تؤكد على تقدير تراس لـِ«القِيم الإسرائيلية والتكنولوجية»..لافتة (الصحيفة الإسرائيلية) إلى أن «التفاؤل» في إسرائيل ينبع من حقيقة أن تراس «لا تتعامل في الجانب السياسي مع القضايا المُعقدة في إسرائيل مثل مصير المستوطنات».
اضيفوا إلى ذلك كله أن السيدة تراس لم تكتفِ بوعدها نقل السفارة البريطانية إلى القدس, بل «واعدة» بمحاربة حركة المقاطعة «BDS» وانها ستُحارب التسلح النووي لإيران, كما أنها صوتت لصالح إسرائيل في مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة (عندما كانت وزيرة للخارجية في حكومة جونسون) على الرغم من موقف المسؤولين في وزارة الخارجية في لندن الذين حذّروا من أن هذا يُسيء لبريطانيا.
وتكشف صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن أن تراس «أكدت» أوراق اعتمادها (هكذا حرفياً) لإسرائيل, في أول خطاب لها أمام حزب المحافظين بعد أن أصبحت وزيرة للخارجية, عندما قالت: «إن بريطانيا ليس لها صديق أو حليف أوثق وأرفع مكانة من إسرائيل»..ناهيك عن دعم تراس للحرب الأخيرة التي شنّها لبيد على غزَّة, وانتقادها الشديد للجنة الأمم المتحدة الخاصة واصفة اياها بانها «منحازة ومضيعة للمال». مُتهمة ممثلي الأمم بأن «لديهم تاريخ طويل من معاداة السامية, ولا ينبغي أن يكون لهم دور في مراجعة إسرائِيل».
هنا وبالضرورة يجب ان يحضر «رفض» رئيسة الوزراء السابقة/تيريزا ماي عام/2017, تقديم أي اعتذار يتعلّق بوعد بلفور الذي أسّس لقيام إسرائيل, بل لم تخجل السيدة ماي عندما أعلنت أمام مجلس العموم البريطاني انها ستحتفل بمرور مئة عام على وعد بلفور بـ«كل إفتخار», كما أنها «تفتخر» بدور بريطانيا في إقامة دولة إسرائيل, وأن وعد بلفور موضوع «تاريخيّ» لا نِية لديها بالإعتذار عنه.
السيدة تراس تسير على النهج ذاته الذي سار عليه معظم بل كل رؤوساء حكومات بريطانيا من عُماليين ومحافظين, ويبرز خصوصاً من بينهم توني بلير الذي عمل في خدمة المشروع الصهيوني حتى خلال ترؤوسة اللجنة «الرباعية الدولية», المولجة إحياء «عملية السلام».
kharroub@jpf.com.jo