عبدالهادي راجي يتحدث عن الطفلة ملاك.. وما قيمة الأبنية حين تنهدم القيم

عبدالهادي راجي المجالي
مدار الساعة ـ نشر في 2022/09/15 الساعة 00:30
شاهدت لحظة اخراج الطفلة ملاك من تحت الأنقاض: لحظة فيها من الألم ما فيها... بذات الوقت فيها من الفرح ما فيها....
... بصراحة متناهية يا ملاك، أنا لا أعرف هل هذا العالم القذر الخالي من القيم يجرؤ أن يصل حد (بلل الفوطة) التي كانت على جسدك الأغر... نحن ياسيدتي يا ملاك .. بكل طهرنا صدقيني لن نصل حد ذرة من طهر (فوطتك).. فكرت في (الفوطة) يا قلبي لأي اطفالي كانوا في عمرك.. كنت اعرف معاناتهم إن لم تبدل، ما بالنا بطفلة بقيت تحت الركام لأكثر من (24) ساعة، من دون حليب ولا ماء ولا ضوء...
سيدتي ملاك..
إن لم تستفز الدولة لأجلك، لأجل طفلة مثل ورد نيسان ومثل طهر زمزم... لمن إذا تستفز؟.. للذين شيدوا من دمنا أسوار عبدون؟.. للذين كمشنوا وسمسروا وأقاموا ألف مهرجان للمجون.. ولم يقيموا لصمودك تحت الأنقاض وزناً...
يا ملاك..
غدا ستنتج (نتفلكس) عنك فيلم، وربما ستمنحك الدولة الفرنسية وسام الفارس النبيل ، غدا سيرى العالم لحظة انقاذك وسيذهل من صمودك .... ونحن، نحن يا ابنة الطمم وابنة القدر المتعب (والفوطة) المبللة.. سننشغل بالدفاع عن كل الخراب في هذا الوطن، سننشغل بالدفاع عن المناصب.. وعن القرار، ومالك العمارة سيكون الضحية حتماً.. سنترك هذا العري كله ولن نعترف به.. والأردن الذي كان وطنا للحياة والبنادق، سيصبح وطنا.. لطوي الملفات.. آه من الملفات المطوية يا ملاك...اعتذر يا سيدتي عن الفوطة التي بقيت أكثر من (٢٤) ساعة مبللة.. اعتذر لك عن انهيار القيم قبل العمارة، اعتذرلك عن الأردن الذي صغر كثيرا.. وكان بحجم الدنيا ... لقد اثبت لنا يا سيدة الحاضر والمستقبل يا محكمة التاريخ....أن (الفوطة المبللة).. كانت ربما... اسف لن أكمل لأن القيم هي الأخرى انهارت ... فما نفع المباني حين تنهار القيم..
مدار الساعة ـ نشر في 2022/09/15 الساعة 00:30