حل الغرف الصناعية والتجارية
قرر مجلس الوزراء في جلسته قبل أيام الموافقة على تنسيب وزير الصناعة والتجارة والتموين بحل مجالس إدارة الغرف الصناعية في المملكة اعتبارا من تاريخ 2/10/2022، وحل مجالس إدارة غرف التجارة في المملكة اعتبارا من تاريخ 6/11/2022، وذلك تمهيدا لإجراء انتخابات المجالس القادمة.
ويأتي هذا القرار الحكومي متوافقا مع أحكام كل من قانوني غرف الصناعة والتجارة، اللذين يجيزان لمجلس الوزراء حل الغرف وفقا لمقتضيات المصلحة العامة، على أن يشكل الوزير المعني لجنة مؤقتة لإدارة شؤون الغرف واتخاذ الإجراءات المناسبة لانتخاب مجالس جديدة.
وتتمثل أهمية هذا الإجراء في تكريس مبدأ المساواة بين المترشحين للانتخابات القادمة، إذ لا يعقل أن تتفاوت المراكز القانونية بين الراغبين في الترشح للانتخابات القادمة بين الأعضاء الحاليين في مجالس الغرف الصناعية والتجارية وأولئك الذين يودون خوض غمار المنافسة من خارجها. فبقاء أعضاء المجالس على رأس عملهم خلال فترة ترشحهم وخوضهم الانتخابات القادمة سيعطيهم ميزة وأفضلية في مواجهة جمهور الناخبين عن باقي المترشحين.
وبهذا القرار الحكومي تترسخ في النظام الانتخابي في الأردن قاعدة وجوب حل المجالس المنتخبة قبل إجراء الانتخابات بأنواعها وأشكالها المختلفة، ابتداء من مجلس النواب الذي دائما ما يثور النقاش الدستوري حول جواز بقاء المجلس القائم وتطبيق قاعدة "أن مجلس يسلم مجلسا". فالسوابق الدستورية تشير إلى أن جلالة الملك دائما ما يعمد إلى حل المجلس النيابي كخطوة تحضيرية لإجراء الانتخابات البرلمانية.
كما تتكرس هذه الممارسة الديمقراطية في مجالس المحافظات والبلديات وأمانة عمان، حيث يصدر القرار عن مجلس الوزراء بحل هذه المجالس قبل إجراء الانتخابات التالية، وإن كان مجلس أمانة عمان قد جرى انتخابه لأول مرة في عام 2022 في ضوء صدور قانون أمانة عمان الجديد رقم (18) لسنة 2021.
ويبقى الاختلاف الأبرز بين القانونين في أن قانون غرف الصناعة قد حدد في المادة (19/ب) منه مدة لا تزيد على تسعين يوما من تاريخ الحل لإجراء الانتخابات، على أن يثبت للوزير الحق في تمديد هذه المدة بحد أقصى تسعين يوما وفقا لما يراه مناسبا، في حين لم تتضمن المادة (20/ب) من قانون غرف التجارة مدة مماثلة لإجراء الانتخابات بعد الحل، وإنما تُرك الأمر لمجلس الوزراء لتحديد هذه الفترة.
وتجدر الإشارة في معرض الحديث عن انتخابات غرف الصناعة والتجارة إلى أن قانون غرف التجارة هو قانون مؤقت قد صدر في عام 2003، وأنه على الرغم من مرور قرابة العشرين عاما على إصداره لم يقم مجلس الأمة بإقراره وفق الأصول الدستورية.
لقد سبق للمجلس العالي لتفسير الدستور أن أفتى في قراره التفسيري رقم (2) لسنة 2012 أن المدة الممنوحة لمجلس الأمة لإقرار القوانين المؤقتة والمحددة في المادة (94) من الدستور بدورتين عاديتين متتاليتين يسري أثرها على القوانين المؤقتة التي صدرت بعد عام 2011. ومع ذلك، تبقى الحاجة ماسة إلى أن يبادر مجلس الأمة إلى إعطاء القوانين المؤقتة الحالية الأهمية القصوى، وأن يبسط رقابته التشريعية عليها، لكي ننتهي من ظاهرة القوانين المؤقتة التي لا تزال عالقة رغم مرور عقود طويلة على إصدارها من مجلس الوزراء.
ويتمثل القاسم المشترك بين قانوني غرف الصناعة والتجارة في أنهما قد صدرا قبل إنشاء الهيئة المستقلة للانتخاب، وأن كليهما لا يتضمنان أي إشارة إلى أن الجهة المختصة بإجراء الانتخابات هي الهيئة المستقلة للانتخاب. فقد جرى الاكتفاء بنصين قانونيين مفادهما أن مجلس إدارة كل غرفة صناعية وتجارية يتألف من أعضاء منتخبين من الهيئة العامة وفقا لأحكام القانون والأنظمة الصادرة بمقتضاه.
وبالفعل، فقد صدرت أنظمة خاصة لغرف الصناعة والتجارة، والتي جرى تعديلها في عام 2018 لصالح تضمينهما إشارات واضحة وصريحة لدور الهيئة المستقلة للانتخاب في إجراء انتخابات مجالس الغرف التجارية والصناعية وممثلي القطاعات فيها، وذلك بدلا من اللجان المركزية التي كانت تشرف على الانتخابات في السابق.
وعليه، فإن غياب أي إشارة في قانوني غرف الصناعة والتجارة لما تقوم به الهيئة المستقلة للانتخاب من إدارة انتخابات مجالس الغرف وممثلي القطاعات والاشراف عليها، يستدعي من مجلس الأمة أن يُعطي هذه القوانين الأولوية التشريعية، بحيث يتم تعديلها والنص صراحة على الدور الذي تقوم به الهيئة المستقلة في صلب هذه القوانين، ومن ثم الإحالة لأنظمة خاصة لتنظيم عملها الإشرافي على الانتخابات.
* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية
laith@lawyer.com