تاجر مخدرات “مرخص”
لا يكاد يخلو يوم إلا ونسمع خبرا عن ضبط كمية مخدرات، ولا يمر أسبوع إلا ونسمع عن اعتقال شبكة ترويج للمخدرات، ولا ينقضي شهر إلا وحالة قتل أو انتحار سببها تعاطي مخدرات.
الظاهرة أصبحت أكثر من مقلقة، وناقوس الخطر أضحى حقيقة نتعامل معها بشكل يومي، وبات خطر الإدمان يحصد أبناءنا أمام أعيننا ولا نستطيع ان نمنع وصوله.
في هذه المادة لن أتحدث عن مهربي المخدرات ولا عن مروجي الجوكر والحشيش؛ «بل» سأتحدث عن صرف الأدوية المخدرة والتي أصبح خطرها مثل تهريب المخدرات ولكن بشكل «مرخص».
خلال جلسة مع أعضاء من نقابة الأطباء جرى حديث عن صرف أدوية مخدرة بشكل مبالغ به من قبل بعض الأطباء وعن كتابة وصفات لاريكا وترامال بكميات كبيرة وعيارات عالية بحيث أصبح كتابة هذه الادوية مصدر دخل لبعض أصحاب النفوس الضعيفة أمام كشفية ببضع دنانير.
النقابة انتبهت لهذه الظاهرة وقامت بالتعاون مع الأمن العام ومؤسسة الغذاء الدواء بعمل وصفات خاصة تحمل اسم الطبيب ورقم هاتفه مع ذكر الاسم الكامل للمريض ومرضه؛ لكن مع كل ذلك بقي الانفلات وبقيت وصفات العلاجات المخدرة تباع من قبل قلة قليلة من الاطباء، لا بل اصبح دفتر الوصفات المخدرة يباع كاملاً بـ1500 دينار – حسب رواية عضو من النقابة-!
على إثر ذلك قامت النقابة بتحديد عدد معين من دفاتر الوصفات المخدرة لكل طبيب شهرياً ووضعت سقفا لصرف هذه الادوية بحيث لا يتعداه أي طبيب، لكن ومع ذلك؛ ما يزال الانفلات سيد الموقف بحيث أصبح يُكتب عدد أكبر من الحبوب من العيارات العالية جدا في كل وصفة للتحايل على تحديد عدد الدفاتر والوصفات.
المشكلة الأكبر؛ ان من يصرفون هذه الادوية يتاجرون بها؛ حيث تباع عبوة اللاريكا مثلا بـ70 دينار، علماً ان سعر العبوة وكشفية الطبيب لا تتعدى نصف هذا الرقم.
الدولة تحارب بكل طاقتها انتشار وتجارة المخدرات، ويدفع الامن العام والجيش أرواحهم في مواقف لمنع هذه الظاهرة الخارجية، لذلك نطالب الحكومة بأن تحارب هذه الظاهرة داخلياً، وتمنع ثلة قليلة من الإساءة لمهنة الطب وشرف المهنة.
الحل من وجهة نظري هو؛ تفريغ كل الوصفات المخدرة وعمل جدول بأسماء المرضى والاطباء الذين يصرفون هذه الادوية بحيث نعرف كميات الصرف لكل طبيب ومريض، وبذلك نضع يدنا على مصدر الخلل ونعالجه كي نقضي على ظاهرة تاجر المخدرات «المرخص».