كرامة الإنسان إطارا للسياسات
مدار الساعة ـ نشر في 2022/09/13 الساعة 23:19
في كلمته المهمة بافتتاح أعمال المؤتمر السنوي لدراسات الكرامة الإنسانية، طرح صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال، سؤالا من الممكن أن يعيد البوصلة إلى اتجاهها الحقيقي، وهو: كيف يمكن أن تصبح كرامة الإنسان إطاراً إرشادياً للسياسات؟
في حقيقة الأمر، يمكن لجميع البلدان والأنظمة أن تدعي أن سياساتها تنبع في الأصل من المصلحة الإنسانية، بما أنها تستهدف رفاه مواطنها في الأصل، وهو ادعاء صحيح من الناحية التجريدية، لولا أنه يصطدم في كثير منه بمصلحة النُخب أيضا، وهي التي أصبحت تسهم في سن التشريعات وتبني السياسات من أجل مصالحها، بعيدا عن التفكير في رفاه المجتمع، أو كرامته.
هذا من ناحية، أما من الناحية الأخرى، فهناك ما يشبه الجدران المشيدة بين الشعوب، فكل دولة تعمل في معزل تام عن جارتها، إذ أصبحت المصالح الضيقة هي ما يؤطر العمل المشترك، والذي أصبح يعاني من تهميش كبير حين التفكير فيه كإطار عالمي يجمع كل الشعوب تحت بوتقته.
الكرامة الإنسانية لم تكن حاضرة خلال جائحة كورونا، وقد رأينا كيف تم تهميش الشعوب الفقيرة، التي عانت كثيرا في الحصول على المطاعيم ضد الوباء، ففي نهاية العام الماضي، وبعد أكثر من عامين على بدء انتشار الوباء، أكدت منظمة الصحة العالمية، أنه تم تطعيم 3.07 % فقط من الأشخاص في البلدان منخفضة الدخل بجرعة واحدة على الأقل، مقارنة بـ60.18 % في البلدان ذات الدخل المرتفع، ما عزز من مسألة “قومية اللقاح”.
غير أن غياب الكرامة يتبدى في أكثر من مجال، فمراكز الدراسات العالمية تشير اليوم إلى أزمة غذاء بدأت بالتشكل، خصوصا مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وارتفاع أسعار الغذاء وأجور الشحن، وهي أزمة ستعاني منها الدول الفقيرة، وربما نشهد واحدة من أسوأ المجاعات على الكوكب، لا سيما مع وصول عدد سكان الأرض إلى 7.8 مليار نسمة.
في إطار آخر، ما تزال الحروب والنزاعات تشتعل في العديد من مناطق العالم، وربما شكلت منطقتنا أرضا خصبة لها خلال عقود طويلة. وفي الوقت الذي فشل فيه أنموذج الأمم المتحدة ومجلس الأمن الحالي بفرض الأمن العالمي، وبات لزاما تغييره نحو أنموذج أكثر عدالة، فإن الدول القوية لم تنجح في تشكيل ما يمكن تسميته “مجلس حكماء” يمكنه التدخل لإنهاء الحروب والنزاعات، بل في الغالب تمارس هذه الدول استقطابات لمصلحة طرف دون الآخر، تغذيها مصالحها الاقتصادية والتجارية. هذا الفشل ينبغي أن نتوقف عنده طويلا، وأن نعترف أن الأمم المتحدة بشكلها الحالي منظمة فاشلة، ولا تصلح لقيادة العالم، فمنظور القوة في فرض القرارات التعسفية على الدول أثبت أنه منظور ينتمي إلى العصور الوسطى.
في السياق نفسه، نرى اللامساواة في حق الحصول على التعليم، فقبل أيام قليلة تم الاحتفال باليوم العالمي لمحو الأمية، وقد أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) أن 773 مليون شاب وبالغ يفتقرون إلى المهارات الأساسية في القراءة والكتابة، وهؤلاء يتركزون في الدول الفقيرة.
أما الحصول على الرعاية الصحية، أو المياه النظيفة، فهناك شعوب بأكملها تفتقر إلى مثل هذه الحقوق الأساسية، وهو ما يجعل من مقولة “كوكب واحد.. وشعب واحد” تشبه الهزل، فبينما تتمتع شعوب بمعظم الحقوق والرفاهية، تغيب الأساسيات عن شعوب أخرى.
“الكرامة هي البحث عن التضامن الإنساني الذي يحترم التنوع والتعددية”، كما يقول سمو الأمير الحسن. من هذا الفهم يجب أن نسارع إلى بناء نظام عالمي يحتفي بالإنسان أولا وأخيرا، وأن نعمد إلى تعظيم المشتركات، لا إلى بث الفرقة وتغذية النزاعات والصراعات.
في حقيقة الأمر، يمكن لجميع البلدان والأنظمة أن تدعي أن سياساتها تنبع في الأصل من المصلحة الإنسانية، بما أنها تستهدف رفاه مواطنها في الأصل، وهو ادعاء صحيح من الناحية التجريدية، لولا أنه يصطدم في كثير منه بمصلحة النُخب أيضا، وهي التي أصبحت تسهم في سن التشريعات وتبني السياسات من أجل مصالحها، بعيدا عن التفكير في رفاه المجتمع، أو كرامته.
هذا من ناحية، أما من الناحية الأخرى، فهناك ما يشبه الجدران المشيدة بين الشعوب، فكل دولة تعمل في معزل تام عن جارتها، إذ أصبحت المصالح الضيقة هي ما يؤطر العمل المشترك، والذي أصبح يعاني من تهميش كبير حين التفكير فيه كإطار عالمي يجمع كل الشعوب تحت بوتقته.
الكرامة الإنسانية لم تكن حاضرة خلال جائحة كورونا، وقد رأينا كيف تم تهميش الشعوب الفقيرة، التي عانت كثيرا في الحصول على المطاعيم ضد الوباء، ففي نهاية العام الماضي، وبعد أكثر من عامين على بدء انتشار الوباء، أكدت منظمة الصحة العالمية، أنه تم تطعيم 3.07 % فقط من الأشخاص في البلدان منخفضة الدخل بجرعة واحدة على الأقل، مقارنة بـ60.18 % في البلدان ذات الدخل المرتفع، ما عزز من مسألة “قومية اللقاح”.
غير أن غياب الكرامة يتبدى في أكثر من مجال، فمراكز الدراسات العالمية تشير اليوم إلى أزمة غذاء بدأت بالتشكل، خصوصا مع اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وارتفاع أسعار الغذاء وأجور الشحن، وهي أزمة ستعاني منها الدول الفقيرة، وربما نشهد واحدة من أسوأ المجاعات على الكوكب، لا سيما مع وصول عدد سكان الأرض إلى 7.8 مليار نسمة.
في إطار آخر، ما تزال الحروب والنزاعات تشتعل في العديد من مناطق العالم، وربما شكلت منطقتنا أرضا خصبة لها خلال عقود طويلة. وفي الوقت الذي فشل فيه أنموذج الأمم المتحدة ومجلس الأمن الحالي بفرض الأمن العالمي، وبات لزاما تغييره نحو أنموذج أكثر عدالة، فإن الدول القوية لم تنجح في تشكيل ما يمكن تسميته “مجلس حكماء” يمكنه التدخل لإنهاء الحروب والنزاعات، بل في الغالب تمارس هذه الدول استقطابات لمصلحة طرف دون الآخر، تغذيها مصالحها الاقتصادية والتجارية. هذا الفشل ينبغي أن نتوقف عنده طويلا، وأن نعترف أن الأمم المتحدة بشكلها الحالي منظمة فاشلة، ولا تصلح لقيادة العالم، فمنظور القوة في فرض القرارات التعسفية على الدول أثبت أنه منظور ينتمي إلى العصور الوسطى.
في السياق نفسه، نرى اللامساواة في حق الحصول على التعليم، فقبل أيام قليلة تم الاحتفال باليوم العالمي لمحو الأمية، وقد أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) أن 773 مليون شاب وبالغ يفتقرون إلى المهارات الأساسية في القراءة والكتابة، وهؤلاء يتركزون في الدول الفقيرة.
أما الحصول على الرعاية الصحية، أو المياه النظيفة، فهناك شعوب بأكملها تفتقر إلى مثل هذه الحقوق الأساسية، وهو ما يجعل من مقولة “كوكب واحد.. وشعب واحد” تشبه الهزل، فبينما تتمتع شعوب بمعظم الحقوق والرفاهية، تغيب الأساسيات عن شعوب أخرى.
“الكرامة هي البحث عن التضامن الإنساني الذي يحترم التنوع والتعددية”، كما يقول سمو الأمير الحسن. من هذا الفهم يجب أن نسارع إلى بناء نظام عالمي يحتفي بالإنسان أولا وأخيرا، وأن نعمد إلى تعظيم المشتركات، لا إلى بث الفرقة وتغذية النزاعات والصراعات.
مدار الساعة ـ نشر في 2022/09/13 الساعة 23:19